بالإضافة إلى مجموعات تابعة لما يسمى بالجيش الوطني المرتبط بتركيا، فشراسة المعركة الجارية حالياً في ادلب، وارتباك الرئيس أردوغان وأدواته تشير إلى أن الحرب اقتربت من جولتها الأخيرة، ولعل النظام التركي قد اكتشف مؤخرا أن صعود الشجرة السورية ليس سهلا وأن المشكلة ليست في إعلان بداية الحرب بل في كيفية إنهائها في سورية.
من المؤكَّد أننا أمام مرحلة تحمل الكثير من الإنعطافات الإستراتيجية السياسية العسكرية، هذه الإنعطافات لن تكون مُقتصرِة على ساحة ادلب بل على مشهدٍ كبيرٍ في مواجهة التنظيمات المتطرفة ومعها المشروع التركي الذي فشل في إسقاط الدولة السورية.
ساعات حاسمة مرت في ادلب،حيث أمّن الجيش السوري الطريق الدولي حلب – حماة (M5)، ابتداءً من ريف إدلب الجنوبي الشرقي، مروراً بريف حلب الجنوبي الغربي ليسيطر على كامل الطريق الدولي، لأوّل مرة منذ عام 2012، كما سيطر الجيش على ضاحية الراشدين 4، وغابة الأسد، وجمعية الصحافيين غرب مدينة حلب.
تأسيساً على هذه الوقائع، قرى بالجملة تعود سريعاً لسيطرة الجيش، اثر معارك تساقطت فيها تلك المجموعات الإرهابية بعد استعادة الجيش زمام المبادرة العسكرية، وفي الجهة الاخرى تحاول أنقرة استعادة المبادرة الميدانية، عبر دعم هجمات جديدة للمسلحين، في محاولات لاستعادة بعض ما خسروه من مناطق في الهجوم الأخير.
في هذا السياق يرى المحللون العسكريين على أن هذا التقدم العسكري للجيش السوري سيكون له نتائج على المستوى السياسي، توازي الانجاز العسكري، وسيجعل كل التوازنات الإقليمية والدولية، التي تساهم في تعطيل الحل السياسي في سورية، تتراجع والانطلاق في طريق واحد هو طريق العاصمة السورية «دمشق»، وفق ما ستحدده الدولة السورية بعد تطهير كامل تلك المنطقة من الإرهابيين بكافة أشكالهم.
بذلك ثمة مؤشرات تدل على أن الرياح تسير لغير صالح الهوى التركي- الغربي، فبعد كل هذه السنوات من الحرب على سورية، وبفضل تضحيات وإنتصارات الشعب السوري وتجاوزه فخاخ التقسيم وصمود الدولة السورية التي راهن العدوان على سقوطها، لم يحقق هذا العدوان أيا من أهدافه رغم الدمار الهائل الذي ألحقه بالبنية التحتية في سورية، بل لا تزال تخطّ ملاحم الصمود والمقاومة بما حيّر الأتراك ودفعهم إلى التخبط وارتكاب الأخطاء وتلمّس الطريق للبحث عن مخرج من المستنقع الذي وقعوا فيه.
إن عملية تحرير ادلب تعد العملية الفاصلة لنهاية ودحر التنظيمات المتطرفة، كما تؤكد على جهوزية الجيش السوري للتحرك على مختلف الأرض السورية، لذلك فإن التحضيرات مازالت مستمرة، من أجل دحر المتطرفين وأعوانهم في المنطقة، ونتائج هذه المعركة ستنعكس بشكل كبير على نتائج المفاوضات السياسية، وكذلك على مستقبل سورية، من هنا فإن الأيّام المقبلة هي التي ستحدّد وجهة الحرب السورية وإحداث تغيير جذري في الخريطة العسكرية والذي سيكون من بوّابة معركة ادلب التي ستقلب المعادلات في المنطقة.