الدولي وكان الحاضر الأبرز على كل الاجتماعات الدولية .إذ نجح هذا الوباء في تهميش المفات الدولية الأخرى ليشحذ العالم بكل توجهاته لكافة جهوده في مواجهة هذا الطارئ الصحي الخطير الذي «يتهدد البشرية» وفق ما أكدته الامم المتحدة .ومع انتشار هذا الفيروس في أغلب دول عديدة العالم، تتسابق الحكومات بكل أمكانيتها الاقتصادية والسياسية لوضع سياسة ناجعة لمنع سرعة انتشاره دون إلحاق أضرار بالغة بإقتصاداتها. ولئن ينتظر العالم مرحلة أكثر خطورة ما بعد هذا الوباء ، على الصعيد الإقتصادي ، فإن الأكثر اهمية اليوم هو تجاوز هذه المرحلة الحساسة.
قمة قادة الدول العشرين التي انعقدت امس الاول عبر تقنية الفيديو وبرعاية المملكة العربية السعودية استحوذ على اهتماماتها حرب العالم ضدّ هذا الوباء ، إذ تصب كل القرارات التي اغلبها اقتصادية في خانة مجابهته بإعتباره تهديدا وجوديا. ففي إطار خطط الحكومات للحد من انتشار هذا الفيروس تعطلت الحياة العامة في اغلب دول العالم وألغيت خطط السفر واغلقت المدارس وفرض على أغلب سكان العالم الحظر الصحي الشامل وتوقفت عجلة الاقتصاد الدولي، كل هذه الإجراءات خلقت شللا اقتصاديا بالغا ستظهر تداعيات بعد نجاح العالم في تخطي هذه المرحلة من التهديدات المتزايدة.
قادة مجموعة العشرين ،ابدوا التزامهم بضرورة مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد، مؤكدين في بيان، عقب اجتماع القمة الافتراضي، أنهم»لن يدخروا جهدا لحماية الأرواح والوظائف والحفاظ على الاستقرار المالي»، وتعهد زعماء المجموعة، بضخ 5 تريليونات دولار في الاقتصاد العالمي للحد من الآثار الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا.
وشارك في القمة العديد من قادة الدول وممثلي عدد من المنظمات الدولية، ومن بين قادة الدول المشاركة في تلك القمة الافتراضية، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الفرنسي إيمانول ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ورئيس وزراء بلجيكا ممثلًا عن الاتحاد الأوروبي، ورئيس وزراء كندا، والعاهل الأردني الملك عبد الله بن الحسين، ورئيس وزراء اليابان شينزو آبي، ورئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبريسوس.
وأعلنت دول مجموعة العشرين التي تضم اكبر اقتصاديات في العالم، دعمها للإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها البنوك والهيئات المركزية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين في مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد.ولم يحدد البيان أي إجراءات جديدة أو محددة تتخذها المجموعة، لكنه قال إن القادة مستعدون «للرد بسرعة واتخاذ أي إجراء آخر قد تكون مطلوبة لمواجهة انتشار فيروس كورونا».وأعرب القادة، في البيان الختامي للقمة الافتراضية، عن شعورهم «بالحزن العميق للخسارة المأساوية في الأرواح والمعاناة التي يواجهها الناس في جميع أنحاء العالم»، مؤكدين أن معالجة الوباء وآثاره الصحية والاجتماعية والاقتصادية المتشابكة هي أولويتهم المطلقة، حسبما ورد في البيان.
كما أكدت الدول المشاركة استعدادها ‘’لحماية المستقبل،فإننا نلتزم بتقوية القدرات الوطنية والإقليمية والدولية للاستجابة للتفشي المحتمل للأمراض المعدية من خلال رفع الانفاق الخاص بجاهزية مواجهة الأوبئة وذلك لرفع مستوى الحماية للجميع، وخصوصًا المجموعات الأكثر عرضة للمخاطر التي تتأثر بالأمراض المعدية بمعدلات أكبر. ونلتزم أيضاً بالعمل معاً على زيادة التمويل للبحث والتطوير في مجال اللقاحات والأدوية، والاستفادة من التقنيات الرقمية وتعزيز إطار التعاون الدولي العلمي. وسنعزز مستوى التنسيق بيننا، بما في ذلك مع القطاع الخاص، في سبيل تطوير وتصنيع وتوزيع الأدوات التشخيصية، والأدوية المضادة للفيروسات واللقاح بأسرع وقت مع الالتزام بأهداف الفعالية والسلامة والإنصاف والحصول والتكلفة الميسورة’’.
مكافحة الجائحة أولوية
وطالبت الدول المشاركة منظمة الصحة العالمية ، بالتعاون مع المنظمات المعنية، بتقييم الفجوات المتعلقة بالتأهب لمواجهة الجوائح ورفع تقريرها للاجتماع المشترك لوزراء المالية ووزراء الصحة الذي سيعقد خلال الأشهر المقبلة، وذلك بغية تأسيس مبادرة عالمية حول التأهب والاستجابة لمواجهة الجوائح. وسوف تبني هذه المبادرة على البرامج الحالية لمواءمة الأولويات المتعلقة بالتأهب العالمي والعمل كمنصة عالمية فاعلة ومستدامة للتمويل والتنسيق، لتسريع عملية تطوير وإيصال اللقاح والأدوات التشخيصية والعلاجات.
ولأول مرة يتكاتف العالم دون حسابات او مصالح لمكافحة هذا الطارىء الصحي الذي وضع لأنظمة الصحية العالمية في محك اختبار كبير لم تتعرض له سابقا.فرغم الإنفتاح والعولمة والتغيرات المعاصرة التي عرفها العالم ،تتسابق كل الدول لتطوير لقاح يوقف امتداد هذا الوباء وتهديده للبشرية،فبعد ان كانت الإشكاليات تنحضر في صراعات وحروب تقليدية باتت اليوم الحروب صحية بالأساس.
ويرى مراقبون ان هذه الجائحة التي تنتشر بشكل مخيف في أكثر من 190 دولة تصدرت إهتمامات المجتمع الدولي على حساب ملفات اخرى اقليمية شرق أوسطية اتخذت منذ بدايتها بعدا دوليا على غرار الحرب السورية وانتقال ساحة الصراع الدولي الى الساحة الليبية، والحرب ضد تنظيم ‘’داعش’’ الإرهابي في المنطقة العربية والحرب في اليمن وأيضا القضية الفلسطينية وتداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي ، كل هذه الملفات التي لطالما كانت ضمن اولويات كل الإجتماعات الدولية نظرا لأهميتها ، باتت اليوم في مرحلة ثانية من سلم اولويات دول العالم نتيجة هذا ‘’الفيروس’’ المستجد.
متابعون للشأن الدولي اعتبروا ان العالم مابعد ‘’كورونا’’ لن يكون كما قبله ، على كافة الاصعدة سواء صعيد الإهتمامات أو الاولويات ، إذ أظهر انتشار هذا الوباء خللا لا يستهان به في المنظومة الصحية لدول العالم المتقدمة منها والنامية على حد سواء ، ما يؤكد ان الفترة المقبلة ستكون فترة إعادة بناء اقتصاديا وصحيا وسياسيا أيضا.
اذ تتعالى الأصوات الدولية المحذرة من عدم قدرة بعض الدول التي تعيش اوضاعا اقتصادية وسياسية وحروبا على مجابهة هذه التكاليف الباهظة والإضافية.