في المنطقة للحلم بالخلافة المزعومة والوهمية وذلك عبر مجموعة من العناصر الإرهابية وجماعة الإخوان، بالتالي فأن صعوبة حسم هذه الملفات جعلت أردوغان في أضعف فتراته، وأن سفينته ستغرق في الانتخابات المقبلة عام 2023.
حساسية الانتخابات المقبلة بالنسبة إلى حزب العدالة والتنمية أنها تجرى في ظل ظروف بالغة الصعوبة، فأجواء فضائح الفساد تهيمن على المشهد التركي، والصدام مع الداعية فتح الله غولن دخل مرحلة كسر العظم، وهناك ظاهرة «الهجرة العكسية» للاستثمارات الأوروبية من تركيا لخارجها، وارتفاع معدلات البطالة والتضخم لمستويات لم تعرفها تركيا من قبل وسط تراجع قيمة الليرة التركية، وفي الخارج فإن سياسة أردوغان أمام تحديات كثيرة بفعل التطورات الإقليمية والدولية، حيث فشلت سياسة عدم خلق خلافات مع دول الجوار إذ تعاني تركيا من نوع من العزلة الإقليمية خصوصاً بعد سقوط حكم محمد مرسي في مصر، وخلافات مع العراق ومصر، ومشاركة فعالة في ضرب ليبيا وتخريبها، كل هذه القضايا وغيرها مؤشرات إلى ضراوة المعركة التي يقودها أردوغان شخصياً.
في نفس السياق إن الحرب في سوريا لم تعد ذات مردود إيجابي للنظام التركي والحكومات التي رعتها، فأصبح كل طرف يأكل نصيبه من حصاد السم الذي زرعه على مدى السنوات الماضية في سوريا، بالرغم من أن تركيا انخرطت في مشروع إسقاط الدولة السورية، على أمل تحقيق اختراق في الخريطة الإستراتيجية في المنطقة، فإنها تشعر الآن بأن استثمار مليارات الدولارات ووضع ثقل السياسة التركية وراء هذا المشروع معرّض للزوال والنهاية، إضافة إلى ذلك ثمة تخبط واسع في داخل أنقرة حيال التعامل مع حقيقة تورطها في لعب دور سلبي في سورية.
من المؤكد أن الرئيس أردوغان يعيش حالة من الارتباك في مواقفه لفشل مشروعه في سورية بعد التدخل العسكري غير المباشر، واتساع دائرة المعارضة داخل تركيا لهذا التدخل، ولخسارته الأغلبية المطلقة في الانتخابات البرلمانية التركية الأخيرة، وانهيار طموحاته في تعديل الدستور وتحويل النظام السياسي التركي إلى نظام رئاسي على غرار النظامين الفرنسي والأمريكي، ومنحه كرئيس جمهورية، صلاحيات تنفيذية مطلقة، فلا شك أن استهداف الأكراد في سورية يحرم أردوغان من أصوات أكثر من 20 مليون كردي في تركيا، كل هذه المغامرات ستؤثر سلبياً على شعبية أردوغان في تركيا.
على خط مواز، فإن استطلاع رأي حديث أجرته صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا»، حول تراجع شعبية أردوغان وحلفائه وترجيح خسارتهم في البرلمان، فإن متوسط معدل دعم الحزب الحاكم يقترب من 33.22%، في حين يبلغ مؤشر دعم حلفاء أردوغان في «التحالف الشعبي» و»حزب الحركة القومية» نسبة 9.2%. أما الأحزاب المعارضة في البرلمان التركي مجتمعة فتحظى بتأييد 36.82 من الناخبين ، كل هذه القيم المتوسطة الحسابية لنتائج استطلاعات الرأي تشير إلى أن أردوغان على بعد خطوة واحدة من فقدان السيطرة على البرلمان.
وإنطلاقاً من ذلك، ثمة سيناريوهات قوية في أن يؤدي تكرار فشل أردوغان في الانتخابات القادمة إلى تصدع كامل في صفوف حزبه الحاكم وخاصة بعد تراجع شعبيته في الانتخابات الماضية، ، لذلك يبدو أن تركيا حالياً على أبواب سيناريوهات مرعبة لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في المنطقة، ومن هذا المنطلق يجب على تركيا أن تتأهب لمرحلة جديدة، فاضطراب الأوضاع في تركيا مسألة وقت.