الخاصة بلبنان قرارها الذي برأّت من خلاله ثلاثة من المتهمين في قضية الاغتيال ينتمون لحزب الله اللبناني في خطوة فاجأت الأوساط اللبنانية المؤيدة لفريق 14 آذار والمعارضة لحزب الله وأنصاره في لبنان. خاصة انهم كانوا عشية اصدار القرار يطالبون أنصارهم بالحذر وضبط النفس تحسبا لقرار المحكمة وفي مقدمتهم عائلة الحريري وابناؤه.
ما يقارب الـ 800 مليون دولار ميزانية هذه المحكمة التي تأسست في 1 مارس 2009، بناء على طلب قدمته الحكومة اللبنانية إلى الأمم المتحدة. والمحكمة هيئة قضائية مستقلة تضم قضاة لبنانيين ودوليين. وليست محكمة تابعة للأمم المتحدة ولا جزءاً من النظام القضائي اللبناني، غير أنها تحاكم الناس بموجب قانون العقوبات اللبناني. كما أنها المحكمة الأولى من نوعها في تناول الإرهاب بوصفه جريمة قائمة بذاتها. وتشكل المساهمات الطوعية 51 % من تمويلها، ويساهم لبنان بنسبة 49 في المائة. وقالت المحكمة الخاصة إنه لا يوجد دليل على ضلوع قيادة جماعة حزب الله الشيعية اللبنانية أو الحكومة السورية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005. بعد ان كانت قد اتهمت أربعة من أعضاء حزب الله بالتخطيط للتفجير ولكن الحزب نفى مرارا هذه الاتهامات.
وتجدر الإشارة الى ان المحكمة ومنذ تأسيسها ظلت تتعرض لانتقادات وشكوك بشأن مدى موضوعية أحكامها . واليوم تخرج الى العلن دون أية نتيجة فعلية او أدلة مؤكدة بشأن ماهية من خطط ونفذ هذا العمل الإرهابي . فقد أعلنت بشكل واضح انه لا دلائل تفيد تورط ثلاثة من المقربين من حزب الله في العملية ، كما ان قائمة المتهمين لديها منذ بداية التحقيق لم تتضمن الإشارة الى «إسرائيل» .رغم ان الأمين العام لحزب الله كان قدم قبل سنوات في خطاب تلفزي ما أسماه بأدلة قد تفيد التحقيق تؤكد تحليق طائرات الكيان الصهيوني فوق مكان الجريمة قبل حدوثها في حركة غير عادية.
وكانت شرائح لبنانية عديدة تترقب الحقيقة والعدالة لروح شهيد لبنان رفيق الحريري ، فحزب الله كان مصرا على كشف براءة المتهمين وابعاد اية تهمة تحاول ان تورط المقاومة اللبنانية بصراعات لبنان الداخلية والإقليمية ،خاصة ان الحزب يتعرض لضغوطات خارجية وداخلية كبيرة وهناك حملة من قبل مناوئيه لشيطنة الحزب. في حين ان بعض خصوم الحزب كانوا يريدون توظيف قرار المحكمة من أجل محاصرته واضعافه داخليا وتأليب الرأي العام اللبناني ضده ، فاليوم لا عزاء لهؤلاء بعد قرار المحكمة والذي تبين أنها استندت منذ البداية الى اتهامات سياسية لا قرائن او دلائل تدعمها . ويرى كثيرون ان هناك محاولات لتوريط حزب الله قانونيا بأزمات لا طائل من ورائها سوى توجيه الأنظار عن العدو الحقيقي والمعركة الحقيقية ضد «إسرائيل» في فلسطين المحتلة .
جاء قرار المحكمة الخاصة بلبنان في ظل ظرف صعب يعيشه بلد الأرز بعد انفجار مرفإ بيروت وما خلفّه من دمار هائل وضحايا بالآلاف وسط حالة من التجييش الشعبي والغضب غير المسبوق ضد السلطة ممثلة برئيس الجمهورية ميشال عون . وكانت هناك مخاوف من ان يؤدي قرار المحكمة الى اشعال حرب أهلية جديدة بسبب فرضية تورط حزب الله اللبناني بهذه الجريمة ، لكن قرار المحكمة الصادر أمس أسدل الستار عن هذه المسرحية السياسية التي صدقتها شرائح لبنانية عديدة كانت تريد معرفة الحقيقة ونسيت ان الحقيقة الوحيدة في تاريخ الاغتيالات في لبنان هي ان جرائم الاغتيالات السياسية في هذا البلد مقترنة بعدالة مؤجلة لا تتحقق.