«تفويض من الشعب» لحكم البلاد ما أثار ردود أفعال دولية رافضة .هذه الهدنة التي أعلنها حفتر قال أنها استجابة لدعوات المجتمع الدولي إلا أن مراقبين اعتبروا أنها تحمل غايات أخرى سياسية .وقال المتحدث باسم قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) أمس الأول إن قواته ستوقف إطلاق النار في شهر رمضان.وقال المتحدث أحمد المسماري في بيان تلفزيوني إن وقف إطلاق النار جاء بطلب المجتمع الدولي و«الدول الصديقة».
مع العلم أن المجتمع الدولي والمنظمات الأممية سبق وأن دعت مرارا إلى هدنة إنسانية في ليبيا أولا لوقف سقوط القتلى من المدنيين وآخر دعواتها كانت لتهيئة مناخ ملائم في ليبيا يساعد السلطات على مجابهة انتشار وباء «كورونا». إلا أن التعنت كان سيد الموقف سواء من طرف الجيش بقيادة خليفة حفتر أو من جانب قوات حكومة الوفاق المعترف بها دوليا بقيادة فايز السراج ، بل إن نسق الاقتتال والعمليات العسكرية تزايدت حدته في الآونة الأخيرة في تجاهل للدعوات الدولية.
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
ويرى مراقبون أن سبب إعلان حفتر وقف إطلاق النار يحمل عدة أسباب وأوجه من جهة تراجع سيطرته والخسائر التي لاقتها قواته في عدد من المناطق .في حين يرى اخرون أن هذا القبول رغم رفض وتعنت سابق جاء في محاولة من المشير خليفة حفتر لمغازلة المجتمع الدولي وبالتالي كسب الدعم والشرعية خصوصا بعد قراره بإدارة شؤون البلاد.
ويعني حكم حفتر للبلاد تخليها عن بنود اتفاق الصخيرات الموقع بين الفرقاء الليبين في المغرب قبل سنوات. وهو مايعيد المشهد الليبي المتوتر إلى المربع الأول مع فشل فرص تسوية سياسية في البلاد رغم محاولات دولية واقليمية جادة لحلحلة الأزمة.
وشنّ خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي قبل نحو عام هجوما لاستعادة السيطرة على العاصمة طرابلس، لكن القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني استعادت هذا الشهر عدة مناطق بدعم عسكري تركي، لا سيما بالطائرات المسيرة التي استهدفت خطوط إمداد قوات الشرق.ويشن الجيش الوطني، المدعوم من الإمارات وروسيا ومصر، منذ أسابيع حملة عسكرية على العاصمة طرابلس.
أبعاد خفية
ويشكك البعض في قبول حفتر الهدنة في هذه الفترة بالذات خاصة وأن طرفا الصراع سواء الجيش أو حكومة الوفاق أعلنا في أوقات سابقة موافقتهما على الإقتتال إلا أن عدم الالتزام كان سيد الموقف لتتصاعد مرارا وتيرة المواجهات بين الطرفين.
ففي خضم معاناة دول العالم من تفشي فيروس «كورونا» المستجد وسبل محاصرته والحد من انتشاره المخيف ، كانت ليبيا أيضا من من بين الدول التي اتخذ اجراءات وقائية، لكن تعدد مبادرات حل الأزمة سياسيا وتعدّد دعوات وقف الاقتتال بين حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج وقوات الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر ، إلاّ أن الفشل كان الطاغي أمام كل مبادرات الهدنة والحلول السياسية سواء برعاية دول الجوار أو برعاية اممية ودولية.يشار الى أنّ دول الإتحاد الأوروبي و8 دول عربية أخرى الى هدنة في ليبيا هذه المرة لم تفرضه التطورات العسكرية الميدانية بل فرضته الأوضاع الإنسانية التي تعيشها البلاد في ظل هذا الطارئ الصحي الذي يهدد البشرية ، إلا أن الأطراف المتقاتلة رفضت أيضا ، ما يجعل قبول حفتر هذه المرة بالهدنة يحمل أبعاد اخرى منها محاولات جادة للتقرب من المجتمع الدولي وكسب وده ودعمه لحكم ليبيا.
في الأثناء يرى متابعون للمشهد الليبي أن المرحلة المقبلة ستشهد حراكا من خليفة حفتر لتنفيذ ما اعلن عنه بخصوص إدارة شؤون البلاد رغم الرفض الدولي والمحلي ، ووفق تسريبات إعلامية يعمل حفتر خلال هذه الفترة على تشكيل فريقه الحكومي في تحد لكل الانتقادات التي طالت خطوته .
ومنذ عام 2011 تعددت مبادرات الحل والاجتماعات الدولية الداعمة للتحول الديمقراطي في ليبيا ، تارة برعاية عربية وتارة أخرى تحت مظلة الأمم المتحدة وأحيانا أخرى بمبادرة فردية من بعض الدول على غرار فرنسا ألمانيا أبوظبي بريطانيا وإيطاليا وغيرها.. إلا أنّ التعنت هذا الطرف أو ذاك كان حائلا أمام تحقيق أي تقدم أو اختراق في الأزمة الليبية.
ويرى مراقبون ان الواقع الصحي في ليبيا وبحكم سنوات الحرب المنهكة التي عاشتها والدمار الذي لحق بنيتها التحتية، علاوة على تعدد رؤوس السلطة في البلاد وتعدد الجهات الفاعلة والساعية للسيطرة وبسط النفوذ ، وايضا إعلان حفتر مؤخرا استعداده لحكم البلاد ، كل ذلك سيزيد وفق مراقبين من مزيد تقسيم ليبيا المنقسمة بطبيعها بين حكومات متعددة في الشرق والغرب.