وقد زادتها تعقيدات المشهد السياسي الداخلي والإقليمي ضبابية وخطورة. . ولئن ساهم انهيار الليرة اللبنانية وزيادة التضخم وارتفاع البطالة في مزيد تدهور المشهد اللبناني وسط ركود اقتصادي امتد لسنوات وصعوبات جمة تواجه الحكومة الجديدة برئاسة حسان دياب ، فقد كان لإعلان الحكومة أمس الأول عن حزمة إجراءات تقشفية جديدة وقعا أشد على الشارع حيث اندلعت يوم أمس احتجاجات عنيفة رافضة للسياسة الجديدة للدولة.
هذا وأعلنت الحكومة اللبنانية عن رفع سعر الخبز المدعوم جزئيا، بنسبة 33 %، بداية من يوم أمس الأربعاء، وقال وزير الاقتصاد اللبناني راوول نعمة، خلال جلسة لمجلس الوزراء، بثها إعلام محلي، إنه تم رفع سعر كيس الخبز زنة 900 جرام المدعوم جزئيا من 1500 ليرة إلى 2000 ليرة (من دولار إلى 1.3 دولار وفق السعر الرسمي).
وتجاوز سعر صرف الدولار في السوق السوداء عتبة الثمانية آلاف ليرة.وطالت تداعيات الانهيار كل الفئات الاجتماعية في لبنان في وقت تمثل فيه نسبة البطالة في البلاد 35 بالمائة مقابل بقاء ما يقارب من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر.
وعقب قرار رفع الدعم عن الخبز، قطع محتجون عددا من الطرق في غرب العاصمة بيروت (مناطق قصقص، فردان، كورنيش المزرعة)، رفضا لرفع سعر الخبز واحتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية. كما ألغى الجيش اللبناني، اللحوم كليا من الوجبات التي تقدم للعسكريين أثناء تأديتهم للخدمة، في محاولة لخفض النفقات، تزامنا مع الأزمة الاقتصادية التي تواجهها الحكومة والبلاد ككل.
وبالتزامن مع ذلك عمد عدد من المحتجين إلى قطع الطريق السريع من بيروت إلى الجنوب، للسبب ذاته. كما أغلق عدد من الشبان طريقا رئيسا في عاصمة الجنوب صيدا بالإطارات المشتعلة، وفق المصدر ذاته.وفي عاصمة الشمال اللبناني طرابلس، قرر عدد من المحتجين الاعتصام في الشارع، احتجاجا على القرار.
مفاوضات شاقة
ويرى مراقبون أنّ المواطن اللبناني مقبل على مرحلة جديدة لم يمر بها منذ عقود على علاقة بقدرته الشرائية وأسلوب عيشه والخدمات المعتادة من سفر وسياحة وغذاء وغيرها من العادات التي ستتأثر كما سيتأثر الواقع الاجتماعي المرتبط بالمتغيرات الاقتصادية والمالية الصعبة في بلد الأرز.
وتسعى حكومة حسان دياب التي تواجه بدورها انتقادات حادة في علاقة بتركيبتها والملفات الحارقة التي تواجهها وتسعى الحكومة لحل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يواجهها لبنان وهي الأزمة الأشد منذ عقود طويلة عبر إرساء آلية تفاوضية مع صندوق النقد الدولي والحصول على قرض بالعملة الصعبة قيمته 10 مليار دولار قد تساعد البلاد على تجاوز
الصعوبات التي تعيشها إلا أنّ التعثر رافق المفاوضات الأولية بين الجانبين مما زاد من تأجيج الاحتجاجات الداخلية، فوفق مصادر أممية كانت الخلافات حاضرة بين بعثة التفاوض اللبنانية ذاتها والتي كان الانقسام حاضرا بين أفردها منذ بداية التفاوض وهو ما اعتبرته بعثة الاتحاد الأوروبي عائقا أمام تحقيق أية تقدم .
ويشارك من الجانب اللبناني في التفاوض مع بعثة صندوق النقد ممثلون عن ثلاث جهات رسمية، هي وزارة المالية ومصرف لبنان وجمعية المصارف اللبنانية، في ظل تناقضات حادة وخلافات عميقة بين الجهات الثلاث والتي تعرقل تقدم المفاوضات، وتؤشر لفشل أولي قد يؤدي إلى فشل نهائي. وقال رئيس وزراء لبنان حسان دياب إن حكومته ملتزمة بخطة الإنقاذ المالي وأرقام الخسائر الواردة فيها، مضيفا أنها لا زالت الأساس للمحادثات مع صندوق النقد الدولي.ولم يعط دياب رقما لكن خطة الإنقاذ التي أقرتها الحكومة بعد شهور من المساومات ترسم بعمق صورة توضح كيف أنّ لبنان راكم ديونا تزيد بضع مرات عن حجم اقتصاده.
وإلى جانب المفاوضات مع صندوق النقد الدولي تحاول الحكومة الحصول على دعم الدول الصديقة على غرار فرنسا التي أكدت على دعمها الكامل للبنان ، فيما أكدت بعثة الاتحاد الأوروبي، في بيروت، على الوقوف إلى جانب لبنان وشعبه في «هذه الأوقات العصيبة».وشددت البعثة في بيان، على «الالتزام بوحدة لبنان وسيادته واستقراره واستقلاله السياسي وسلامة أراضيه».وقالت: «منذ عام 2012، استثمرنا أكثر من 2.6 مليار يورو لتلبية الاحتياجات الأساسية للبنانيين واللاجئين، والمساهمة في تحسين مشاريع البنية التحتية المحلية».