الداخل اللبناني وعلى المستوى الإقليمي والدولي خاصة وأن الحريري استقال إثر ثورة شعبية دعت للإطاحة به وبفريقه الحكومي نتيجة الوضع الإقتصادي والإجتماعي المتردي الذي مرت به البلاد منذ سنوات طويلة .
وأعلنت الرئاسة اللبنانية في بيان لها بعد انتهاء لقاءات عون مع الكتل النيابية: «بعد أن أجرى رئيس الجمهورية الاستشارات النيابية الملزمة وبعد أن تشاور مع دولة رئيس مجلس النواب وأطلعه على نتائجها، استدعى فخامة الرئيس عند الساعة الواحدة والنصف السيد سعد الدين الحريري لتكليفه بتشكيل الحكومة».
وحاز الحريري، المرشح الوحيد للمنصب، على 65 صوتا، حسب الرئاسة. فيما امتنع 53 نائبا عن التسمية.ويتألف مجلس النواب من 128 عضوا، مع وجود ثمانية نواب مستقيلين لم يشاركوا في الانتخابات.ومباشرة بعد إعلان الرئاسة، وصل الحريري إلى القصر الرئاسي في بعبدا للقاء رئيس الجمهورية.
من جهته قال رئيس الوزراء اللبناني المُكلف سعد الحريري، أمس الخميس، أنه سيشكل حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين في أسرع وقت.وأوضح الحريري في مؤتمر عقب تكليفه بتشكيل الحكومة: «سأشكل حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين، وسأنكبّ على تشكيل الحكومة بسرعة لأن الوقت داهم وهذه هي الفرصة الأخيرة».وأضاف: «الحكومة الجديدة ستكون مهمتها تطبيق الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية الواردة في ورقة المبادرة الفرنسية، التي التزمت بها الكتل الرئيسية في البرلمان بدعم الحكومة لتطبيقها».
هل فشلت الثورة؟
ويأتي تكليف الحريري من جديد بتشكيل الحكومة الجديدة بعد عام من استقالته رضوخا لمطالب المتظاهرين ضد الفساد والمحسوبية وتصاعد حدة الإضطرابات الشعبية انذاك مع العلم أن هذه هي المرة الرابعة التي يرأس فيها الحريري الحكومة اللبنانية الأولى كانت في عام 2009، ثم الثانية في عام 2016، قبل أن تنهار حكومته الثالثة التي تشكلت في عام 2018 على وقع احتجاجات شعبية في محاولة لإمتصاص الغضب الشعبي ليتم بعد أشهر تكليف حسان دياب بتشكيل حكومة جديدة لم تصمد بدورها أمام صعوبة المشهد اللبناني ونقمة الشارع على الطبقة السياسية. وشكّل حسان دياب حكومته في 11 فيفري الماضي، بعد استقالة حكومة سعد الحريري اثر احتجاجات شعبية في 29 أكتوبر 2019. ويعيش لبنان تراكمات جدية على كافة الأصعدة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا كما زادت في عزلته الداخلية وأثرت على المستوى المعيشي الداخلي، كما جعلت -وفق مراقبين- شبح الإفلاس يتهدّد بلد الأرز ويحيط به نتيجة الوضع المالي المتدهور وانهيار الليرة اللبنانية وصعوبة التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بهدف الحصول على دعم مادي ينقذ البلاد من خطر الإفلاس.
إلا ّ أنّ حكومة دياب بدورها لم تصمد بعد الإنفجار المريع الذي هز مرفأ بيروت في سبتمبر المنقضي والانتقادات الحادة التي واجهتها الحكومة التي أعلنت بعد ساعات قليلة من الإنفجار عن استقالتها ليعود لبنان إلى مربع الفراغ من جديد. وقد أدى الوضع الجاد والخطير في لبنان إلى استنفار داخلي وخارجي كبير وسط دعوات قادتها فرنسا لإنقاذ بلد الأرز من النفق المظلم الذي يتهدده . وعقب استقالة حكومة دياب تم تكليف مصطفى أديب السفير السابق في ألمانيا بتشكيل حكومة وذلك بعد أن أطاح انفجار مرفإ بيروت المريع، في سبتمبر المنقضي بسلفه حسان دياب.
ضغوطات الداخل والخارج
وتعقيبا على إعادة تكليف الحرير قالت الرئاسة اللبنانية أن ذلك تم بعد حصول الحريري على غالبية أصوات النواب في الاستشارات النيابية التي أجراها الرئيس ميشال عون. ويرى متابعون للشأن اللبناني أنه كان لفرنسا دور كبير في الضغط على الأطراف السياسية اللبنانية لإعادة تكليف الحريري برئاسة الحكومة الجديدة، وذلك بهدف تنفيذ المبادرة السياسية لإنقاذ الوضع في لبنان والتي أعلنتها باريس خلال زيارة ايمانويل ماكرون لبيروت.
ويواجه لبنان هذه الآونة -إضافة إلى الأزمة الاقتصادية الخانقة- تخبطا سياسيا حادا وسط حديث عن تصدع مثير للقلق داخل المشهد السياسي المرتبك والذي يعاني منذ عقود من هنات خطيرة قد تدخل البلاد في نفق مظلم في حال فشل الحريري مجددا في تشكيل حكومة ترضي كافة الحساسيات السياسية في لبنان.
وتعود إلى الواجهة مخاوف من عودة التشنج الشعبي الذي قد ترافقه احتجاجات اجتماعية غاضبة ستزيد من تفجر المشهد الداخلي خاصة مع استمرار المطالب بضرورة إرساء حكومة تلبي احتياجات الشعب دون خلفيات طائفية ولا دينية وهو ما يعتبر صعبا في ظل طبيعة التعدد السياسي الغالب في لبنان من مختلف الطوائف والديانات وفي ظل واقع إقليمي تحكمه الاستقطابات السياسية الحادة ما يجعل بقاء لبنان محايدا أمرا صعب الحدوث.
لبنان والاستقطابات السياسية الحادة: إعادة تكليف الحريري بتشكيل حكومة رغم الثورة الشعبية التي أطاحت به
- بقلم وفاء العرفاوي
- 11:53 23/10/2020
- 682 عدد المشاهدات
أثار تكليف الرئيس اللبناني، ميشال عون يوم أمس ، زعيم تيار المستقبل سعد الحريري مجددا بتشكيل الحكومة ،ردود أفعال متباينة في