وقال التحالف، في بيان على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي ، إنه «علق حاليا الأنشطة العسكرية في العراق للتركيز على حماية القواعد العراقية التي تستضيف أفراد التحالف»، موضحا أن «الأنشطة التي تم تعليقها تشمل التدريب مع الشركاء ودعم عملياتهم ضد «داعش». وتأتي هذه الخطوة عقب الجدل الذي أثاره قرار البرلمان العراقي بإنهاء الوجود العسكري الأمريكي في البلاد على خلفية مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني خلال غارة نفذتها الولايات المتحدة الأمريكية في العاصمة بغداد. كما يأتي هذا القرار بعد قصف إيران لقاعدتين عسكريتين تضمان جنودا أمريكيين في العراق.
وأضاف المتحدث باسم التحالف أنه «على الرغم من تعليق الأنشطة العسكرية في الوقت الحالي، فإنّ الأنشطة الأخرى تستمر بشكل طبيعي بما فيها مكافحة دعاية ‘’داعش’’ الضارة، وتحقيق الاستقرار وتعطيل التمويل».
يشار إلى أنّ البرلمان العراقي صوّت لصالح قرار يطالب الحكومة بإنهاء تواجد أي قوّات أجنبيّة على الأراضي العراقية. وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية والتحالف الدولي انتظارهما لتوضيحات بشأن هذا القرار وطبيعته القانونية وتأثيره على القوات الأجنبية .
ومنذ تزايد حدّة الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران عقب مقتل الجنرال قاسم سليماني كانت العراق -وفق متابعين- الأرض التي دارت فوقها حلقات النزاع والتهديدات المتبادلة بين البلدين. ففي البداية تم استهداف الجنرال العراقي وبعض قادة الحشد الشعبي في العاصمة العراقية بغداد ، كما كان الرد الإيراني على مقتل قائدها العسكري أيضا في الأراضي العراقي بعد ان تم استهداف قاعدتي «عين الأسد» و«اربيل» هناك.
صراع أمريكي إيراني في العراق
عملية الكر والفر بين واشنطن وطهران في العراق ليست وليدة اللحظة بل هي نزاع نفوذ بدا منذ عقود طويلة وتزايدت وتيرته في السنوات الأخيرة خاصة بعد حرب النفوذ التي اندلعت بين الطرفين منذ تولي الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب الحكم تارة بشكل مباشر وتارة أخرى عبر وكلاء وحلفاء البلدين في عدد من دول المنطقة العربية وأهمها العراق.
إذ تشهد العراق منذ الغزو الأمريكي سنة 2003 وجودا أمريكيا تراجعت وتيرته في السنوات الأخيرة بعد الانسحاب الأمريكي لكنه لم يكن انسحابا كليا حيث حافظت الولايات المتحدة الأمريكية على وجودها العسكري في بلاد الرافدين بعد إطلاقها حربا ضد تنظيم ‘’داعش’’ الإرهابي عبر التحالف الدولي دعما للحكومة العراقية المنهكة بسبب سنوات من الحرب وإعادة الإعمار بعد غزو 2003. وعلى صعيد الأدوار الخارجية تشهد العراق أيضا حضورا إيرانيا مؤثرا على أرضها سواء على الصعيد الأمني أو السياسي عبر أذرعها المنتشرة هناك . هذه الأدوار المتداخلة كان لها التأثير دوما على السياسات التي تتبعها الحكومات العراقية المتتالية ماجعله دوما بلدا داخل دوامة العنف والحروب والتجاذبات الأمنية والسياسية على حد سواء.
ومن شان أي تصعيد مرتقب بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية التأثير مباشرة على العراق الذي بات أرضا خصبة للصراع بين البلدين ، بعد أن وجد نفسه مجبرا على التواجد في قلب دوامة التجاذبات بين خصمين دائمين هما في الأساس حليفان للعراق على صعيد سياسي وأمني. ويرى مراقبون ان موازين القوى في المنطقة ستشهد متغيرات جديدة بعد بمقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب قائد قوات الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس وفقدان واشنطن الدعم الأخير الرسمي الذي كانت تحظى به في البلاد . لكن يرى مراقبون أن التغير المرتقب في المشهد الإقليمي سيضع مجددا العراق بين مطرقة الولايات المتحدة الأمريكية وسندان إيران.