مذكرة التفاهم الموقعة ما بين اردوغان والسراج اضافة الى كون المذكرة في جانبها العسكري هي خرق صارخ لحظر بيع السلاح إلى ليبيا الصادر بشأنه قرار من مجلس الامن الدولي .
تتالت ردود الأفعال المعارضة للمذكرة محليا ودوليا فالرفض المحلي جاء من برقة حيث اعتبر البرلمان المذكرة انتهاكا صارخا لسيادة وأمن ليبيا فيما تعهدت قيادة الجيش بالتصدي لمذكرة التفاهم وأبدت إصرارها على استكمال تحرير طرابلس من الميليشيات المسلحة. الجديد في الردود الخارجية هو ما صرح به مسؤول كبير في الخارجية الروسية أمس الذي طالبت بلاده أنقرة بمراعاة مصالح الآخرين في ليبيا ، بينما تميز الموقف الايطالي بالغموض اذ في الوقت الذي لم تصدر فيه موقف من الاتفاق جددت روما دعم حكومة السراج وذلك على هامش زيارة وزير الخارجية الوفاق الى العاصمة الايطالية قادما من تركيا .
ويجمع المراقبون على أن تركيا وبهذه المذكرة المثيرة للجدل تتجه نحو إشعال حرب محتملة في الساحل الجنوبي للمتوسط وقريبا من اوروبا ،وخلق صراعات داخل دول المنطقة مستعملة الجماعات الاسلامية سيما المتشددة منها انطلاقا من غرب ليبيا. مستجدات وتطورات سيناقشها – مؤتمر الحوار بالمتوسط المرتقب عقده في روما مطلع الاسبوع القادم وبحضور عدد كبير من ممثلي الدول المطلة على ضفتي المتوسط بينها تركيا – اليونان –مصر – ايطاليا وفرنسا وتونس. ولفت المتابعون النظر لغياب رد فعل من دول الجوار ليبيا باستثناء الحكومة المصرية الرافض بقوة، لم يصدر موقف لا من تونس ولا من الجزائر برغم ان إحدى الدولتين معنية بصورة مباشرة بموضوع الجرف القاري والتنقيب عن الغاز، إضافة الى نقطة فسح المجال الجوي لليبيا أمام الطيران التركي.
و على صلة بذلك يتواجد على الأراضي الليبية الآن ما يناهز 21 جماعة او تنظيما إرهابيا ضمنهم – الموقعون بالدم بقيادة الإرهابي الجزائري المختار بن مختار المكني بالأعور – بقايا انصار الشريعة تنظيم جيش الصحراء – سريا الدفاع عن بنغازي من هذه الجماعات اغلب عناصرها ينحدرون من دول الجوار – الجزائر – تونس –مصر – السودان .
عموما يبدو أن مسالة السيناريو السوري قد يتجدد على ارض ليبيا وبأكثر قوة – فتركيا بهذه الاتفاقية كشفت عن أهدافها بوضوح وهي بالأساس اقتصادية أهمها ضمان تعهدها بمشاريع إعادة إعمار ليبيا – بيع السلاح – الانتفاع بالغاز والنفط، وسياسيا الحصول على موطئ قدم على حدود مصر المنافس رقم 1 لتركيا – موجهة الرد على الاتفاق – المصري – اليوناني – القبرصي ،غير مبالية بخرق القانون الدولي و قرارات مجلس الأمن الدولي حول ليبيا .
تبعا لهذه المستجدات لن تقف الأاطراف الإقليمية الرافضة لمذكرة التفاهم بين طرابلس وأنقرة مكتوفة الأيدي بل سوف تسعى لتشكيل تحالف في ما بينها لدعم الطرف المحلي المعارض للاتفاق، المحصلة المنطقة برمتها مقبلة على حرب عنوانها الأبرز الطاقة شرقي المتوسط..
عسكريا كل السيناريوهات واردة
إلى ذلك وعلى صلة بالرفض المطلق للاتفاق والذي بلغ حد اتهام السراج بالخيانة وفي السيادة الوطنية، وكذلك التهديد الشديد اللهجة من إحدى الدول الكبرى المجاورة لليبيا بالتدخل عسكريا لجانب حفتر واعتبار الاتفاق والوجود التركي يمس من أمنها القومي وتمادي أنقرة في تجاهل الرفض الواسع للاتفاق. يبدو أنّ الصراع أو الحرب حول طرابلس سوف تتخذ منحى خطير وغير مسبوق لحصول صدام بين اكبر قوتين في منطقة الشرق الأوسط وهي مصر وتركيا، لكن على الأرض والأجواء والمياه الليبية الأخطر من ذلك أنّ أي صدام وحرب بهذا الحجم من السلاح الجو المتطور و قطع بحرية قد يكون من الصعب حصره جغرافيا بمعنى انّ أي حرب كهذه قد تشمل دولا مجاورة لليبيا ولو على تخوم الحدود المشتركة.