عبر ما يعرف بـ «قانون قيصر»والذي يفرض عقوبات طويلة الأمد على مختلف الجوانب الاقتصادية وخلق طرق بديلة لإسقاط دمشق وتحقيق أهداف أمريكا وأدواتها في المنطقة.
اللافت هنا، أن سوريا تعاني من أزمة كبيرة في المشتقات النفطية كالغاز والمازوت والبنزين، والمواطن بأمس الحاجة لنفط بلاده، بينما تصر تركيا على سرقته من حقول النفط الواقعة على الضفة اليمنى للفرات، أو حقول بمحيط الرقة السورية وهو ينقل ليلا بصهاريج إلى شمال غرب سوريا، ومن ثم إلى بلدة إعزاز السورية ومنها إلى الريحانية التركية، ليتم توريد النفط لاحقاً إلى ميناءي ديورتيول واسكندورنة، حيث يتم شحن جزء من النفط على متن سفن وإرساله إلى الخارج للتكرير، أما كميات النفط المتبقية، فيجري تسويقها في السوق التركية الداخلية، في هذا السياق تضم منطقة شرق الفرات أكثر من 90% من النفط السوري، والذي كان تنظيم داعش يستخدمه كوسيلة تمويل إبان سيطرته على المنطقة قبل أن يتم طرده منها.
إذا كان هناك شيء واحد يميز السياسة التركية بشكل عام فهو الاتساق، والذي لا يحتاج إلى مجهود لملاحظته،خاصة بعد أن اقترح الرئيس أردوغان على الولايات المتحدة الأمريكية إنشاء المنطقة الآمنة على الحدود السورية التركية بتمويل من عائدات النفط السوري الذي تضع الولايات المتحدة يدها عليه، كما تجاهل أردوغان كل الحلول المناسبة للأزمة السورية واتجه نحو حله المفضل «السطو على ثروات الجيران» طامعاً في أن تكون آبار البترول السورية ملجأه من أزمة بلاده الاقتصادية.
منذ بدء الحرب على سوريا، فضحت تقارير إعلامية دولية عديدة قيام تركيا بشراء النفط السوري بأثمان زهيدة خلال فترة سيطرة الدواعش، ولم يخف أردوغان رغبته في مشاركة الأمريكان «إدارة حقول النفط السورية شرق الفرات» مدعياً رغبته في استخدام العوائد في إعادة بناء البلاد، كما طالب المجتمع الدولي باستخدام عوائد النفط السوري في توطين اللاجئين السوريين، لكن في الحقيقة لم تكن هذه الطلبات سوى تمهيد تركي لضمان إدارة آبار النفط السورية من خلال الشركات التركية وضمان احتكار المكاسب الاقتصادية.
وتزامنا مع هذه المستجدات الأخيرة،تتمسك تركيا بالسيطرة على مناطق معينة في سوريا، لضمان استمرار سرقة نفطها والتحكم بالممرات البرية في شرق سورية لذلك يحاول أردوغان تبرير سرقته للنفط ، بذريعة محاربة الإرهاب ، بينما أعلن أردوغان في أكثر من مرة بأنه يريد النفط السوري، من الواضح أن هذا التخبط في سياساته الخارجية ليس بالأمر الجديد، كما ترى أنقرة في تواجدها شرق سورية ورقة يمكن أن تستخدمها لتأمين مصالحها في أي تسوية للأزمة السورية مستقبلا، بعد آن فقدت كل أوراقها هناك بفضل صمود الجيش العربي السوري.
إجمالاً... يتعين على الحكومة السورية استعادة السيطرة على جميع المنشآت النفطية في شمال شرق سورية، لأن شعب سورية يدرك أن أمن وطنه واستقراره «خطان أحمران» لا يمكن تجاوزهما لأن من أغوتهم دعوات الفوضى والتخريب، تعلموا من التجارب المريرة أن التفريط في الوطن خيانة كبرى، لذلك سيبقى أمن الوطن واستقراره فوق كل اعتبار، وسيواصل الشعب دعم جيشه وقيادته لاستكمال خط العبور إلى مستقبل عريض، يأبى الشرفاء التفريط فيه.
وأختم بالقول: إن العدوان الذي تقوده تركيا وعملاؤها أقوى دليل على الحقد الذي يملأ صدور تلك العصابة التي تقتل السوريين وتسرق نفطهم وتحتل أراضيهم وتدعم انقسامه، وبوقاحة لا مثيل لها تتحدث عن دعم الشعب السوري.