قال الصحفي والمحلل الجزائري حسين بولحية ان صوت الحراك سيبقى مؤثرا في الحياة السياسية وسيبقى ضمانة لعدم رجوع النظام السابق مجددا. مضيفا في حديثه لـ «المغرب» ان الاحتجاجات ستكون احد العوامل القوية الضاغطة على الرئيس الجديد عبد المجيد تبون للقيام بإدخال الكثير من التغييرات الجذرية على الدستور والقوانين وتركيبة المؤسسات الجزائرية. موضحا بان هناك الكثير من الصعوبات التي تنتظر الرئيس الجديد.
• ماهي قراءتكم لنتائج الانتخابات الجزائرية ؟
لقد عبرت هذه الانتخابات عن رغبة فئة واسعة من الشعب الجزائري في البحث عن تكريس الامن والإستقرار .وهذا الدعم الذي تلقاه عبد المجيد تبون من شرائح واسعة يعود حقيقة الى قيام الرجل بإعلان الحرب على مافيا الفساد والمال في بلاده وعلى رأسهم علي حداد سابقا المدعوم من طرف السعيد بوتفليقة واحمد او يحيى يومها ومجملا اركان النظام البوتفليقي السابق ما ادى لإقالته بعد 59 يوما من توليه الوزارة الاولى .
تلك الوقائع القريبة جدا تركت انطباعا جيدا لدى المواطنين على الرجل.
فضلا عن ذلك فقد حصل على دعم كبير من طرف فئات واسعة اضحت ترى في الحراك عامل تهديد للسلم وللاستقرار وتعتقد ان الحراك بات مختطفا وصار يستهدف التيار الوطني والمؤسسة العسكرية. فكان هذا التصويت يحث على ملاذ آمن يحتمي من خلفه المصوتون خلف رجل يرونه يحقق المطالب الأساسية للحراك ويحظى بدعم واحترام المؤسسة العسكرية التي اضحت ايضا محل استهداف لقيادتها من طرف الحراك الشعبي في الشارع.
• وما هو رأيكم في التحولات التي تعيشها الجزائر ؟
جاء الحراك الشعبي نتيجة لهذا الفساد الذي بات محميا بقوة القانون من طرف النظام الجزائري واضحت مؤسسات الدولة تحميه بدلا من محاربته. ناهيك عن تدهور القدرة الشرائية ووجود نصف المجتمع يعيشون على اقل من دولار واحد يوميا.
باختصار ستؤدي بالنهاية هذه التحولات الكبيرة الى تغيير كبير في بنية النظام الجزائري دون اسقاطه بالكامل، وكذلك ارساء دولة مؤسسات قوية في انتظار تعديل الدستور والقوانين وإجراء انتخابات جديدة برلمانية وبلدية ستسمح حتما لجيل جديد من السياسيين فئات واسعة كانت مهمشة من البروز بقوة .
• إلى اين وصل الحراك ومآل الاوضاع؟
الحراك المجتمعي حقق الكثير من المكاسب للشعب الجزائري لكنه انقسم على نفسه وانسحبت منه شرائح واسعة من المجتمع والعنصر الشبابي نتيجة لبروز خطاب شخصيات سياسية وحزبية وبعض المهرجين... فكان خطابهم وحواراتهم في القنوات الاعلامية الدولية وما يصدر عنهم من تصريحات و بيانات ...كلها عوامل اضعفت الحراك وقلصت مساحة تحركه.
ناهيك عن اختراقه القوي من طرف رجال النظام السابق، وكذا بروز خطاب سياسي عنيف في داخله، وعدم وجود قيادة معروفة. كما ان رفع مايسمى بالراية الامازيغية كان احد اهم العوامل التي اضعفته لان الحراك لم يخرج من اجل مطالب اثنية ولم يكن من ضمن مطالبه اي شيء يتعلق باعادة صياغة الهوية الجزائرية .
انها عوامل كثيرة ومتداخلة ومع هذا سيبقى صوت الحراك مؤثرا في الحياة السياسية وسيبقى ضمانة لعدم رجوع النظام السابق مجددا . وسيكون احد العوامل القوية الضاغطة على الرئيس للقيام بإدخال الكثير من التغييرات الجذرية على الدستور والقوانين وتركيبة المؤسسات الجزائرية.
• هل هناك تغيرات في السياسة الخارجية للجزائر؟
التغيير حصل ويحصل فقد تم ادخال عصابة كبيرة من اركان النظام البوتفليقي السابق ورجال مافيا مالية وسياسية كانوا يعرفون برجال مال واعمال جمعوا ثرواتهم كلها من النهب المعمم والمنظم من طرف النظام البوتفليقي وما يمتلكه من اذرع مالية سياسية وعسكرية ولديها امتدادات، وأذرع في البنوك والجيش والولاة ورؤساء الدوائر وفي مختلف مؤسسات الدولة فضلا عن اذرع ومؤسسات اعلامية كلها كانت من صنع العصابة الحاكمة....
ان هذا كله سيشهد تغيرا كبيرا مستقبلا وحتما المستقبل سيكون افضل.
مع ذلك يمكن توقع وانتظار الكثير من الصعوبات والمعوقات امام الرئيس الحالي. كما انه ليس مستبعدا حصول بعض الاضطرابات الخفيفة سيما في بعض المناطق من ولايات الوسط .