الذي يصادف اليوم الخميس. ومنذ اعلان الرئيس الفرنسي في تصريح له عن «إصراره على الرسوم الكاريكاتورية» المسيئة للرسول ، تصاعدت موجة الاستياء العربي والإسلامي اكثر فأكثر وتحولت الى ما يشبه الصراع «القديم الجديد» بين العالمين الإسلامي والغربي .
ويبدو ان الرئيس الفرنسي ماكرون قد قدّم بهذه التصريحات -بكل ما حملته من استفزاز للمسلمين-، هدية مجانية للرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي كان ولا يزال يبحث عن «زعامة إسلامية « في العالم العربي والإسلامي .
اردوغان والبحث عن الزعامة
فمع إصرار المتحدث باسم الحكومة الفرنسية غابريال أتال امس على أن فرنسا «لن تتراجع أبدا عن مبادئها وقيمها» رغم «محاولات زعزعة الاستقرار والترهيب»، منوها بـ«الوحدة الأوروبية الكبيرة» حول قيمها في مواجهة انتقادات تركيا ودول مسلمة حول الرسوم الكاركاتورية للنبي محمد، لم يدخر أردوغان فرصة وجهدا لمزيد تسجيل النقاط لدى بعض المؤيدين له ولسياساته في المنطقة ، محاولا أن يبرز نفسه مدافعا شرسا عن الإسلام وكأن نبي المسلمين في أزمة او انه بحاجة الى دعم الرئيس التركي. فقال في خطابه الأخير» لا يمكن أن يكون المسلم إرهابيًا ولا الإرهابي مسلمًا..
وأشار إلى أن العالم يمر بمرحلة انتشر فيها العداء للإسلام والمسلمين والإساءة للرسول كالسرطان الخبيث وخاصة بين السياسيين الأوروبيين. وحول تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضد الإسلام، قال أردوغان: « لا تستحق فرنسا وأوروبا بشكل عام السياسات الشريرة والاستفزازية والقبيحة التي ينتهجها ماكرون ومن ينتمون لنفس عقليته». وأكد أن من يناصبون العداء للإسلام وتركيا سيغرقون في مستنقع الحقد والكراهية الذي دخلوه باسم الحرية، معتبرًا أن هذه إشارات عودة أوروبا إلى العصر الهمجي.
خطاب اردوغان كان مليئا -أيضا- بتذكير الاوربيين بالانتهاكات الكبيرة التي ارُتكبت في عدد من البلدان مثل رواندا وغيرها وفي بعض الدول الافريقية مذكرا بان هذه الدول تسعى للوصول الى الثروات الطبيعية في افريقيا لا اكثر ولا أقل» .
صحيح ان ربط الإسلام بالإرهاب خطأ فرنسي وهفوة ارتكبها الرئيس الفرنسي سواء عن عدم ادراك او غير ذلك، الا ان اردوغان يبدو انه عرف جيدا كيف يقطف ثمار هذا الصراع المتجدد في العالم على الهوية والدين. اذ يرى كثير من المراقبين ان حملة مقاطعة البضائع الفرنسية في عدد من الدول كانت لصالح البضائع التركية. فوجدت تصريحات ماكرون متنفسا لأردوغان الباحث عن النفوذ والقوة وعن استرجاع «أمجاد» الخلافة العثمانية في المنطقة.
صراع المصالح والنفوذ
وتلعب تركيا اليوم أدوارا كبيرة مشبوهة في عدد من البلدان منها سوريا وليبيا و آخرها الصراع بين أذربيجان وأرمينيا في منطقة القوقاز. وقد دخلت أنقرة في منافسة مباشرة مع فرنسا في عديد الملفات . ولئن كانت الأطماع التركية في هذه البلدان واضحة وجلية، الا ان الدفاع عن الإسلام والمسلمين فرصة ذهبية تضاف الى اردوغان ليطرح نفسه من جديد زعيما في العالم الإسلامي .
وهذا ما دفعه الى تقديم شكوى للنيابة العامة بأنقرة، ضد مسؤولي مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية، بسبب نشرها لرسم كاريكاتيري مسيء له. وقام محامي أردوغان، بتقديم الشكوى باسم أردوغان إلى النيابة العامة في أنقرة، ضد كل من رئيس التحرير، والرسام الكاريكاتوري لدى المجلة الفرنسية، بتهمة «الإساءة إلى رئيس الجمهورية.»وأكد استدعاء الشكوى على أن الإساءة التي قامت بها «شارلي إيبدو» لا تندرج ضمن حرية تعبير الصحافة، لكونها تنتهك حريات الأفراد.
وفي خضم كل هذه التطورات وصراع المصالح التركية الفرنسية، يبدو ان حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية واستبدالها بالتركية بدأت تجد أصداء كبيرة في عديد من بلدان المنطقة على غرار الكويت، التي انطلقت منها حملة للمقاطعة احتجاجا على نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للإسلام وللنبي محمد، وهذه الحملة الشعبية التي بدأت على الفيسبوك تتواصل بوتيرة أعلى، مما يؤشر الى ان تركيا ستحصد اقتصاديا ثمن هذه المعركة «على الهوية والدين.
تركيا وفرنسا ... صراع الهويات والمصالح والسياسة
- بقلم روعة قاسم
- 09:42 30/10/2020
- 725 عدد المشاهدات
ما زالت موجة الغضب تجتاح العالم الإسلامي احتجاجا على إعادة نشر الرسوم المسيئة للاسلام والنبي محمد ،وذلك بالتزامن مع ذكرى المولد النبوي