فكرية وثقافية وسياسية. جاء ذلك في ندوة خاصة عقدت بمقر نقابة الصحفيين التونسيين لعرض كتاب «القضية الفلسطينية بين الكفاح الوطني والكفاح الفكري لمؤلفه د. فؤاد الفخفاخ . ويبين الكاتب من خلاله بأن قضية فلسطين قضية كل انسان عربي وأنها تضرب بجذورها بعيدا في الوجدان العربي العام. ويؤكد بان القضية الفلسطينية أم القضايا العربية وجوهرها، وقد انشغل بها العرب قادة وشعوب حتى صارت محورا لخلافاتهم ومصدرا لتضامنهم وبسببها قامت ثورات وانقلابات ووقعت حروب ومعارك وحصلت عداوات وتحالفات بحيث يمكن القول انها أصبحت احد العناصر الدينامية السياسية الرئيسية في الوطن العربي .
وقد اختار الكاتب والأستاذ في المعهد العالي للغات بتونس أن يروي في مقدمة مؤلفه قصته مع فلسطين، وهي في الحقيقة قصة كل عربي مؤمن بأن بوصلته ستتجه دائما نحو فلسطين. ويقول :«ان الكتاب ثمرة نقاشات مثمرة مع نشطاء فلسطينيين وثمرة بحث متواصل وجاء في قسمين، الأول يتحدث عن الكفاح الوطني الفلسطيني وتحديد المفاهيم المتعلقة بذلك وأهمية القضية الفلسطينية ودوافعها كما يتعرض إلى الحلول المقترحة . في حين يتحدث القسم الثاني عن الكفاح الفكري، ويعدّ الأدب الفلسطيني جزءا لا يتجزأ من هذا النضال المتعدد الأشكال والذي يصبّ في سبيل هدف واحد وهو تحرير الأرض وإعادة الحقوق وحماية الذاكرة الوطنية والفلسطينية من أكاذيب الاحتلال» .
و يعد الكتاب مرجعا هاما يتناول أهم المحطات التاريخية التي مرت بها القضية الفلسطينية وجذورها التاريخية .
وعن أهمية صدوره اليوم في خضم موجات التطبيع المجانية التي تشهدها المنطقة يجيب د. الفخفاخ لـ«المغرب» بالقول: «هذا الكتاب صدر في سياق موضوعي تاريخي متميز ، يقترن أولا بما يسمى بصفقة القرن التي أبرز نتائجها لهث بعض الدول العربية نحو التطبيع مع الكيان الاسرائيلي دون ان يؤدي الى نتائج إيجابية لا الى الدول المطبّعة مع اسرائيل ولا الى الفلسطينيين أنفسهم ، فهناك خسارة مضاعفة من الجانبين والرابح الوحيد من التطبيع هو الكيان الإسرائيلي والامبريالية الامريكية».
من جهته ، اعتبر الدبلوماسي الفلسطيني هشام مصطفى «ان هذا المجهود مهم حتى لا ننسى تاريخنا وثوابتنا وحتى تصل المعلومات إلى الأجيال القادمة وحتى نصمد أمام قوى الاستعمار والعنصرية وان زمن فرض الهيمنة بالسيطرة والقوة والقمع والهيمنة انتهى» . ويضيف :«ولا بد من إيجاد الطرق المناسبة لفرض حقوق الشعوب بالحرية والتحرر والعيش بسلام» .
اما الناشط الفلسطيني سيف الدين الدريني فقال ان أهمية الكتاب تكمن بأنه تحسيسي في زمن الخذلان والنسيان العربي وذلك من أجل الاضاءة لزوايا كثيرة في مسيرة النضال الفلسطيني ، مبينا بأن نشر كتاب بهذا الحجم في تونس مهم جدا لأن القضية الفلسطينية يُنظر اليها كقضية خاصة بالشعب الفلسطيني ويجب التضامن معه وهي قضية وجدان عربي أيضا. مبينا بان الأهم من الوجدان المعرفة بتفاصيل القضية وهي منذ الأساس ليست قضية الشعب الفلسطيني وحده بل الهدف منها -مثلما ذكر المؤلف في كتابه- يتعلق بقضية وتوجه استعماري في المنطقة وبالتالي هي أهداف استراتيجية شاملة تفوق قدرة إسرائيل وتفوق الحسابات المحلية. ويتابع «ان أي دولة عربية لن تستطيع ان تحقق الديمقراطية والتنمية المرجوة اذا لم تحل القصية الفلسطينية لان الكيان الإسرائيلي صُمم لا فقط لفلسطين بل لتوازن القوى مع العالم العربي والشرق الأوسط ككل».
اما الصحفي ناجي بن جنات فأكد لـ«المغرب» ان كل عمل ابداعي حول القضية الفلسطينية انتصار لهذه القضية المركزية. وانه مهما تعاظم تهميش هذه القضية خاصة خلال العشرية الأخيرة فإن كل عمل ومؤلف وكتاب هو بمثابة شمعة تضاء في عتمة الواقع العربي الغائم الذي حوّل القضية الفلسطينية الى قضية ثانوية . وقال ان الفخفاخ قد انتصر للقضية الفلسطينية كتابة وقد خصص جزءا هاما من مؤلفه للحديث عن المقاومة بالإبداع والفكر وذلك أمر مهم في زمن التناسي وتهميش القضية الفلسطينية سواء عن قصد او عن غير قصد . ويتابع بالقول :» هذا اسهام فكري لإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية في الوعي الجماعي والوجدان العام العربي باعتبار انها هي قضية كل عربي» .
ويؤكد هذا الكتاب بان تونس ستبقى منتصرة لكل القضايا العادلة وأولها قضية الشعب الفلسطيني وأن الحق الفلسطيني لن يسقط كما يتوهم الكثيرون .