وكانت حكومة السراج المعترف بها دوليا اتهمت في البداية مصر بتنفيذ العملية النوعية ثم اتهمت دولة الإمارات لتعود وتتهم فرنسا وأخيرا وجهت الاتهام إلى روسيا بالتورط في الهجوم الجوي الذي دمر بالكامل منظومة دفاع جوي تركية متطورة «هوك» .
وقد رجحت مصادر عسكرية محلية من غرب ليبيا أن تكون فرنسا ضالعة في الهجوم على قاعدة عقبة ابن نافع المعروفة بالوطية، بعد الاتهامات المتبادلة بينها وبين تركيا وحادثة منع طاقم سفينة تركية وحدة فرنسية تابعة للعملية البحرية – ايريني – من الصعود على ظهر السفينة وتفتيشها. كما كشفت مصادر أخرى من غرب ليبيا بان قاعدة الوطية كانت داخلها عناصر متطرفة وقيادات إرهابية كبيرة كانت بصدد التخطيط لعمليات نوعية داخل وخارج ليبيا . وأضافت المصادر بان عملية الاستهداف جرى التنسيق فيها بين أكثر من طرف وأن المقاتلات المنفذة للغارات انطلقت من البحر .
الدور الروسي
سياسيا أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بان بلاده تعمل حاليا على إعادة فتح سفارتها في ليبيا، وكانت روسيا اضطرت إلى غلق سفارتها بالتزامن مع إجراءات مماثلة من أغلب الدول وقامت بنقل بعثتها الدبلوماسية إلى تونس .
وأكدت روسيا في عديد المناسبات استعدادها لفتح حوار مع الولايات المتحدة لحلحلة الأزمة الراهنة في ليبيا، لكن واشنطن لم ترد على الطلب الروسي حسب ماجاء على لسان الناطقة باسم الكرملين في مناسبتين على الأقل بل أنها منحت الضوء الأخضر لتركيا بالتدخل في ليبيا ومسك زمام الأمور هناك، في سيناريو مشابه لما حدث في سوريا. في المقابل ترى موسكو أنها غير مستعدة للتورط في حرب في ليبيا ، وإنما تريد الحفاظ على مصالحها أولا من خلال دعم حليفها في شرق ليبيا القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر، وعندما بررت تركيا تدخلها ودعم حكومة الوفاق باعتبارها الطرف المعترف به دوليا. قامت روسيا بمضاعفة التواصل مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح باعتباره كذلك معترفا به دوليا ومحليا . وتدعم روسيا مقترح تغيير المجلس الرئاسي الحالي ليتكون من 3 شخصيات واحد عن كل إقليم على أن يكون عقيلة صالح رئيسا خلفا للسراج ويحافظ حفتر على منصب القائد العام للجيش الليبي .
ويرى مراقبون بان سيناريو الحرب جرى إبعاده نهائيا وأن الحل لن يكون إلا سلميا وأن قنوات الحوار ولو بصفة غير مباشرة لم تغلق رغم حالة الاحتقان والتوتر، وتبادل الاتهامات والدليل على ذلك توقف قوات الوفاق عند حدود مصراته الإدارية مع مدينة سرت مثلها مثل قوات حفتر المتواجدة داخل الحدود الإدارية لسرت .
وسوف تقوم الدول المؤثرة الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا بردع كل طرف من طرفي الصراع واستهدافه في حال هدد بنسف خيار التهدئة وإبعاد الحل العسكري، وربما يكون ما جرى الأحد الفارط في قاعدة الوطية رسالة قوية في ذلك السياق .
مزيد من الضغوطات على طرفي الصراع
من أجل التمهيد لانطلاق المفاوضات كشفت تسريبات خاصة بـ«المغرب» عن ضغوطات أمريكية على حكومة الوفاق لفك ارتباطاتها بالمليشيات المتطرفة وقادتها المطلوبين دوليا على غرار صلاح بادي وإبراهيم الجضران . في ذات الوقت يتعرض حفتر لضغوطات قوية لسحب قواته من الجفرة وسرت وتسليم الموانئ النفطية شرق البلاد مع قرب انتهاء مفاوضات في إحدى الدول الأوروبية المحايدة لضبط آلية جديدة تضمن إنتاج وتصدير النفط وتوزيع إيراداته المالية بصفة عادلة بين أقاليم ليبيا. وتضمنت الخطة نشر قوة حفظ سلام أممية بين الطرفين وهذه الخطة تزيل مخاوف مصر وحليفها حفتر علما بان الاتحاد الإفريقي لا يمانع بنشر قوات افريقية في ليبيا تحت غطاء أممي ويشترط فقط وقف التدخلات الخارجية. تبقى الإشارة إلى أن الشق المتخوف من شبح تقسيم ليبيا ،يرى في نشر قوة حفظ سلام على طول الخط الحدودي الإداري بين أقاليم برقة وطرابلس مؤشرا لإعادة التقسيم مع تعنت الفرقاء السياسيين وحجم التدخلات الخارجية وصراع المصالح والنفوذ ومع وجود أطراف محلية ترى مصالحها في تقسيم ليبيا.