شهدت العاصمة طرابلس استهداف موكب وزير داخلية حكومة تصريف الأعمال باشاغا عبر إطلاق نار مباشر من طرف مجهولين تلاه قدوم مجموعات مسلحة تابعة لمجلس شورى درنة وبنغازي من الزاوية إلى طرابلس وسيطرتها على الساحة الخضراء ومقر وزارة الداخلية.
من جهته قال وزير الداخلية الليبي فتحي باشأغا إنه نجا من محاولة اغتيال «مخططة جيدا» يوم الأحد وقد أطلق خلالها مسلحون النار على ركب سياراته في العاصمة طرابلس رغم تشكيك قوة مسلحة قالت إن أفرادها كانوا طرفا في ذلك في روايته. وأضاف باشأغا وفق «رويترز» أن سيارة بدأت في التعدي على موكبه وفتح أشخاص داخل السيارة النار، مما أدى إلى تبادل لإطلاق النار قتل فيه أحد حراسه وأحد المهاجمين. وقال إنه لم يكن حادثا وقع بطريق الصدفة وإنما كانت العملية مخططة جيدا، مضيفا أن حراسه طاردوا السيارة التي انقلبت وأنهم اعتقلوا شخصين أحدهما مطلوب لدى الشرطة.
وتتالت ردود الأفعال الدولية والأممية المستنكرة لمحاولة اغتيال باشاغا، كما أصدر المجلس الأعلى للدولة بيانا دعا فيه إلى ضبط النفس وسرعة التحقيق وكشف ملابسات الحادثة. الجدير بالتنويه أن باشاغا سبق أن تعرض لمحاولة اغتيال بنفس الطريقة أي من خلال استهداف موكبه، ومع اتفاق منتدى الحوار السياسي بتونس وجنيف على خارطة طريق واختيار سلطة تنفيذية جديدة ورغم سقوط القائمة التي تواجد فيها باشاغا تواصل الرفض من مليشيات طرابلس لوجود المعني بالحكومة الجديدة .
وحسب التسريبات فان رئيس الحكومة المكلف عبد الحميد دبيبة يتجه للمحافظة على بعض الوزراء من حكومة فايز السراج ومن ضمنهم باشاغا ليكلف مجددا بحقيبة الداخلية. سيناريو رفضته كذلك مليشيات طرابلس والزاوية رغم الضمانات التي قدمها المعني وتصريحاته بأنه سوف يحرص على توحيد الأجهزة الأمنية ويتعاون مع أصحاب النوايا الحسنة لكن تلك المليشيات استمرت في رفض تكليف باشاغا بالداخلية. في المقابل يرى مراقبون بان دبيبة وحتى بعثة الأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا شبه مضطرة لمنح الداخلية لباشأغا لارتباطه بصفة غير مباشرة بموضوع فتح الطريق الساحلي باعتبار أن المليشيات التي تغلق الطريق الساحلي بين سرت ومصراتة محسوبة على فتحي باشاغا» وهي مليشيا حطين والمليشيا المتواجدة معها مليشيا الصمود التابعة لصلاح بادي وهي من مصراتة وبالتالي تدعم باشاغا. بمعنى آخر دون منح باشاغا حقيبة الداخلية بالحكومة الجديدة سوف لن يفتح الطريق الساحلي . رهان يؤكد على مدى تعقد الأزمة الليبية فرغم توخي الأمم المتحدة أسلوب توزيع المسؤوليات بالمحاصصة والترضيات إلا أن بعض الأطراف القوية النافذة على الميدان مازالت تصرّ على عرقلة التسوية السلمية للصراع.
أهمية تنفيذ خطة الترتيبات الأمنية
خصص اتفاق الصخيرات الموقع في 2015 بندا صريحا ضمن ملحق الأحكام الإضافية لخطة الترتيبات الأمنية كذلك المؤتمرات الدولية حول ليبيا إلى تنفيذ خطة الترتيبات الأمنية في طرابلس وباقي المدن، غير أن حكومة السراج لم تنجز شيئا في الأمر، وعلى العكس من ذلك أعطت الشرعية لأغلب المليشيات بما فيها المتطرفة والتي تنعتها الولايات المتحدة بالمليشيات « العنيفة» ، وقد طلبت واشنطن من السراج بإعلان فك الارتباط بتلك المجموعات لكنه لم يفعل. من ضمن تلك المليشيات العنيفة أو المتطرفة نجد ما يعرف بمجلس شورى درنة وبنغازي التي حاربها الجيش الليبي التابع لرئاسة أركان الحكومة المؤقتة وانتصر عليها وطرد من بقي منها من برقة والجنوب فاستقرت عند أطراف مصراتة ثم اتجهت إلى غرب ليبيا انطلقت من الزاوية لتهاجم طرابلس وتسيطر على الساحة الخضراء وتطلق عناصرها النار في الهواء قبل أن تقتحم مقر داخلية حكومة تصريف الأعمال.
علما أن مليشيا مجلس شورى درنة وبنغازي موالية لتنظيم القاعدة الإرهابي ويوجد من بين منتسبيها عناصر إرهابية من جنسيات عربية مختلفة. المحصلة أن أي تأخير من مجلس الأمن في إرسال فريق المراقبين الدوليين إلى طرابلس على وجه التحديد سوف يجعل الوضع الأمني قابل للتصعيد في لحظة، سيما مع التوتر الموجود بين مليشيات طرابلس ومصراتة ورفض الأخيرة الخروج من العاصمة.
اللافت في الموضوع أن طيفا واسعا من المهتمين بالشأن الأمني في طرابلس يؤكدون على عدم أهمية إرسال فريق المراقبين الدوليين في شكل قوة مدنية والزج بهم وسط مليشيات مسلحة تتصارع على النفوذ والمواقع.
يرى هؤلاء أن الأجدر إرسال قوة حفظ سلام من دول غير متدخلة في ليبيا بمعنى استبعاد مصر وفرنسا وروسيا وتركيا، إضافة إلى ذلك الجدية والصرامة في التعامل مع الأطراف المعرقلة للتسوية السلمية وتوفير مناخ آمن للسلطة التنفيذية الجديدة لمباشرة عملها من داخل طرابلس والتجهيز لانجاز الانتخابات العامة المبرمجة نهاية العام الحالي 2021، ودون ذلك قد يتكرر مشهد ما عرفته حكومة السراج مع حكومة دبيبة حتى لو صادق عليها مجلس النواب.