القمة الأربعين لدول مجلس التعاون الخليجي، بدعوة من الملك سلمان بن عبد العزيز، وبحثت القمة سبل تعزيز مسيرة التعاون بين الدول الأعضاء، بالإضافة إلى مناقشة آخر التطورات الإقليمية والدولية وانعكاساتها على أمن واستقرار دول مجلس التعاون. لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: هل حققت هذه القمة مبتغاها لإنهاء الأزمة السعودية- القطرية ؟
انعقدت القمة الخليجية بعد ان وافقت السعودية والإمارات والبحرين على المشاركة في البطولة الخليجية لكرة القدم، التي استضافتها الدوحة قبل عدة أيام، وفي المقابل تعاني السعودية من مشاكل اقتصادية متعددة بعد الهجوم الذي استهدف المنشآت النفطية التابعة لشركة «آرامكو» فضلاً عن تورطها في مستنقع الحرب اليمنية، ولا ننسى قضية مقتل الصحافي، «جمال خاشقجي»، داخل مبنى القنصلية السعودية في “إسطنبول” والتي أخذت أبعاداً دولية وإقليمية، لكل هذه الأسباب تحاول المملكة السعودية تحقيق المصالحة مع قطر لأن الرياض في أمس الحاجة لوقوف جميع دول مجلس التعاون الخليجي إلى جانبها في هذه الظروف الحرجة.
كما أن الكثير من المحللين السياسيين يرون أن أمريكا تمارس ضغوطًا شديدة على دول مجلس التعاون الخليجي بغية تحقيق المصالحة فيما بينها من أجل مواجهة المخاطر الإيرانية «على حد قولها» وذلك من خلال تفوَّيض السفير الأمريكي في الرياض العمل بسرية تامة لإنجاز المصالحة .
ومن هذا المنطلق يبدو أن الأزمة لم تصل خط النهاية بعد، فالأجواء ما زالت مغلقة أمام الطائرات القطرية، وكذلك الحدود أمام تنقلات المواطنين، كما لم تعلن الدول الأربع إنهاء مطالبها، والهجوم الإعلامي على قطر ومسؤوليها، ما زال مستمراً في الإمارات على المستويات الرسمية والصحفية، كل ذلك يشير الى أن الأزمة لم يقترب حلها مع الأطراف ولا توجد أية إجراءات حقيقية لإنهاء الأزمة وتحقيق المصالحة، من خلال رفع الإجراءات عن قطر، سواء فتح الأجواء أمام الطائرات أو حركة المسافرين والبضائع التي تعبر إلى الدوحة.
هناك تصور مطروح جوهره أنه ليس هناك أي مانع من أن تستمر الأزمة لسنوات طويلة قادمة، وبالتالي ليست هناك حاجة ملحة للتفكير في كيفية إنهائها بسرعة، فقطر استطاعت الصمود أمام الحصار السياسي والاقتصادي، الذي فُرض عليها من جانب «الرباعية العربية» ولم ترضخ للضغوط، وهي الآن تبدو قوية وغير مستعدة لتقديم أي تنازلات من أجل إتمام المصالحة معها، وما فعلته السعودية والإمارات والبحرين مع قطر، لا يمكن تناسيه بسهولة من جانب قطر كما تدرك الدوحة أن الرياض ليس لديها النية الحقيقية للمصالحة، وأن ما يدفع الرياض للمصالحة حالياً، هي حالة الضعف التي تمر بها لا سيما في أثناء ضرب منشآتها النفطية.