أكد الكاتب والصحفي العراقي سالم مشكور بأن قيام الولايات المتحدة بتسليم قاعدة الحبانية العسكرية إلى القوات الأمنية العراقية لا يعد انسحابا عسكريا أمريكيا من العراق، بل هو اعادة تموضع للقوات الأمريكية وتجميعها في قواعد كبيرة رئيسية في محافظة الأنبار . ولفت الى ان الساحة العراقية تشهد انقساما بين الأحزاب السياسية المطالبة بخروج القوات الأمريكية والرافضة لذلك. مبينا بان جائحة كورونا ستترك أثرها على العالم كله وليس العراق وحسب، وان هناك خارطة جديدة للعلاقات بين الدول خصوصا على صعيد الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة والصين وكذلك موازين القوة في المنطقة .
• كيف تقرؤون قيام القوات الأمريكية بتسليم قاعدة الحبانية العسكرية إلى القوات الأمنية العراقية وهل هو بداية للانسحاب الأمريكي من هذا البلد؟
ليس هناك انسحاب عسكري أمريكي من العراق، فما يحدث هو اعادة تموضع للقوات الأمريكية وتجميعها في قواعد كبيرة رئيسية في محافظة الأنبار حيث السكان من العرب السنة، واقليم كردستان المتمتع باستقلال نسبي بقوة الأمر الواقع وليس وفق الدستور العراقي الذي ينص على فيدرالية لا وجود لها في الواقع. أغلب القواعد التي أخلتها القوات الأمريكية تقع في المناطق ذات الغالبية الشيعية والتي تنشط فيها مجموعات مسلحة تعارض الوجود الأمريكي وتتهمها واشنطن بانها تنفذ أجندة ايرانية.
• وكيف هي العلاقة اليوم بين بغداد وواشنطن بعد هذه الخطوة؟
الفرز القومي الطائفي في العراق بات ينعكس على العلاقة مع الولايات المتحدة، ففي حين قاومت مجموعات مسلحة سنية القوات الأمريكية بعد اجتياحها للعراق واسقاطها نظام صدام عام 2003، باتت الساحة السياسية السنية في العراق متمسكة بالوجود الأمريكي في حين أن الساحة الكردية كانت على الدوام مع الجانب الأمريكي وجغرافية الاقليم تحتضن قواعد امريكية ومطار اربيل القديم بات تحت تصرف الجانب الامريكي. أما الساحة الشيعية التي وفرت لها واشنطن فرصة الخروج من موقع المعارضة الى السلطة فإنها تشهد انقساما بين الأحزاب السياسية بين مطالب بخروج القوات الأمريكية ورافض لذلك لأسباب عدة بينها الخوف من انتقام أمريكي وسياسة عدائية تجاه الحكومة العراقية العاجزة عن مواجهة عواقب الانسحاب.
واشنطن تقوم الآن بنصب منظومة صواريخ باتريوت لحماية قواعدها الرئيسية بعدما تعرض بعضها الى استهداف بالصواريخ من قبل مجموعات مسلحة .
• الوضع في العراق اليوم سياسيا واقتصاديا في ظل أزمة كورونا؟
الوضع السياسي في العراق اليوم ما زال أسير الخلاف حول تسمية رئيس الوزراء. فبعدما كلف رئيس الجمهورية برهم صالح السيد عدنان الزرفي أعلنت كتل شيعية كبيرة معارضتها لهذا التكليف وقد انقسمت اسباب رفض هذا التكليف بين موضوعين الأول تأكيد بعض الكتل ان التكليف تمّ خارج الدستور الذي ينص على أن يكون المكلف مرشحا من الكتلة الاكبر، ويعتقد هؤلاء أن ما تم يؤسس لعرف يطيح بالحق الدستوري للكتلة الاكبر وهي عادة من الأحزاب الشيعية بشكل رئيسي، فيما يعارض آخرون تكليف الزرفي على خلفية اتهامه بالعلاقة مع أمريكا وموقفه الحاد من المجموعات المسلحة مما يعني ان المستقبل قد يشهد صداما بين الأجهزة الأمنية وهذه الفصائل.
أما فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي فقد أدى الانخفاض المفاجئ والكبير في أسعار النفط الى دخول البلاد في داومة كبيرة بسبب اعتماد العراق على عائدات النفط بنسبة تفوق 90 بالمئة. وهو ما أثار مخاوف من مواجهة الحكومة عجزا عن توفير رواتب الموظفين فضلا عن المشاريع الاستثمارية المتعثرة أصلا. جاءت أزمة كورونا لتزيد من سوء الوضع الاقتصادي اذ ان الحياة معطلة وحظر التجوال سار منذ حوالي الشهر في ظل اغلاق شبه تام للمرافق الاقتصادية. أزمة كورونا أدت الى الاضرار بشريحة كبيرة ممن يعتاشون على مواردهم اليومية المباشرة .
• وهل أثرت أزمة كورونا على المعركة ضد الإرهاب وكيف هو تعامل الحكومة مع هذه الجائحة؟
واجهت الحكومة ازمة انتشار وباء كورونا بالتهاون بداية لكن سرعان ما تم استنفار كافة الامكانيات الموجودة لمواجهتها. فرض حظر التجوال الشامل واغلاق المدارس والدوائر الحكومية وحركة النقل الجوي الداخلي والخارجي وقطع التواصل بين المدن أدى الى تحجيم نسبي لانتشار الوباء الذي يعتبر الان محدودا قياسا بدول أخرى.
• وما تداعيات كورونا على الشرق الأوسط والعالم؟
بالتأكيد ستترك أزمة كورونا أثرها على العالم كله وليس العراق وحسب، وسنكون أمام خارطة جديدة للعلاقات بين الدول خصوصا على صعيد الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة والصين وكذلك موازين القوة في المنطقة وهو ما سيكون انعكاسا للأولى.
عراقياً ستتأثر الساحة السياسية خصوصا التجاذب حول الحكومة الجديدة، فيما انعكس اجتماعيا على صورة توجس من القادم في ظل توقعات سلبية لتداعيات الأزمة الصحية والسياسية والاقتصادية الحالية.