من ذلك استمرت أمريكا في تزكية نيران الصراعات المسلحة في منطقتنا. والتعامل الأمريكي مع ظاهرة الإرهاب يعاني من إزدواجية معايير واضحة، والوضع السوري هو النموذج الأمثل لتناقض واشنطن في معالجة الإرهاب، الذي لا تعوقه حدود. فأمريكا ليست لديها سياسة واحدة تجاه دول المنطقة، بل سياسات متعدّدة، وذلك تبعاً لمصالحها ولم يعد سراً على الإطلاق أن واشنطن دعمت وأرسلت المسلّحين المتطرفين إلى سوريا، بهدف تدمير سوريا ولتحقيق مكاسب سياسية واستراتيجية في هذا البلد.
وتؤكد صناعة الحرب اليوم أن أمريكا تربعت فوق عرش الفائزين بمليارات الدولارات من الخزائن السورية، من خلال سرق مادتي النفط والحبوب بشكل يومي بالتواطؤ مع «قسد» المدعومة من أمريكا، وإخراجها عبر معبر الوليد غير الشرعي إلى العراق، ومن ثم بيعها هناك. حيث أخرجت العشرات من الشاحنات المحملة بالقمح من صوامع قرية تل علو في ناحية اليعربية بريف الحسكة الشرقي، واتجهت إلى معبر الوليد غير الشرعي فيما توالى خروج باقي الشاحنات لتهريبها إلى شمال العراق للمتاجرة بها.
وتزامنا مع هذه المستجدات الأخيرة، تتمسك أمريكا بالسيطرة على مناطق معينة في سورية، لضمان استمرار سرقة نفطها والتحكم بالممرات البرية في شرق سورية لذلك تحاول واشنطن تبرير سرقتها للنفط ، بذريعة محاربة الإرهاب ، بينما أعلن الرئيس الأمريكي نفسه أكثر من مرة أنه يريد النفط السوري، من الواضح أن هذا التخبط في سياساته الخارجية ليس بالأمر الجديد. كما ترى أمريكا في تواجدها شرق سوريا ورقة يمكن أن تستخدمها لتأمين مصالحها في أي تسوية للأزمة السورية مستقبلاً، بعد آن فقدت كل أوراقها هناك بفضل صمود الجيش العربي السوري.
من العار أن يصمت العالم على هذا التهافت لسلب الخيرات السورية في وضح النهار من هذه الدولة ، التي أثبتت أنها أكثر خطراً واختراقاً للقانون الدولي من «داعش» نفسها التي تدعي محاربتها بإقدامها على حماية عمليات التهريب للنفط السوري، الأمر الذي قد يفتح المجال لإطلاق حركة مقاومة، جل عناصرها من أبناء المنطقة. مثلَما حدث بعد الاحتلال الأمريكي للعِراق ليجد الأمريكي نفسه أمام حرب عصابات عجز أمامها عن تحقيق أهدافه الاحتلالية، وبذلك لن يكون هناك موطئ قدم للاحتلال ومتطرفيه من خلال صمود أبناء الشعب السوري.
و... نتمنى أن يتوقف التدخل الأمريكي في شؤون سوريا الداخلية، وأن يحصل اتفاق على إنهاء ظاهرة الميليشيات والقوى المتطرفة المتفاقمة، ولا بد من وقف كل أشكال الدعم الغربي لهذه المجموعات في سوريا ووقف ضخ الإرهابيين بالمال والسلاح . ومن هنا كانت الرسالة التي نقلها الشعب السوري لكل من يهمه الأمر، واضحة لا لبس فيها، قالت الرسالة: « نحن نحب هذا البلد، ومهما كانت المتاعب والصعوبات، التي نعانيها فيه، لن نسمح بتخريبه، أو تدميره أبداً، فسوريا يعشقها السوريون، ولن يفرطوا أبداً في استقرارها وهدوئها، وكما نجح أبناؤها في حرب تشرين التحريرية سينجحون في طرد الإرهاب وأدواته من سوريا».