وسط شد وجذب واتهامات متبادلة بين القوى السياسية المختلفة حول المتسبب الحقيقي في تدهور الوضع الإقتصادي في البلاد علاوة على المظاهرات الشعبية المتزايدة والتي تطالب بالتغيير والإصلاح والقطع مع منظومة فاسدة .
وقد وصل سعر الصرف في السوق السوداء ، إلى 1350 دينارا عراقيا مقابل دولار واحد، على الرغم من استمرار بيعه في مزاد العملة للبنك المركز العراقي بقيمته السابقة، التي تصل إلى 1191.5 دينارا عراقيا مقابل الدولار الواحد.ويربط متابعون للمشهد العراقي التطورات الأخيرة والتي باتت أشبه بأزمة مالية حادة بعد حالة من الجدل والشكوك بعد إقرار مشروع قانون ميزانية يحتوي على بنود وتفاصيل كانت محور خلاف واسع داخل الساحة السياسية العراقية وصلب كتل البرلمان وفي الشارع، إذ تداولت وسائل إعلام عراقية وتقارير وجود استقطاعات وخصومات طالت مرتبات الموظفين مما يدلّ على نية لخفض الرواتب والأجور ، وهو ماقد يزيد من شحن غضب الشارع ، فضلا عن خفض قيمة سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار بنحو 30 % عن قيمته السابقة.
وخفض البنك المركزي في العراق قيمة الدينار مقابل الدولار الأمريكي، وذلك في استجابة للضغوط الاقتصادية المتزايدة، التي من بينها تراجع أسعار النفط.وحدد البنك «سعر الصرف الرسمي الجديد عند 1460 دينارا مقابل الدولار الواحد، بدلا من 1182 دينارا للدولار، ما يخفض القيمة الرسمية للعملة بنحو الخُمس.»
وقال البنك المركزي إن «القرار اتخذ بعد تزايد الأزمة الاقتصادية والتحديات التي تواجه الاقتصاد العراقي في ظل استمرار تفشي فيروس كورونا.وأضاف في بيان أن الإخفاقات السياسية، التي تعود إلى أكثر من 15 عاما، أدت إلى تفاقم الأزمة، مشددا على أن الخفض سيكون لمرة واحدة ولن يتكرر، وأنه يهدف إلى دعم المالية العامة ومتطلبات الإنفاق العام».
صعوبات متعددة
هذا وتواجه الحكومة العراقية الجديدة بقيادة مصطفى الكاظمي تحديّات عدة سواء على الصعيد الإقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي والأمني بدءا بعودة نشاط تنظيم «داعش» الإرهابي في البلاد بعد أشهر من إعلان الإنتصار عليه بالتزامن مع تخبط سياسي رافق انطلاق عمل الحكومة الجديدة وتزامنا مع معضلة مواجهة وباء كورونا وما تعيشه البلاد من صعوبات إقتصادية حادة.
ويراهن العراق كغيره من الدول العربية على مرحلة جديدة من العلاقات والدعم الأمريكي بعد انتخاب الرئيس الديمقراطي جو بايدن خلفا للرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب .
يشار إلى أن العراق أكد أنّ الولايات المتحدة الأمريكية بدأت سحب قواتها من 15 قاعدة عسكرية متواجدة على الأراضي العراقية ، وذلك إثر تصويت جريء قام به مجلس النواب العراقي في شهر جانفي المنقضي صادق خلاله على قرار يتضمن إلزام الحكومة العراقية بإلغاء طلب المساعدة المقدم منها إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي، وإلزام الحكومة العراقية بإنهاء تواجد أي قوات أجنبية على الأراضي العراقية.
وتضع التطورات العسكرية التي شهدتها المنطقة العربية منذ استهداف أمريكا للجنرال سليماني وردّ إيران بقصف قاعدتين عسكريتين في العراق ، تضع هذه التطورات العراق أمام خيارات محدودة أولهما السير قدما في قرار إخراج القوات الأجنبية وتحمل ما يترتّب عن ذلك من نتائج ، أو حصر دور القوات الأجنبية في تدريب القوات الأمنية العراقية ومساعدتها على ملاحقة «الدواعش» وذلك يتم بالعودة إلى قرار سبق طرحه أمام البرلمان العراقي وينصّ على ذلك.
ورغم أنّ الحكومة العراقيّة ذهبت إلى الخيار الأول رغم ما قد يترتب عنه من تنفيذ أمريكا لتهديداتها بفرض عقوبات قاسية على العراق ، يرى البعض أنّ هذا القرار قد يضع العراق في مسار جديد لإعادة ترتيب بيته داخليا وخارجيا والنأي بنفسه عن التجاذبات الخارجية وحماية سيادته من الانتهاكات المتكررة.
وتبعا لهذا التوتر الذي ساد العلاقات الأمريكية العراقية في عهد الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب ، يؤكد متابعون أن السلطات العراقية تراهن على تسجيل تغير في سياسة أمريكا تجاه العراق في ظل حكم بايدن ، وذلك بعد 4 سنوات من الشد والجذب بين الطرفين خاصة وأن العراق كان أرضا لمعركة مباشرة تارة وغير مباشرة تارة أخرى بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها من جهة وإيران وأذرعها من جهة أخرى.