الأخر اتباع هذه السياسة المكلفة ماليا واقتصاديا، فإلى جانب الأوضاع الهشة والمتردية التي يعيشها اللاجئون في مخيماتهم يدق المجتمع الدولي اليوم ناقوس الخطر بعد تفشي وباء فيروس «كورونا» في أكثر من 180 دولة تحارب جلها لإيقاف تمدد هذا الطارئ الصحي.
بعض الدول أعلنت أن قدراتها في المجال الصحي غير كافية لمجابهة هذا الفيروس غير المرئي ودول أخرى استعانت بتعزيزات طبية من كمامات ومواد تعثيم طبية وغيرها من المستلزمات في حربها المفاجئة، لكن المثير للقلق اليوم هو مصير ملايين اللاجئين حول العالم الذين يعانون أوضاعا غير إنسانية بالمرة في غياب الرعاية الصحية اللازمة وغياب المستلزمات الطبية ومستلزمات النظافة وابسط مقومات العيش في مخيمات تضم أعدادا كبيرة من العائلات شيوخا وأطفالا وشباب.
في لبنان يعيش مليون ونصف لاجئ وفق اخر احصائيات الامم المتحدة، من حاملي الجنسيات السورية والفلسطينية، وكان وزير الصحة اللبناني، حمد حسن، حذر من أن فيروس كورونا أنتقل من مرحلة الإحتواء في لبنان إلى مرحلة الإنتشار خاصة مع وجود عشرات المصابين بالفيروس بين اللبنانيين أنفسهم ما يطرح فرضية وصول الإصابات الى المخيمات والى اللاجئين ما قد يزيد من عمق الازمة الإنسانية في وقت يعاني فيه لبنان من وضع اقتصادي كارثي وصل حد الحديث عن قرب إعلان إفلاس الدولة.
وتقول جيهان القيسي المديرة التنفيذية لاتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية في لبنان إن هناك «ما يشبه حالة شلل تام في عمل المؤسسات الإغاثية والدولية» الموجودة في لبنان فيما يتعلق بتقديم الخدمات التوعوية والإغاثية للاجئين السوريين الموجودين داخل الأراضي اللبنانية حول فيروس كورونا وسبل الوقاية منه، وترجع ذلك إلى القيود المفروضة على الحركة والتنقل داخل لبنان الذي شهد تسجيل عدد من الحالات المصابة بالفيروس.
الأردن أيضا من بين الدول التي تستقبل ما يقارب 744795 لاجئا مسجل ، من بينهم حوالي 655 ألف سوري و67 ألف عراقي و15 ألف يمني و6 آلاف سوداني و2500 لاجئ من إجمالي 52 جنسية أخرى مسجلة لدى مفوضية اللاجئين.
وفي الوقت الذي تعاني فيه دول أوروبية غنية من الضغوط على نظامها الصحي بسبب فيروس كورونا، كما هو الحال في بريطانيا وإسبانيا وفرنسا، تبدو الأوضاع أكثر صعوبة في الدول التي تعاني من قلة الموارد، خاصة إذا كانت تستضيف أعدادا كبيرة من اللاجئين ومن بينها الأردن ولبنان. التحذيرات الدولية تزايدت هذه الآونة خشية الآثار الجانبية لانتشار هذا الفيروس وخاصة على معسكرات اللجوء التي تتركز في هذه الدول في غياب أبسط مقومات العيش .
اليونان أيضا تعيش هذه السنوات صداما غير مسبوق مع تركيا بسبب أزمة المهاجرين واللاجئين ، إذ تحاول تركيا التي تعتبر بلد عبور الضغط على اوروبا للحصول على امتيازات سياسية واقتصادية مقابل تقييد دخول اللاجئين عبر أراضيها الى دول القارة الأوروبية، كما حذرت السلطات اليونانية من تفشي فيروس كورونا في الجزر اليونانية التي تأوي آلاف المهاجرين، مثل جزيرة ليسبوس.
وفقا لبيانات مصدرها الأمم المتحدة، هناك 13 ألف لاجئي عالقين في تركيا قرب الحدود مع اليونان وبلغاريا، بعد أن أعلنت أنقرة في وقت سابق هذا الشهر فتح حدودها مع هذين البلدين بينما رفض جيرانها الأوروبيون دخول اللاجئين.
لاجئو المناطق المحاصرة
التساؤلات الملحة اليوم حول مصير اللاجئين في المناطق المحاصرة بسبب الحروب ، سواء على الحدود السورية او قرب الحدود التركية وايضا في قطاع غزة المحاصر من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني .
هذه المعضلات تطرح العديد من الأسئلة حول سبل الوقاية من فيروس «كورونا» في هذه المناطق ، مع انشغال العالم باتخاذ اجراءات مشددة منها الاقتصادي والسياسي لمواجهة تأثيرات المشهد الراهن والركود الإقتصادي الناجم عن التكاليف الباهظة لمجابهة وباء covid-19 . وفي تركيا أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون لاجئ سوري، بالإضافة إلى وجود 6.2 مليون نازح داخل سوريا، حيث مناطق في محافظة إدلب في الشمال الغربي هي آخر ما تبقى من أراضٍ سورية خارج سيطرة نظام الرئيس بشار الأسد.
وفي مؤتمر صحفي من جنيف مشترك بين منظمة الصحة العالمية ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ، وبرنامج الأغذية العالمي ، أكد المتحدثون على أهمية الاستمرار في دعم المجتمعات الأكثر هشاشة في الدول، في الوقت الذي تتواصل فيه الجهود للقضاء على جائحة كورونا.خاصة وأن فيروس كورونا وجد موطئ قدم له في أكثر من 140 دولة، بعض تلك الدول تعاني من مصاعب حتى قبل ظهور الجائحة. وأفاد المتحدث باسم مفوضية شؤون اللاجئين، أندريه ماهيسيتش، بعدم وجود حالات إصابة في صفوف اللاجئين في لبنان، إلا أن 10 إصابات ثبتت حتى الآن بين اللاجئين وطالبي اللجوء في ألمانيا. بدوره قال المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، ينس لاركيه، إن جائحة كورونا وجدت موطئ قدم لها في أكثر من 140 دولة ، بعض تلك الدول تعاني من مصاعب حتى قبل ظهور الجائحة. وأكد على تصميم أوتشا على الاستمرار في إيصال المعدات المنقذة للحياة لأكثر الفئات ضعفا في المجتمعات، لاسيّما وأن أكثر من 100 مليون شخص حول العالم يعتمدون على المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة.
وفي سياق جهود المنظمات الدولية لمعاضدة جهود مكافحة «كورونا» في المخيمات ونقاط تجمعات اللاجئين والمهاجرين ،ورفع درجة التأهب كي لا يتم استثناء المهاجرين من أية إجراءات وقائية تهدف للحد من انتشار المرض.