وأعلن رئيس الحكومة الجديد على تشكيلة حكومية تضم 23 وزيرا منهم 8 نساء. من بين الوزراء المعينين سياسيين من الأحزاب البرلمانية و«تقنيين» من المجتمع الاقتصادي.
أظهر ماريو دراغي ، الشخصية غير السياسية التي ترأست البنك المركزي الإيطالي(من 2006 إلى 2011) ثم البنك المركزي الأوروبي (من 2011 إلى 2019)، حنكة سياسية عالية مكنته من فرض حلوله لإخراج البلاد ن الأزمة السياسية و الاقتصادية و الصحية التي تتخبط فيها. وأقنع الأحزاب من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار بالوقوف جانبه لإنقاذ البلاد. وتمكن من تشكيل فريق حكومي يضم شخصيات كانت في الماضي غير البعيد «أعداء» تربط بينهم علاقات متشنجة وتسابق شرس على السلطة.
دراغي، قائد السفينة الإيطالية
خلافا لما كان عليه رئيس الوزراء المستقيل جوزيي كونتيه الذي كان منسقا لعمل الحكومة أكثر من رئيس لها، فرض ماريو دراغي نفسه بشرط أن يكون القائد الحقيقي للسفينة الحكومية.وقام بموجب ذلك بتعيين الوزراء في حكومته دون التفاوض في شأنهم مع الأحزاب و اختار شخصيات حزبية و كفاءات معتدلة اشترط فيها أن تساند المشروع الأوروبي. وكان من جراء ذلك أن وجد مع الأحزاب توازنا – ربما يكون هشا في المستقبل– مكنه من تعيين 15 وزيرا سياسيا ينتمون إلى مختلف الأحزاب التي لم ترغب في هذه الظروف الصعبة أن تبقى خارج الحلبة السياسية، و8 وزراء مستقلين من «التقنيين» تابعين مباشرة له سوف يتحملون مسؤولية تنفيذ الإصلاحات الضرورية التي نادت بها المفوضية الأوروبية في إطار الدعم المالي المقدم للبلاد من قبل الإتحاد الأوروبي. وعين بموجب ذلك في الاقتصاد دانيالي فرنكو المدير العام للبنك المركزي والعالم الفيزيائي روبارتوسينغولاني للتحول الإيكولوجي و فيتوريوكالاو رئيس شركة فودافون السابق لقيادة وزارة التجديد الرقمي و إنريكوجيوفانيني لوزارة البنية التحتية مع فرض رئيسة المجلس الدستوري السابقة مارتا كارتابيا في وزارة العدل.
حكومة سياسية
تعيين «تقنيين» على رأس أهم الوزارات الإصلاحية لا يعني بالضرورة أن الحكومة غير سياسية. فقد حرص ماريو دراغي على تحييد الآليات السياسية التي تمكنه من تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الأساسية وتعيين شخصيات غير ملتزمة حزبيا للخروج من المعارك السياسية السلبية. وأبقى على الشخصيات السياسية النافذة في أحزاب الإئتلاف مثل لويدجي دي مايو (5 نجوم) في الخارجية ولورنزو غيريني (الحزب الديمقراطي) في وزارة الدفاع ولوشيانالامورغيزي في الداخلية. وحصل جيانكارلوجيورجيتي، ثاني شخصية وغريم سالفيني في حزب الرابطة، على وزارة التنمية الاقتصادية.
و قام ماريو دراغي بتوزيع باقي الحقائب على الأحزاب المشاركة في خطة الحكومة الجديدة مع مراعاة التوازن حسب حجمهم في البرلمان والتزام الوزراء بالخطة الحكومية. فمنح كل من حزب الرابطة و حزب فورسا إيطاليا 3 حقائب لكل منهما و4 حقائب لحزب 5 نجوم.كما حصل حزب «إيطاليا الحية» لرئيس الحكومة الأسبق ماتيورانزي على وزارة التناصف و العائلة. وسوف يشارك في الحكومة، في مناصب كتاب دولة، شخصيات من حزب «أوروبا والعمل».
وسوف يعمل ماريو دراغي، المعروف بشغفه للعبة الشطرنج، على ضمان التحكم في تركيبة حكومية تنتمي إلى أحزاب تصارعت لمدة طويلة على الحكم ولم تفلح في ضمان الاستقرار الحكومي. وهو الرهان الحقيقي أمام رئيس الحكومة الجديد الذي أظهر تعاملا حازما مع وسائل الإعلام التي لم تتمكن من الحصول على أي معلومة من فريق رئيس الحكومة قبل أن يصل إلى تحقيق اتفاق شامل ويعلن عنه بنفسه. مؤشر إيجابي بالنسبة لما كانت عليه الحياة السياسية الإيطالية من انقسامات وتسريبات تدخل جميعها في إطار التطاحن والتسابق على السلطة. هذه المرة سوف يجد السياسيين رجلا سياسيا على رأس الحكومة حصن موقعه مع رئيس الدولة سارجيوماتاريلا الذي كانت له كلمة حاسمة في تعيين بعض الوزراء والذي أصبح الحكم في المعادلة السياسية بعد إخفاق الأحزاب في إدارة جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية المستفحلة.
حكومة «وحدة وطنية» في إيطاليا بقيادة ماريو دراغي: ثلاثة ملفات على الطاولة: جائحة كورونا والنمو الاقتصادي و التحول الإيكولوجي
- بقلم زين العابدين بن حمدة
- 11:20 15/02/2021
- 501 عدد المشاهدات
نجح ماريو دراغي بعد مشاورات مع الأحزاب دامت خمسة أيام في ضمان أغلبية في البرلمان لتشكيل حكومة جديدة إيطالية.