أكد أمين سر إقليم حركة فتح بتونس مطيع كنعان ان الوضع العربي المتردي شجع الإدارة الامريكية على اعلان وثيقة « صفقة القرن» . وقال ان الشعب الفلسطيني سيظل في الخندق للدفاع عن حقوقه محذرا في حديثه لـ«المغرب» من انه اذا لم يلق الدعم والإسناد من الدول العربية والإسلامية والأنظمة الرسمية فانه بالتأكيد هذه الأنظمة ستكون المتضرر الأكبر . وأوضح ان ما يضعف الحالة الفلسطينية هو وجود الإنقسام الفلسطيني مشددا على ضرورة تجاوزه.
• ما رأيكم بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن صفقة القرن ودلالات توقيته؟
مما لا شك فيه أن صفقة القرن التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتوقيتها لها دلالات عديدة . من الواضح ان ترامب يريد من خلالها ان يساعد نفسه وكذلك حليفه نتيناهو. فكلاهما متهم بالفساد وترامب يواجه محاكمة في الكونغرس فيريد أن يساعد نفسه ويساعد نتنياهو للهروب من الجرائم والتهم المنسوبة اليهما. وأيضا عندما نتحدث عن الصفقة فلا بد وان نبحث في الأسباب التي أدت اليها أي ما الذي شجع الرئيس الأمريكي على اعلان هذه الصفقة التي تتطيح بالحق الفلسطيني وتطيح بحل الدولتين .
الحقيقة باختصار الذي شجع الإدارة الامريكية على اعلان هذه الوثيقة هو اولا الوضع العربي الراهن المتردي وحالة الضعف العربي . وكذلك في العلاقة مع الطرف الأمريكي كان على الدول العربية ان تستعمل على الأقل مصالحها التي بينها وبين الولايات المتحدة . ونحن نعلم ان لغة المصالح لها تأثير كبير، فأمريكا بحاجة الى العالم العربي والإسلامي ، ولكن مع الأسف عندما ترى الإدارة الامريكية ان القضية الفلسطينية أصبحت في وسائل الاعلام العربية وبالنسبة لاهتمامات الأنظمة العربية الرسمية قضية ثانوية، فمن الطبيعي ان تتجرأ وتقوم بإعلان مثل هذه الصفقة . وهي في الحقيقة ليست صفقة بل هي خداع يقوم على فكرة سخيفة وتعطي لشعبنا دولة بالإسم. وفي الحقيقة لا بد من مقاومة الصفقة وهذا المشروع بكل ما أوتينا من قوة وإلا فسيضيع الحق الفلسطيني .
• للأسف هناك بعض الدول العربية دعمت الصفقة بشكل سافر فماذا تقولون؟
بمنتهى الصراحة ، اذا كان هناك من يعتقد ان العدو الصهيوني والإدارة الأمريكية وان هذه المحاولات فقط تريد النيل من القضية الفلسطينية ومن صمود الشعب الفلسطيني فهو مخطئ . الشعب الفلسطيني قدره ان يقف في الخندق المتقدم للدفاع عن شرف الأمة العربية واذا لم يلق الدعم والإسناد من إخوانه في الدول العربية والإسلامية والأنظمة الرسمية فانه بالتأكيد هذه الأنظمة سيلحق بها الضرر وستكون المتضرر الأكبر . وكلنا نتذكر مبادرة الملك عبد الله للسلام والتي وافقت عليها الدول العربية مجتمعة في قمة بيروت ، ولا افهم كيف لبعض الدول العربية ان تخرج عن هذا الاجماع العربي وتقوم بالتطبيع مع الكيان الإسرائيلي . نحن نعلم ان أولى أولويات خطة الملك عبد الله تقول ان لا تطبيع قبل ان تقوم دولة الاحتلال بتنفيذ ما عليها طبق الخطة التي وافق عليها العرب في تلك القمة . ما نراه الآن انه جرى العكس ، فقبل ان تقدم حكومة العدو الصهيوني أي شيء مع الأسف نجد ان بعض الأنظمة العربية تقوم بالتطبيع مع الكيان الإسرائيلي وهذا على فكرة احد الأسباب التي شجعت الإدارة الامريكية على التمادي في الدوس على كرامات الشرعية الدولية التي كانت الإدارات السابقة أحد صانعيها وستتمادى وتعلن مثل هذه الخطة التي تحذف الحق الفلسطيني . بالتالي نتمنى على إخواننا في هذه الدول ان يدركوا حجم الخطوة التي يرتكبوها للتمادي في القبول بمثل هذه السياسة الامريكية وهذه المشاريع وكأن الأمر لا يعنيهم . في الحقيقة هؤلاء سيندمون في المستقبل لان العدو الصهيوني لا يريد فقط القضاء على الحقوق الفلسطينية ولن يكتفي بما يقوم به على الأرض الفلسطينية بل عينه أيضا على بقية العالم العربي.
• ما المطلوب للرد فلسطينيا وعربيا ودوليا ؟
بالنسبة للرد فلسطينيا، اعتقد ان ما يضعف الحالة الفلسطينية هو وجود الانقسام الفلسطيني وحالة الانقسام لا بد من تجاوزها . واعتقد ان القيادة الفلسطينية الآن وقبل ذلك تسعى جاهدة لإنهاء هذه الحالة ونتمنى على إخوتنا في حركة حماس ان يتفهموا خطورة المرحلة وان يكونوا جديين بهذه المسألة ويرتقوا الى مستوى المسؤولية ويستجيبوا لنداء العقل لإنهاء هذا الانقسام البغيض الذي يشكل نقطة ضعف بالنسبة للوضع الفلسطيني .
عربيا ، طبعا الموضوع واضح نحن نسمع أصوات مشجعة من كثير من بعض المسؤولين العرب وبالمناسبة احيي رئيس مجلس الامة الكويتي السيد مرزوق الغانم الذي تحدث بكل موضوعية عن مثل هذه الخطة وطالب الدول العربية بالوقوف مع الشعب الفلسطيني ومساندته امام هذه الهجمة الأمريكية الصهيونية .. كثير من الكتاب والمحللين يرون في هذه الخطة ان مصيرها الفشل المحتوم لأن فلسطين ليست ضيعة ليقوم السيد ترامب بصفقة عقارية عليها . وترامب ليس صاحب حق ليمنح هذا الحق لمن لا يستحق فبالتأكيد محكومة بالفشل .
عربيا هناك اجتماع وزراء الخارجية العرب يوم غد ونتمنى ان يرتقي الى مستوى المسؤولية وان تخرج عنه قرارات تقول للإدارة الامريكية ولترامب «قف وكفى عبثا» بحق الشعب الفلسطيني وبحق تقرير المصير . وكمال قال الرئيس أبو مازن «القدس ليست للبيع وفلسطين ليست للبيع» .
• اليوم ألا ترون ان الموقف الفلسطيني الموحد بشأن صفقة القرن والمختلف عن كل المسارات السابقة مثل الخلاف حول أوسلو ، ألا يمكن ان يؤسّس الى وحدة فلسطينية والى إنهاء الانقسام الكبير؟
اذا كان لهذا الإعلان الذي قام به الرئيس الأمريكي أية فائدة فهي تجليات وبوادر التقارب والوحدة الفلسطينية . فالسيد حسين الشيخ عضو اللجنة المركزية لحركة فتح صرّح بأن هناك وفدا سيتوجه الى قطاع غزة وسيجتمع مع الأخوة في حركة حماس وهناك بوادر تحركات فلسطينية لإنهاء حالة الانقسام وللوقوف في وجه المؤامرة . وهذا شيء طبيعي وملح وضروري ويجب ان يحدث في مثل هذه المراحل الخطيرة واذا لم يحدث ذلك فنحن سنكون في وضع أسوا وعلينا ان نرتقي الى مستوى الحدث والمسؤولية وان نكرس الوحدة الوطنية وننبذ الإنقسام البغيض.
• الى أين يسير الوضع في فلسطين والعالم العربي ؟
نحن نعوّل على صمود أبناء شعبنا فهو كطائر الفينيق سينهض من تحت الرماد . وهو أفشل كل المؤامرات التي واجهت القضية الفلسطينية وكل المشاريع الصهيونية في السابق. وقادر على مواجهة هذه المؤامرة الجديدة بل بالعكس شعبنا تمرس وأصبح لديه الخبرة ونحن نعوّل على قدرات شعبنا البطل. ورأى العالم انه منذ ان اطلق الرئيس الأمريكي المتصهين هذه الخطة لم يهدأ الشعب الفلسطيني وسيواصل نضاله حتى يفشل هذا المشروع . ونضال الشعب الفلسطيني ليس مرتبطا بصفقة ترامب بل يواصل نضاله لان هناك احتلال قائم سواء بوجود صفقة او من دونها . ونحن أصحاب حق وجذورنا ضاربة في اعماق التاريخ لن يلغيها لا ترامب ولا غيره . نحن نتذكر وعد بلفور ونعرف ان صفقة القرن هي اكمال وتكريس لما جاء في وعد بلفور . بالتالي ليست جديدة هذه المؤامرات على الشعب الفلسطيني الذي يدرك شراسة عدوه ومن يقف خلفه . عدونا و الصهاينة ومن يدعم عدونا هو قوة الشر الامريكية التي تساند هذا العدو وتمنحه أسباب التفوق في الشرق الأوسط سواء التفوق العسكري او التكنولوجي . ونحن قدرنا كشعب فلسطيني ومعنا كل الأحرار في الأمتين العربية والإسلامية وكل أحرار العالم ان نقف ونواجه العدو في هذا الصراع بين الخير والشر وبالتأكيد في النتيجة الخير هو الذي سينتصر .