إلى الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا في منتصف جانفي 2020 وقد قدم غسان سلامة تشخيصا دقيقا للمشهد السياسي والعسكري، وضع سياسي يتسم بالانقسام والتشرذم، وعبث سياسي ومشهد عسكري متأزم وحرب طرابلس تجاوزت شهرها الثامن، وأكد غسان سلامة على ضرورة وقف التدخلات الخارجية وسمي دولا من الجوار والاقليم بالاسم كأطراف مغذية لتأجيج الوضع في ليبيا، وكان واضحا ان غسان سلامة كان يشعر بحالة من الاحباط.
عسكريا أكدت تقارير وجود على مرتزقة روس بجانب قوات حفتر كما أكدت تقارير أخرى لاحقة إرسال أنقرة لإعداد كبيرة من المرتزقة السوريين لدعم حكومة الوفاق ودافعت تركيا عن عن تدخلها باعتبار ان الجهة التي طلبت الدعم هي جهة معترف بها دوليا، وقد عملت أنقرة على إيجاد شرعية لتدخلها المباشر وإرسالها للمدربين عسكريين وضباط لليبيا .فجاء توقيع مذكرة التفاهم العسكرية الاقتصادية التي أثارت الجدل وصعدت الخلاف بين مصر واليونان وقبرص وفرنسا من جهة وتركيا من جانب اخر.
في غضون ذلك ارتكبت اقوات التابعة للوفاق انتهاكات لحقوق الإنسان وتصفية جسدية لجنود أسرى من قوات حفتر، كما ارتكبت عناصر من قوات حفتر انتهاكات ولم تسلم من تلك الانتهاكات مراكز إيواء المهاجرين غير الشرعيين، وقد عملت الأمم المتحدة على اقناع حفتر بسحب قواته من محيط طرابلس ومدن غرب البلاد غريان وقاعدة الوطنية ولاحقا مدينة ترهونة، وذلك ماحصل فعلا، شرط عدم استهداف تلك القوات المنسحبة من المليشيات، غير أن مليشيات تابعة لأسامة جويلي خالفت الاتفاق واقتحمت مستشفى غريان وقامت بتصفية عسكريين جرحى وتكرر المشهد أيضا في ترهونة، توقفت حرب طرابلس وجاءت مبادرة الحوار .
استقالة غسان سلامة
وكانت المفاجأة بإعلان غسان سلامة عن الاستقالة لأسباب صحية وقد قبلها الأمين العام للأمم المتحدة وكلف مجلس الأمن الدولي مساعدة للشؤون السياسية ستيفاني وليامز بالانابة. وقد احتضنت مصر مفاوضات عسكرية لضباط عن السراج وحفتر، في ذات الوقت احتضنت المملكة المغربية لقاءات لوفدي مجلس النواب والأعلى للدولة.
أعلن عقيلة صالح عن مبادرة لحل الأزمة بأن تكون سرت عاصمة مؤقتة للدولة، لكن المبادرة لم تنل حظها باعتبار تزامنها مع مبادرة وخطة أمريكية، حل منزوع السلاح يشمل الجفرة وسرت بمعنى إيجاد منطقة جغرافية واسعة السلاح فيها للفصل بين طرفي الاقتتال، في غضون ذلك انتقلت مفاوضات اللجنة الأمنية المشتركة للتوافق على وقف إطلاق النار الي جينيف وبعد جولتين من المفاوضات جري التوقيع على اتفاق في الغرض في الثالث والعشرين من اكتوبر2020،على أن تواصل تلك اللجنة المشتركة 5 +5 أعمالها من الداخل الليبي وفعلا ذلك ما كان لمناقشة تنفيذ بنود الاتفاق.
الحوار السياسي
في ذات الوقت أطلقت الأمم المتحدة حوارا سياسيا وأسمته منتدى الحوار السياسي جمع 75مشاركا من أقاليم ليبيا التاريخية وتم الاختيار على جينيف كمكان للحوار، لكن فيما بعد تم اختيار تونس. وقد أنجزت الجولة الأولى واثمرت الاتفاق على إجراء انتخابات عامة في 24ديسمبر 2021، فيما استحال انتزاع توافق بين المشاركين للتوافق على آلية لاختيار السلطة التنفيذية الجديدة، أشرفت ستيفاني وليامز على 7 جولات لذات الحوار السياسي وفشلت في احراز تقدم في تنفيذ خارطة الطريق، ومما زاد من تعقيد الوضع أمام ستيفاني فشل اجتماعات أعضاء مجلس النواب عند اجتماعهم في المغرب حيث اتفقوا على عقد جلسة جامعة للبرلمان بغدامس لكن انسحاب نواب برقة وبالذات تغيب عقيلة صالح أوجد أشكال قانونيا-دستوريا، مما حال دون انجاز المطلوب وكان متوقعا للجلسة الجامعة للبرلمان تغيير رئاسة مجلس النواب. أمام هذه العراقيل لجأت ستيفاني للخطة- ب - عبر انشاء اللجنة القانونية لتهيئة ظروف انجاز الانتخابات العامة وقد باشرت تلك اللجنة عملها.
ملادينوف يعتذر عن قبول تعينه على رأس البعثة الاممية
في مطلع ديسمبر قدمت ستيفاني وليامز احاطتها الدورية أمام مجلس الأمن الدولي واثنت على اتفاق الحوار السياسي على تحديد موعد انجاز الانتخابات العامة وعلى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع ملاحظته ان الاتفاق هش، وطالبت بوقف التدخلات الخارجية ونبهت الليبيين لتداعيات الوجود العسكري الأجنبي حوالي 10قواعد اجنبية وآلاف المرتزقة. بعد تلك الجلسة وافق مجلس الأمن الدولي على رسالة الأمين العام للأمم المتحدة بتعيين البلغاري نيكولاي ملادينوف ممثلا خاصا له في ليبيا واعادة هيكلة البعثة بإيجاد منصب جديد اي منصب منسق يعمل تحت إشراف الممثل الخاص،لكن نيكولاي اعتذر عن قبول التعيين، لتواصل ستيفاني المهمة، على أمل تحقيق المنشود.
توقف عمل اللجنة العسكرية المشتركة5+5
المنجز الوحيد خلال هذا العام هو بلا شك وقف إطلاق النار ونجاح العسكريين في إسكات البنادق، من خلال لجنة العشرة توقف بسبب عدم سحب الطرفين لقواتهما من خطوط التماس ورفض فتح الطريق الساحلي وتأخير سحب المرتزقة من الطرفين، كما تم تسجيل خروقات من قوات حفتر والسراج، لتاتي خطوة أنقرة تمديد نشر قواتها في ليبيا لفترة 18شهرا اضافيا، لتمثل انتكاسة كبيرة لاتفاق وقف إطلاق النار وإعلان حفتر عن اعتبار التواجد العسكري التركي احتلالا لبلاده وجب مجابهته.
كل السيناريوهات واردة
سوف تعمل الأمم المتحدة على انجاز الانتخابات في موعدها المقرر وسوف تشكل الحكومة الموحدة والمجلس الرئاسي أو يقع تجميد وتقتصر السلطة التنفيذية على حكومة موحدة مع توحيد المؤسسات السيادية او تفرض اسماء َمعينة لتمثل المجلس الرئاسي مع ضمان تواجد السراج وعقيلة صالح في المشهد. السيناريو الثاني اندلاع الاقتتال مجددا والمكان الهلال النفطي، لكن هذا السيناريو يبدو مستبعدا بسبب التطورات الأمنية في طرابلس عودة هيثم التاجوري للساحة وعودة صراع المليشيات. السيناريو الثالث وهذا متوقع ووارد في حال فشل المسار السياسي وعدم تعيين عقيلة صالح علي راس الرئاسي هو اعلان برقة الانفصال، سيما وان عدة أصوات من برقة تطالب بالانفصال.
حيال هذه الضبابية وفشل متجدد للأمم المتحدة يراهن عموم الشعب الليبي على هبة للعقلاء والأعيان والنخب لتدارك الوضع وانقاذ ليبيا. في هذا السياق برزت مؤخرا مبادرة من تنظيم الصالون الثقافي لشعب ليبيا بمنظمة نبض ليبيا للسلام والتنمية التي تديرها السيدة ليلى محمد السويسي وتمخض البيان عن طلب سحب المرتزقة وتوحيد المؤسسات السيادية ومطالب أخرى ليبقى أمل الليبيين بمختلف المكونات ان يتمكنوا في العام الجديد من لمّ الشتات والتوافق على كل نقاط الخلاف