الرأي العام الدولي وتفعيل دور المجتمع الدولي لنصرة قضايا الأسرى الذين يحتجزون بشروط حياتية غير إنسانية ولا أخلاقية . مشيرا في حديث خاص لـ«المغرب» بالمراسلة الى أن عدد الأسرى الشهداء تجاوز الـ 223 أسيرا استشهدوا نتيجة التعذيب والإهمال الطبي والقتل العمد في بعض الأحيان. وطالب بتشكيل طاقم حقوقي دولي متخصص لإجبار إسرائيل على الانصياع للمواثيق الدولية التي تضمن حقوق الأسير الواقع تحت الاحتلال. وقال انه لا بد من تفعيل النضال الدبلوماسي والشعبي في إطار وحدة الصف الفلسطيني وتفعيل كل أدوات وأسباب القوة الفلسطينية لمواجهة مخططات الضم وصفقة القرن. مشيرا الى أنّ ما تحاول بعض الدول العربية القيام به من خلال التقرب والتطبيع مع «إسرائيل» خطأ استراتيجي قاتل . يشار الى ان أسامة الأشقر» من بلدة صيدا شمال مدينة طولكرم، وهو مسجون في سجون الاحتلال منذ عام 2002، حيث يمضي حكماً بالسجن بثماني مؤبدات و50 عاماً.
• لو تحدثونا عن ظروف اعتقالكم في سجون الاحتلال ؟ وكيف هي يومياتكم بين جدران المعتقلات؟
بخصوص ظروف اعتقالنا فلن أكون تقليدياً في إجابتي ففي سجون الاحتلال أكثر من ستة آلاف أسير فلسطيني وهم يعيشون ظروفاً في غاية الصعوبة خصوصاً إذا ما علمنا أن هناك أكثر من سبعمائة حالة مرضية منها الأمراض الخطيرة والمزمنة، أيضاً هناك كبار السن الذين تتجاوز أعمارهم ستين عاماً وكذلك هناك الأسيرات الأمهات المصابات اللواتي أصبن برصاص الاحتلال أثناء اعتقالهن، كذلك هناك ظروف صحية ومعيشية صعبة جداً خصوصاً مع تصاعد الإجراءات الإسرائيلية في ظل تطرف الحكومات الإسرائيلية المتعاظم، برغم ذلك يستطيع الأسرى الفلسطينيون صناعة الأمل وتربيته من خلال خلق ظروف حياتية تناسبهم فلدينا داخل الأسر أنظمة وقوانين وهيئات قيادية تدير الحياة الاعتقالية اليومية من أصغر القضايا حتى أكبرها . ونحن ومنذ عشرات السنوات ننظم حياتنا بشكل شبه مستقل فلدينا علاقاتنا اجتماعية مميزة تبرز أثناء الأعياد وحالات الأفراح والأحزان حيث المشاركة الجماعية من مختلف الأسرى في هذه المناسبات المختلفة.
• كيف هي وضعية المعتقلين في سجون الاحتلال خاصة في ظل جائحة كورونا ؟
نحن مجتمع متكامل كأي مجتمع آخر تخيلي أن هناك قرية كبيرة يوجد فيها ما يقارب ستة آلاف شاب بأفكار مختلفة وطموحات مختلفة وهوايات مختلفة، لذلك لدى الأسرى يكون اليوم مختلف كل حسب اهتمامه فمنا من يبدأ يومه مباشرة بعد العد الصباحي حيث يقوم بلعب الرياضة وينظم وقته ما بين الدراسة والقراءة والواجبات اليومية المختلفة ومنا من لديه اهتمامات أخرى كتنمية هواية ما أو غير ذلك، وكل ذلك محكوم طبعاً بقيود السجن وإجراءات إدارة سجون التي تحاول بشكل دائم خلق حالة من التوتر والضغط وعدم الاستقرار، في المقابل فالأسرى كلٌ بطريقته يخلقون الظروف الحياتية التي تناسبهم وتتطابق مع شخصياتهم وطموحاتهم.
ومنذ بداية انتشار وباء كورونا قامت إدارة السجون بأخذ مجموعة من الإجراءات التي هي في حقيقة الأمر عقابية ولكنها مغلفة بمحاولة منع انتشار الوباء داخل السجون، فقامت بمنع الذهاب للمشافي الخارجية للعلاج ومنعت زيارات الأهالي وهي التي تمنع أصلاً أي تواصل مع الأهل بحجج أمنية واهية لذلك فالمعاناة المتواصلة تضاعفت بسبب الإجراءات الجديدة فاحتياجات الأسرى اليومية والحياتية بازدياد وإدارة السجون تحاول التملص من التزاماتها تجاه الأسرى، وكلما مضى الوقت ازدادت الخطورة أكثر وكذلك احتياجات الأسرى خاصة وأن الفحوص الطبية أكدت إصابة اثنين من الأسرى بفيروس كورونا وهناك خطورة حقيقية تهدد حياة الأسرى المرضى والكبار بالسن.
• برأيكم كيف يمكن تفعيل أوجه النضال القانوني والحقوقي على الصعيد الدولي لإعطائكم حقوقكم وحريتكم من قبضة الاحتلال؟
منذ سنوات طويلة تقوم مجموعة من المؤسسات المحلية والدولية ببعض التحركات على الصعيد القانوني سواء على صعيد المحاكم الإسرائيلية أو على الصعيد الدولي لكن هذه الجهود بقيت مبعثرة وغير متكاملة . لذلك فالخطوة الأهم اليوم هي توحيد الجهود المختلفة من خلال برنامج عمل موحد لأهداف قصيرة وبعيدة المدى تكون قادرة على إثارة الرأي العام الدولي وتفعيل دور المجتمع الدولي لنصرة قضايا الأسرى الذين يحتجزون بشروط حياتية غير إنسانية ولا أخلاقية حتى أن عدد الأسرى الشهداء تجاوز ال 223 أسيرا استشهدوا نتيجة التعذيب والإهمال الطبي والقتل العمد في بعض الأحيان، لهذا نطالب بتشكيل طاقم حقوقي دولي متخصص لإجبار إسرائيل على الانصياع للمواثيق الدولية التي تضمن حقوق الأسير الواقع تحت الاحتلال.
• كيف ترون اليوم وسائل مواجهة مخططات الضم الصهيونية وصفقة القرن؟
منذ أكثر من شهرين قمت بنشر مبادرة مقاومة خطة الضم الإسرائيلية وتم نشرها بالعديد من الصحف والمواقع الفلسطينية والعربية وتمت مناقشتها داخل الهيئات القيادية العليا لحركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية . ولا زلت أرى في هذه المبادرة نقاطا هامة يمكن الاستفادة منها حيث تضمنت عشر نقاط شملت النضال الدبلوماسي والشعبي في إطار وحدة الصف الفلسطيني وتفعيل كل أدوات وأسباب القوة الفلسطينية لمواجهة مخططات الضم وصفقة القرن حيث إن الشعب الفلسطيني قادر على إسقاطها كما أسقط كل الخطط والمؤامرات السابقة.
• كيف ترون اليوم مستقبل القضية الفلسطينية في ظل المخاطر التي تهددها ؟ خاصة امام محاولات اسرائيل التغلغل في المنطقة من بوابة التطبيع؟
المرحلة الحالية التي يعيشها الشعب الفلسطيني من أخطر المراحل التي مرت عليه على مدار المئة عام الماضية. فالناظر المتبصر للحال العربي يرى حالة التراجع الشديد للدعم والمساندة العربية لقضية فلسطين. فقد استطاعت القوى الداعمة لـ«إسرائيل» بطريقة مدروسة ممنهجة صرف الأنظار عن هذه القضية ومن ثم خلق حالة من اللغط والتجاذب حولها لتحويلها من قضية إجماع عربي لقضية خلاف . حيث بدأنا نسمع بعض الأصوات المنادية بالتخلي عن الشعب الفلسطيني وقضيته والتطبيع مع إسرائيل. وهنا تكمن الخطورة فلطالما كان الغطاء العربي والإسلامي والدولي عاملاً حاسماً وسنداً حقيقياً لشعبنا، لذلك كان لا بد من إثارة نقاش حقيقي حول محاولات اختراق الوعي العربي واستبدال المفاهيم على طريق إسقاط كل المحرمات ، لجعل هذا الكيان حقيقة طبيعية في هذه المنطقة. وقد تقدمت بمبادرة خاصة بهذا الشأن للمثقفين العرب يمكن الاطلاع عليها. فما تحاول بعض الدول العربية القيام به هو خطأ استراتيجي قاتل ستدفع هي ثمنه في النهاية فالاعتقاد بأن التخلي عن الشعب الفلسطيني يجلب لها الاستقرار ويفتح لها أبواب واشنطن ويساهم في رقيها وتقدمها اعتقاد خاطئ أثبتته التجارب فالهدف الإسرائيلي أبعد وأشمل من احتلال فلسطين فقيام «إسرائيل» بالعبث بالشؤون الداخلية العربية وتغذية وتعزيز الصراعات ليس الهدف منه فلسطين وشعب فلسطين فحسب، بل إن الهدف بعيد المدى هو بناء إبقاء حالة الاختلاف والتناحر بين مختلف الدول العربية لتبقى «إسرائيل» واحة الديمقراطية والأمن والسلام والازدهار في المنطقة لكي تقول لكل دول العالم بأنها بوابة الشرق الجديدة وبدون هذه البوابة لن تستطيع دل العالم تحقيق مصالحها في هذه المنطقة.
• تابعنا في المدة الأخيرة المؤتمر المشترك لحركتي فتح وحماس فهل يمكن الحديث اليوم عن بداية مصالحة وإنهاء الانقسام ؟
الحقيقة الثابتة هي أن الشعب الفلسطيني يقيم على أرضه وكل يوم يمر يزداد رسوخاً وتجذراً وأن المنعطفات الصعبة والمؤلمة التي مرت بها القضية الفلسطينية في العقد الأخير كانت ارتدادات لما يحصل بالإقليم من تجاذبات وصراعات وهذه الفترة الأليمة سيتجاوزها الشعب الفلسطيني وسيعلو على الجراح فما يعانيه وما يواجه شعبنا يجعله أكثر تمسكاً بالوحدة الوطنية التي هي الطريق والممر الإجباري لإقامة الدولة الفلسطينية وقد أدركت حركتا فتح وحماس هذه الحقيقة مؤخراً ونأمل أن تكون هذه هي البداية لإعادة اللحمة للوطن وللشعب الفلسطيني .
• كيف يمكن دعم قضيتكم العادلة وما هي انتظاراتكم من هيئات المجتمع المدني والنضال الشعبي من أجلكم ؟
نحن بحاجة ماسة فعلاً لتكاثف الجهود ولرفع الصوت عاليا من مختلف المنظمات والهيئات والجمعيات الداعمة لحقوق الإنسان بشكل عام وللحق الفلسطيني بشكل خاص. فـ«إسرائيل» تجاوزت كل الخطوط الحمراء بالتعامل اللا إنساني مع أبسط الحقوق الممنوحة للأسرى في مختلف دول العالم . فمئات الأمثلة تدل على عنصرية بشعة لا مثيل لها بالتعامل مع الأسرى الفلسطينيين بطريقة انتقامية بحتة، فقط لأنهم رفعوا راية حرية وطنهم وبلادهم فنحن أسرى حق وحرية وسلام، ولن يستقر الأمن الدولي والسلام العالمي إلا بإيجاد الحل الذي يعطي الشعب الفلسطيني حقوقه كاملة غير منقوصة.
• ما الرسالة التي توجهها اليوم من داخل سجون الاحتلال للشعوب العربية والشعب التونسي ؟
ندائي إلى أهلنا الذين نشعر بانتمائنا العضوي اليهم ان نتوجه بالتحية أولاً وبالرجاء ثانياُ أن لا تتركونا نشعر بالغربة. فأقسى العقوبات ليس الموت بل الغربة فإذا ما شعر الإنسان بغربته عن محيطه ومجتمعه بدأ بالانهيار من داخله وهذا ما لا يجب أن نتركه يتسلل لذواتنا فالأسرى داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي ضحية لظلم تاريخي امتد لقرن من الزمن ورسالتهم بأن كرامتنا من كرامتكم وبأن نضالنا جزء أصيل من نضالكم وبأنهم فعلاً رأس الحربة في مواجهة المشاريع التي تستهدف الأمة العربية. وللشقيقة الحبيبة الغالية تونس ولأهلها الطيبين رسالتي وصلتكم منذ زمن فأنتم في حدقات العيون وقلوبنا تنبض بحبكم وأرواحنا تتنفس حباً عند سماع تقدمكم وتجاوزكم لكل الصعاب ودعاؤنا الدائم بأن يحفظ الله تونس وأهلها من كل أذى ومن كل مكروه وأن يحمي هذه البلاد من الأشرار ومخططاتهم. ونحن تنبض قلوبنا بالحب عند سماع كلمة تونس فلهذا الوطن الغالي ولشعبه الأشم الأثر البالغ في نفوسنا وما نشعر به اتجاه تونس يؤكد مقولة فلسطين الدائمة بأن لتونس دوماً السبق في بلسمة جراحنا فكانت في الصف الأمامي والمدافع عن قضاياها وخاصة قضية الأسرى الفلسطينيين وحتى ونحن داخل زنازين الظلم والاحتلال تصلنا باستمرار مآثر شعب تونس الذي كان على الدوام صوتنا المنادي بالحرية وكنتم ولا زلتم على عهد الشهداء الذين اختلطت دمائهم بتراب تونس الخضراء في حمام الشط وما زالت ذكراهم عاطرة حتى أيامنا هذه.
وان شاء الله نعانق تراب تونس الخضراء ونحن وفلسطين أحرار وقد تجاوزنا جميعاً هذا الوباء المسمى بالاحتلال وكورونا الذي نرجوا أن يجنب تونس وأهلها شروره وآثاره وأن يحمي الشعب التونسي، لكم كل المحبة.
الأسير الفلسطيني من داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي أسامة الأشقر لـ «المغرب»: أكثر من ستة آلاف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال «الإسرائيلي» وهم يعيشون في ظروف في غاية الصعوبة
- بقلم روعة قاسم
- 09:59 28/07/2020
- 993 عدد المشاهدات
دعا الأسير الفلسطيني من داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي أسامة الأشقر الى توحيد الجهود المختلفة من خلال برنامج عمل موحد لإثارة