فالتصعيد يكاد يكون نفسه والصرخة المطالبة بالتغيير والإصلاح المنبعثة من بيروت يسمع صداها أيضا في شوارع العراق...مما يؤكد بأن هموم المواطن العربي في عصر ما يسمى بـ « الربيع العربي» بكل اختلاجاته واهتزازاته وملامحه هي واحدة ، وتتعلق أساسا بمحاسبة الطبقة الحاكمة طوال الأعوام الماضية والتي نهبت البلاد وخزائن الحكومات العربية وجعلت عموم الشعب فريسة للفقر والعوز والتشرد وكافة الأمراض الاجتماعية والأزمات الاقتصادية والمعيشية وجعلت سيادة البلاد مرهونة للقوى الخارجية بغض النظر عن توجهاتها .
في العراق بلغ التصعيد أوجه يوم أول أمس عندما القى المحتجون بالقنابل الحارقة والحجارة على الشرطة التي ردت بقنابل الغاز المسيل للدموع . وفي أماكن أخرى في جنوب العراق أشعل مئات المحتجين النار في إطارات السيارات وأغلقوا طرقا رئيسية في عدة مدن من بينها الناصرية وكربلاء والعمارة. وذلك احتجاجا على عدم تلبية رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وعوده ومنها تشكيل حكومة جديدة يقبلها العراقيون.
وفي لبنان أيضا استخدمت قوات الأمن اللبنانية مدافع المياه ضد المحتجين في أعنف أحداث العنف منذ بدء الاحتجاجات في أكتوبر الماضي، مما أدى الى اصابة أكثر من 370 شخصا بجروح، وهو أعلى عدد للمصابين منذ بدء الاحتجاجات.
ولم تشكل الى الآن حكومة جديدة تضع خطة انقاذ للبلاد وسط غضب عام نتيجة الأوضاع المتردية التي يعيشها المواطن في لبنان في ظل تفشي الغلاء وفقدان العديد من المواد الغذائية ونقص البنزين في الأسواق. ومما زاد في نقمة المتظاهرين على ساسة بلادهم هو الإجراءات التي تقوم بها مصارف لبنان ومنعت المواطنين من إمكانية سحب ودائعهم ومدخراتهم في ظل الأوضاع الصعبة التي تعيشها البلاد وتفاقم الأزمة والتي خسرت خلالها الليرة اللبنانية نصف قيمتها مقابل الدولار .
فاليوم يبدو ان المتظاهرين في كل من العراق ولبنان وجلّهم من الشباب، لا يجدون أمامهم -مع غياب فسحة الأمل بمستقبل جديد- سوى طريق «الثورة « بكل ما تحمله من مصاعب وتحديات بعد ان فقدوا الثقة في طبقتهم الحاكمة التي طغت عليها المحسوبية والطائفية والفساد وغياب الحسّ الوطني وسيطرة المحاصصة السياسية والولاءات الخارجية.