على النزوح أو اللجوء بسبب الحروب أو الاضطهاد، وهو رقم قياسي تم تسجيله خلال فترة وجيزة شهدت فيها نسب اللاجئين والفارين ارتفاعا غير مسبوق . ويعيش لاجئو ونازحو العالم - باختلاف الأسباب التي دفعتهم لمغادرة أوطانهم ـ أوضاعا معيشية صعبة وكارثية زادها إنتشار وباء «كورونا» في الآونة الأخيرة تعقيدا وضبابية.
ويزيد هذا الارتفاع الخطير في أعداد اللاجئين والنازحين حول العالم من التكاليف الإقتصادية والإجتماعية والسياسية الباهظة سواء لدول الأصل أو لدول الاستقبال خاصة مع غياب آليات عمل ناجعة ومشتركة بين الدول المتضررة، كذلك على صعيد تمويل المؤسسات والمنظمات الدولية المعنية بشؤون اللاجئين الذين يعانون من أوضاع معيشية صعبة.
وذكرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن الرقم ارتفع بنحو تسعة ملايين مقارنة بالعام السابق، ويقترب من ضعف الرقم المسجل في 2010 البالغ 41 مليونا، على الرغم من أن القيود التي فرضت لمكافحة مرض كوفيد-19 تبطئ التنقلات.وفي تقريرها الرئيسي السنوي (الاتجاهات العالمية)، قالت المفوضية إن السوريين والفنزويليين والأفغان ومواطني جنوب السودان والروهينغا الفارين من ميانمار الذين لا يحملون أي جنسية يتصدرون قائمة من 79.5 مليون لاجئ وطالب لجوء ونازح».وأضاف في مؤتمر صحفي «هذا بالمناسبة يمثل حوالي 1 % من سكان العالم».وأشار غراندي إلى أن حوالي 73 % من اللاجئين يلتمسون المأوى في دولة مجاورة، على عكس الفكرة الشائعة عن تدفقهم على الغرب.
وكانت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أعلنت، في جوان2019، ارتفاع أعداد النازحين من جراء الحروب والصراعات حول العالم إلى 70 مليون شخص، وهو أعلى مستوى تشهده المفوضية منذ تأسيسها،إذ يعيش ملايين اللاجئين في العالم أوضاع إنسانية صعبة في عدد من الدول التي قبل بعضها سياسة التوطين فيما رفض البعض الآخر اتباع هذه السياسة المكلفة ماليا واقتصاديا، فإلى جانب الأوضاع الهشة والمتردية التي يعيشها اللاجئون في مخيماتهم يدق المجتمع الدولي اليوم ناقوس الخطر بعد تفشي وباء فيروس «كورونا» في العالم تحارب جلها لإيقاف تمدد هذا الطارئ الصحي.
بعض الدول أعلنت أن قدراتها في المجال الصحي غير كافية لمجابهة هذا الفيروس غير المرئي ودول أخرى استعانت بتعزيزات طبية من كمامات ومواد تعثيم طبية وغيرها من المستلزمات في حربها المفاجئة، لكن المثير للقلق اليوم هو مصير ملايين اللاجئين حول العالم الذين يعانون أوضاعا غير إنسانية بالمرة في غياب الرعاية الصحية اللازمة وغياب المستلزمات الطبية ومستلزمات النظافة وابسط مقومات العيش في مخيمات تضم أعدادا كبيرة من العائلات شيوخا وأطفالا وشباب.
ضغوطات متزايدة
وفي الوقت الذي تعاني فيه دول أوروبية غنية من الضغوط على نظامها الصحي بسبب فيروس كورونا، كما هو الحال في بريطانيا وإسبانيا وفرنسا، تبدو الأوضاع أكثر صعوبة في الدول التي تعاني من قلة الموارد، خاصة إذا كانت تستضيف أعدادا كبيرة من اللاجئين ومن بينها الأردن ولبنان. التحذيرات الدولية تزايدت هذه الآونة خشية الآثار الجانبية لانتشار هذا الفيروس وخاصة على معسكرات اللجوء التي تتركز في هذه الدول في غياب أبسط مقومات العيش .
وتعيش اليونان أيضا في هذه السنوات صداما غير مسبوق مع تركيا بسبب أزمة المهاجرين واللاجئين ، إذ تحاول تركيا التي تعتبر بلد عبور الضغط على أوروبا للحصول على امتيازات سياسية واقتصادية مقابل تقييد دخول اللاجئين عبر أراضيها إلى دول القارة الأوروبية، كما حذرت السلطات اليونانية من تفشي فيروس كورونا في الجزر اليونانية التي تأوي آلاف المهاجرين، مثل جزيرة ليسبوس.
وتطرح تساؤلات ملحة اليوم حول مصير اللاجئين في المناطق المحاصرة بسبب الحروب ، سواء على الحدود السورية أو قرب الحدود التركية وأيضا في قطاع غزة المحاصر من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني .
هذه المعضلات تطرح العديد من الأسئلة حول سبل الوقاية من فيروس «كورونا» في هذه المناطق ، مع انشغال العالم باتخاذ إجراءات مشددة منها الاقتصادي والسياسي لمواجهة تأثيرات المشهد الراهن والركود الإقتصادي الناجم عن التكاليف الباهظة لمجابهة وباء covid-19 . وفي تركيا أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون لاجئ سوري، بالإضافة إلى وجود 6.2 مليون نازح داخل سوريا، حيث مناطق في محافظة إدلب في الشمال الغربي هي آخر ما تبقى من أراض سورية خارج سيطرة نظام الرئيس بشار الأسد.