ونائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي» في العراق أبو مهدي المهندس، بقصف جوي أمريكي في بغداد. واليوم ومع تشييع جثمان سليماني الى مسقط رأسه في مدينة كرمان الإيرانية ، يسود ترقب حذر مما ستؤول اليه الأوضاع في المنطقة خاصة بعد تهديد ايران بالرد على اغتيال سليماني وتلويح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بقصف 52 «هدفا هاماً» لإيران حال استهدفت طهران أية مواقع تابعة للولايات المتحدة.
كما اكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، امس إن «الولايات المتحدة وباغتيالها للقائد قاسم سليماني، بدأت العد التنازلي لبداية نهايتها في المنطقة». مشيرا الى أن «عواقب اغتيال الولايات المتحدة لهذا القائد العسكري رفيع المستوى، ستطال الأمريكيين عاجلا أم آجلا من شرق العالم إلى غربه». ولعل السؤال الذي يطرح نفسه اليوم كيف ستكون المواجهة المحتملة بين طهران وواشنطن وتداعياتها على المنطقة؟
الوجود الأمريكي
لعل أولى تداعيات اغتيال سليماني هو تصويت برلمان العراق على قرار يدعو فيه الحكومة الى انهاء التواجد العسكري الأجنبي في البلاد. وكان رد ترامب على هذا القرار بالتهديد بفرض عقوبات على العراق اذا طالب برحيل القوات الأمريكية «بطريقة غير ودية»، بحسب قوله . ويقدر الوجود الامريكي على أرض العراق اليوم بقرابة 11 آلاف جندي أمريكي . وتحكم اليوم الولايات المتحدة قبضتها بشكل لافت على هذا البلد وتلعب دورا مؤثرا منذ احتلالها للعراق عقب سقوط نظام صدام حسين . والأكيد ان ادارة ترامب لن تغامر بخسارة ورقات اخرى تمتلكها في أي مكان في العالم وخاصة في بلاد الرافدين. وتمثل ايران مع نفوذها المتصاعد وحلفائها في الداخل العراقي سواء الأحزاب او القوات المسلحة مثل الحشد الشعبي وغيره عامل تهديد للمصالح الأمريكية في هذا البلد.
ويتوقع المراقبون بان تضع ايران استراتيجياتها للرد باحتمالات متعددة سواء من خلال استهداف مصالح الولايات المتحدة في العراق او دول اخرى في المنطقة بشكل مباشر.. او استهداف القواعد الأمريكية العديدة في دول الخليج . فالمعلوم ان واشنطن تمتلك ثماني قواعد عسكرية في العراق وقواعد أخرى في الكويت والامارات وسلطنة عمان والبحرين وقطر، وتواجد عسكري لمئات الأمريكيين في قاعدة سعودية أو في أكثر من قاعدة. كما يمكن ان يكون الرد الايراني غير مباشر من خلال حلفائها أي الحشد الشعبي في العراق او المقاومة في لبنان بكل ما تمتلكه من ثقل ومن توازن رعب في الجنوب اللبناني في وجه « اسرائيل» الحليف الأساسي لواشنطن.
كما لدى ايران ايضا خيارات أخرى للرد مثل الاغلاق الجزئي او الكلي لمضيق هرمز بكل ما يمثله ذلك من تهديد لحركة مرور التجارة الدولية والملاحة البحرية بالإضافة إلى استهداف منشآت النفط السعودية أو شن هجمات الكترونية.
أية تداعيات
ويعتبر الباحث والمحلل اللبناني الباحث في الشؤون الايرانية قاسم قصير لـ«المغرب» ان الجميع بانتظار الرد الايراني العسكري وعلى ضوء هذا الرد يمكن تحديد آفاق الوضع وكيفية تداعياته على الأوضاع ويضيف بالقول: «بموازاة ذلك بدأت القوى العراقية حملة لإخراج الأمريكيين من العراق عبر إلغاء الاتفاقية والضغوط السياسية والشعبية مع احتمال بدء عمليات عسكرية تستهدف المراكز العسكرية الأمريكية». مشيرا الى ان عنوان المعركة المقبلة سيكون مواجهة الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة مما يعني أن الصراع قد يمتد لكل المنطقة بأشكال مختلفة. اما على صعيد لبنان فيضيف بالقول :»مواقف السيد حسن نصر الله تشير إلى عدم فتح الجبهة الجنوبية الآن إلا إذا حصلت تداعيات كبرى في المنطقة أدت لتدّخل الكيان الصهيوني في الصراع . وفي حال ردت أمريكا على الرد الإيراني العسكري وتطورت الأمور إلى مواجهة شاملة فهذا سيكون له تداعيات على كل العالم العربي وخاصة دول الخليج وبلاد الشام مما قد يحول الصراع إلى صراع شامل إضافة لارتفاع أسعار النفط ومخاطر من استهداف بعض الدول العربية». في هذا السياق تؤكد عديد التقارير الاقتصادية ان البورصات العربية هي الخاسر الأكبر من التوترات العالمية وانها خسرت الكثير خلال التوترات الجيوسياسية الواقعة بين الولايات المتحدة وإيران .
ومهما يكن من أمر، فان الأكيد ان مرحلة ما بعد اغتيال سليماني ليست كما قبلها، وان المنطقة دخلت اليوم في مرحلة جديدة من المواجهة المفتوحة بين ايران وواشنطن، لا احد يعرف أي اين ستصل وكيف سيكون حجم تداعياتها في منطقة مليئة بالبراكين المتفجرة وبالأزمات الاقليمية والحروب المفتوحة في اكثر من بلد.