لتتعالى الاصوات الدولية المحجذرة من مغبة عدم السيطرة على الوباء في سوريا التي تعاني منذ 9 سنوات حربا ضروس .إلاّ أنه ومع تسجيل حالة الإصابة الخامسة أعلنت الإمارات العربية المتحدة أنّ ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد أجرى اتصالا هاتفياً، يوم الجمعة، بالرئيس السوري بشار الأسد، وهو الأول الاتصال الأول منذ اندلاع الصراع في سوريا عام 2011 .
وقالت وكالة الأنباء السورية «سانا» إن «حديثاً هاتفياً جرى بين الرئيس الأسد وولي عهد أبو ظبي بحثا خلاله تداعيات تفشي «فيروس كورونا». وعلّق بن زايد على الأمر عبر صفحته في تويتر قائلاً «لقد ناقشت مع الرئيس السوري تداعيات انتشار فيروس كورونا، وأكدت له دعم الإمارات ومساعدتها الشعب السوري». أما في الإمارات فقد بلغ عدد الإصابات بالفيروس 405، بعدما سجلت 72 إصابة جديدة.وكانت الإمارات العربية المتحدة أعادت فتح سفارتها في دمشق عام 2018، بعد سبعة أعوام من القطيعة الدبلوماسية.
ومن جهتها، حضرت شركات سورية متخصصة في مختلف الصناعات في معرض «غولفود 2020» الذي استضافه «مركز دبي التجاري العالمي» في فيفري الماضي.ليأتي هذا الاتصال كتتويج لمرحلة التمهيد التي سبقت عودة العلاقات بين البلدين .
ويلقي هذا الاتصال وتعهدات الإمارات بـ«دعم الإمارات للشعبي السوري خلال هذه الظروف الاستثنائية»، مايعيد الى الواجهة الدعوات العربية المتصاعدة بضرورة عودة سوريا الى الحضن العربي بعد سنوات طويلة من المقاطعة العربية والخليجية .؟ويرى مراقبون أن مسألة عودة سوريا الى جامعة الدولية واستعادتها لدورها في المحيط الإقليمي والعربي رهين الأيام القادمة خاصة وأنّ المعادلة السورية هذه الآونة شهدت تطورات متلاحقة بدأت بفتح سفارات عدة دول في دمشق بعد سنوات من قطع العلاقات ، مع وجود انباء عن وجود مساع حثيثة لإعادة سوريا الى احضان الجامعة العربية ولم لا مشاركة الرئيس السوري بشار الاسد في مجريات القمة العربية التي كان من المقرر انعقادها خلال شهر مارس المقبل.
وأعلنت الإمارات عام 2018تلتها البحرين عودة عمل سفاراتها في دمشق بعد سنوات من انقطاع العلاقات بين الدول الخليجية والعربية ايضا من جهة وسوريا من جهة اخرى بسبب الحرب الأهلية التي اندلعت منذ 2011. ولئن ربط مراقبون هذه المتغيرات بدخول المعادلة السورية مرحلة مابعد الحرب ، يرى مراقبون ان هذه المتغيرات قد تشهد تطورات اكثر في قادم الايام وذلك في ظلّ هذه التطورات الصحية الطارئة التي يعيشها العالم هذه الفترة وأيضا باعتبار ان عودة الامارات والبحرين الى الساحة السورية يعني بما لا يدعو مجالا للشك ان البيت الخليجي عامة بما فيه المملكة العربية السعودية غيّرت مواقفها المتشددة ازاء بقاء الرئيس السوري بشار الاسد على سدة الحكم في سوريا. ولئن فرضت المتغيرات والتراكمات
الاخيرة سواء المتعلقة بتغير التحالفات الاقليمية والدولية ، وانسحاب الولايات المتحدة الامريكية من الميدان السوري و دخول اللاعب التركي بكل ثقله الى المعركة بعد تفاهمات سرية تارة ساهم دون شك في حلحلة الازمة السورية والمرور بها من مرحلة الحرب الى مرحلة مابعد الحرب.
دول تدعم عودة سوريا
ومؤخرا أيضا دعا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى رفع التجميد عن عضوية سوريا في جامعة الدول العربية وذلك قبيل احتضان الجزائر للقمة العربية المقبلة والتي كان من المقرر انعقادها أواخر شهر مارس الجاري إلاّ انها تأجلت إلى موعد غير محدد بعد تفشي ظاهرة انتشار فيروس كورونا في العالم، ورغم أنّ الموقف الجزائري الداعي إلى عودة سوريا ليس بجديد بل هو نفسه منذ بدء الحرب في سوريا علما وأن الجزائر والعراق تحفظتا على قرار تجميد تلك العضوية في نوفمبر 2011 ، إلاّ أن هذه الدعوة تزامنت مع تطوّرات عسكريّة وسياسيّة حثيثة في الميدان السوري. وأيضا قرب انعقاد القمة العربية قد يعيد سوريا إلى المجموعة العربية رغم اللاءات التي لازالت ترفعها بعض الدول .
وقال تبون: «الجزائر وفية لمبادئها الدبلوماسية، ولا نقبل أن يُمس أي شعب عربي أو دولة عربية بسوء، وسوريا من الدول المؤسسة للجامعة العربية وهذا ما نعمل عليه في الواقع».وأوضح أن «من يشتري ويبيع في قضية سوريا وحتى فلسطين لا يحق له ذلك؛ لأن الأمر يتعلق بشيء لا يملكه». وكان وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم قال، قبل أيام، إن موقف بلاده تجاه سوريا «مبدئي» و«واضح» و»حاسم»، مذكرا بأن الجزائر «سبق أن اعتبرت تجميد عضوية سوريا بالجامعة العربية خسارة لكل الدول العربية».يشار إلى أنّ قرار تجميد عضوية سوريا اتخذته الجامعة العربية بتعلة «لجوء نظام بشار الأسد إلى الخيار العسكري لإخماد الثورة الشعبية المناهضة لحكمه» .
والى جانب الجزائر وروسيا سبق للعراق أن أعلنت دعمها عودة دمشق إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، مما يزيد من حظوظ الفرضية القائلة أن سوريا باتت قاب قوسين أو أدنى من الرجوع إلى أسوار جامعة الدول العربية بعد سنوات من تجميد عضويتها.تونس بدورها أكدت خلال فترة حكم الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي أنّ «مكان سوريا الطبيعي هو المجموعة العربية»، كما أكد رئيس الجمهورية الراحل الباجي قايد السبسي أن «عودة سوريا لجامعة الدول العربية تقتضي قرارا توافقيا من كل أعضائها»، كما أن موقف المغرب لم يكن بعيدا عن الموقف التونسي والذي جاء على لسان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة الذي أكد أن «المغرب لم يقطع علاقاته الدبلوماسية مع دمشق، مضيفا « أن هناك تغيرات طرأت على أرض الواقع في ما يخص الوضع السوري ينبغي أخذها بعين الاعتبار، بقدر الحاجة والضرورة الماسة إلى وجود دور وتنسيق عربيين قبل اتخاذ أي قرار».
الموقف اللبناني كان أكثر وضوحا في هذا السياق إذ دعا إلى ضرورة عودة سوريا إلى المشهد العربي ،أيضا الموقف المصري قال عنه باحثون انه يصب في خانة مساندة العودة إذ مثلت زيارة اللواء علي المملوك رئيس مكتب الأمن الوطني في النظام السوري النادرة إلى مصر في 2018 كانت نقطة فارقة في تاريخ العلاقات المصرية السورية التي تدهورت منذ اندلاع الأزمة في دمشق سنة 2011 .
وفي ظل هذه التطورات المتسارعة التي يعيشها العالم تتزايد حدة المخاوف الدولية من الوضع الإنساني الذي تمر به سوريا التي عانت من ويلات الحرب لسنوات طويلة ما أثر على بنيتها التحتية ومستشفياتها وواقعها الصحي وبالتالي إقتصادها ككل ، كل هذه المعضلات تنبئ بقرب تفجر الوضع مالم يتم التعامل مع «فيروس كورونا» في سوريا كخطر كبير لا يهدد سوريا فحسب بل أيضا دول المنكقة ودول العالم التي تكافح للسيطرة على انتشار الوباء.