وسط تطلعات بأن يتمكن هذا اللقاء من تحقيق ما عجزت عنه مختلف اللقاءات والمؤتمرات التي انعقدت في مختلف مراحل الأزمة الليبية لوقف هذه الحرب العبثية دون نجاح. وتشارك فيه عديد الدول المعنية بالنزاع من بينها روسيا وتركيا والولايات المتحدة وإيطاليا وفرنسا.
ولعل المفارقة هي حضور الجزائر ومصر وغياب تونس رغم انها الدولة الأقرب جغرافيا والأكثر ارتباطا أمنيا وسياسيا بالذي يحصل في ليبيا . وذلك رغم المبادرات العديدة التي أطلقت من أرض تونس لجمع الليبيين سواء في عهد الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي او خلال لقاء الرئيس قيس سعيد بممثلي القبائل والمجتمع المدني الليبي. فتونس دفعت فاتورة باهظة جراء الحرب الدائرة في الجوار الليبي وكان من المفترض ان تكون في طليعة الدول المدعوة لمؤتمر برلين وهو ما يطرح تساؤلات حول اسباب هذا الغياب او التغييب وهل مرده الى الفراغ الدبلوماسي الذي باتت تعيشه بلادنا خاصة في ظل عدم وجود وزير خارجية ...فالأكيد ان عدم حضور تونس سيكون له تأثير ايضا فيما يتعلق بتراجع دورها في أية تسويات قادمة في الجوار الليبي .
ورغم تلكؤ حفتر في الإمضاء على وثيقة وقف اطلاق النار خلال اللقاء الأخير الذي عقد في موسكو ، الا ان الحل السياسي هو الورقة الأخيرة التي يمكن ان تخلّص هذا البلد من شرارة هذه الحرب ودمارها.ففشل مؤتمر برلين سيعني حتما عودة الى العنف والمعارك بكل ما يحمله ذلك من معاناة لليبيين في حياتهم اليومية.
ولعل العنوان الأهم لمؤتمر برلين هو «توحيد المجتمع الدولي من أجل إنهاء النزاع والعودة إلى عملية سياسية من خلال توفير الشروط اللازمة لحوار ليبي-ليبي». والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل باتت جميع الأطراف المؤثرة في الملف الليبي حاضرة لتوقيع هذا الاتفاق ؟ وهل توصلت هذه الدول التي يدعم كل منها حفتر او السراج الى صفقة من أجل اقتسام « الكعكة البترولية» واقتسام المصالح والنفوذ في هذا البلد. ومن يحمي مصالح الليبيين وسيادتهم في ظل هذه التدخلات الخارجية التي لم تتوقف منذ بدء الأزمة بل تعقدت أكثر مع دخول اللاعب التركي ومن ورائه واشنطن بقوة في مقابل النفوذ الروسي المتصاعد في ليبيا والداعم لمحور حفتر ...بعد ان كانت الأزمة الليبية طوال الأعوام الماضية رهينة الصراع بين فرنسا الداعمة لحفتر من جهة وايطاليا الداعمة للسراج ...عدا عن دور بعض الدول العربية مثل الامارات ومصر .
ويبدو ان مشروع البيان الذي سيصدر عن مؤتمر برلين يتمحور حول «ستة محاور» هي «وقف الأعمال القتالية ووقف دائم لإطلاق النار، تطبيق حظر الأسلحة، إصلاح قطاع الأمن، العودة إلى عملية سياسية، إصلاح اقتصادي، احترام القانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان».
فهل سيتمكن المجتمعون تحت سقف برلين من الحدّ من تدخّلاتهم الخارجية التي تؤجّج النزاع، وتوفير أرضية ملائمة لحوار ليبي -ليبي تكون فيه مصلحة ليبيا وأمنها وسيادتها فوق كل الاعتبارات والمصالح؟