الأزمة تلو الأخرى. فقد علّق المحقق العدلي في قضية انفجار مرفإ بيروت فادي صوان التحقيقات لعشرة أيام بعد أن تقدم وزيران سابقان ادعى عليهما بمذكرة يطلبان فيها بنقل الدعوى إلى قاض آخر. وكان المحقق العدلي قد وجّه ادعاءه في العاشر من الشهر الجاري الى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين، هم وزير المالية السابق ووزيري الأشغال السابقين ويوسف فنيانوس، إلا أن أيا منهم لم يمثل أمامه في جلسات حددها لاستجوابهم كـ«مُدعى عليهم».
ومن الواضح أن هناك مسؤولية أخلاقية وسياسية تتحملها الحكومة بغض النظر عن المسؤول المباشر عن الانفجار خاصة ان التحقيقات كشفت ان أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المواد المتفجرة دون ان يتحركوا أو يتخذوا القرارات العاجلة لمعالجة هذه المشكلة . وهذا ما دفع هؤلاء المسؤولين الى تقديم طلب لنقل الدعوى إلى قاض آخر.
وقد فتح هذا الادعاء الجدل واسعا في لبنان حول أحقية الجهة المخوّلة بملاحقة رئيس الحكومة والوزراء والنواب في قضية المرفإ وذلك بتهمة التقصير في معالجة ملف تخزين نترات الامونيوم في المرفإ، والتسبب بوفاة وجرح مئات الأشخاص. في هذه الفاجعة التي هزّت بيروت والعالم وأدت الى مقتل أكثر من
مقتل مائتي شخص، وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح. يجب ان لا تمرّ الحادثة دون محاسبة عادلة ودون تحميل كل من أهمل واجباته السياسية والأخلاقية والإدارية والتقنية المسؤولية كاملة عن كل نقطة دم سالت في ذاك اليوم في شوارع بيروت وبللت أرضها الجريحة. ولعل تلكؤ وضعف مسار التحقيق أغضبا الشارع اللبناني وأججا مخاوفه بشأن مآل هذه التحقيقات.
ينتظر اللبنانيون منذ أشهر الحقيقة كاملة في ملف تفجير المرفإ كما انتظروا قبلها لسنوات طويلة عشرات الملفات المتعلقة بالاغتيالات السياسية لعل أخطرها ملف اغتيال الزعيم اللبناني رفيق الحريري الذي أغلق الستار عنه بعد انتظار قرابة 16 سنة بمتهم وحيد لا يغني ولا يسمن من جوع .