هل ينجو ساكن البيت الأبيض ؟ ترامب بين تسارع تحقيقات العزل وقطف ثمار مقتل «أبي بكر البغدادي»

تستمر في الولايات المتحدة الأمريكية جلسات الاستماع في مجلس الشيوخ الأمريكي «الكونغرس» ، المتعلقة بعزل الرئيس

دونالد ترامب على خلفية الاتهامات المُوجّهة له بعد صدور تقارير تفيد بأنه شجع زعيم دولة أجنبية (أوكرانيا) على إجراء تحقيق قد يضرّ بأحد خصومه السياسيين وهو جو بايدن.

ووفقا لهذه الاتهامات طفت على السطح فرضية عزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتغزو المشهد السياسي على الساحة الأمريكيّة والدولية على حدّ سواء،وذلك بعد أن قادت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي حملة كبيرة لعزل ترامب من رئاسة البلاد. ومن أهمّ أسباب عودة الجدل حول إمكانيّة عزل ترامب من منصبه كانت المكالمة الهاتفية التي أجراها مع نظيره الأوكراني فلوديمير زيلينسكي طالبا منه التحقيق حول نجل منافسه في الانتخابات الرئاسية ومستشاره السابق جو بايدن .

هذه الاتهامات أصبحت مزعجة لترامب مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي ومساعي ترامب للفوز بعهدة ثانية ، ماجعله وفق مراقبين يحاول اقتناص الفرص لتبييض صورته وتحقيق مكاسب تُحسب له في حياته السياسية . ولعل من بين أهم النقاط التي حاول من خلالها ساكن البيت الأبيض الجمهوري دونالد ترامب تلميع صورته كان إعلانه عن مقتل زعيم تنظيم ‘’داعش’’ الإرهابي ابوبكر البغدادي في عملية عسكرية استهدفت معقله السري.

واعتبر متابعون ان ماحققه ترامب من «نصر» سياسي في العملية العسكرية التي استهدفت البغدادي كانت بمثابة المتنفس له بعد طوق الضغوطات الذي يحيط به منذ انطلاق حملة عزله والانتقادات الشديدة -من الداخل سواء معارضيه وحتى مسانديه - لقراره سحب القوات الأمريكية من سوريا.

«ثمار مقتل أبي بكر البغدادي»
في هذا السياق قال الكاتب العراقي المختص في الشؤون الأمريكية جاسم البديوي لـ«المغرب» أنّ حدث مقتل زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي يعد أهم حدث في ملف التنظيمات الإسلامية المسلّحة بعد مقتل أسامة بن لادن سنة 2011 في ابوت اباد الباكستانية. وأضاف «أتى الحدث في وقت تعيش المنطقة الكثير من الانقلابات الدراماتيكية في موازين القوى سياسيا وعسكريا بين انسحاب أمريكي وصف بخيانة الأكراد في شمال سوريا مقابل اتفاق هش مع الأتراك شمال سوريا، وشبه هيمنة روسية على السماء والأراضي هناك ورغبة لنظام سوريا لضم الأراضي التي استنفدها الصراع منذ أكثر من ثمان سنوات» وفق تعبيره.

وعلى صعيد تأثيرات مقتل البغدادي على المشهد الداخلي في الولايات المتحدة الأمريكية وتحقيقات عزل ترامب قال محدثنا « يُقرا حدث مقتل مؤسّس تنظيم«داعش» على انه نهاية حقبة في الصراع، ويفهم في الوقت ذاته على انه بداية حقبة أخرى لا يمكن إدراك عواقبها ومنطلقاتها’. وتابع «كيف لا وقد قدم ترامب رأس اكراد سوريا على طبق من ذهب في حضرة السلطان التركي، فلم لا يقدم السلطان رأس الخليفة المهزوم إلى ترامب الباحث عن أية قدحة نصر ليحرق بها خصومه الديمقراطيين الذين يعدون العدة لحرقه في قضية التخابر مع الأوكرانيين، فكيف اذا كانت القدحة هي مقتل الشيطان بنفسه؟».

واضاف الكاتب العراقي «لم يعد موضوع تنظيم «داعش» الارهابي موضوع الساعة لدى الأمريكان منذ هزيمته في العراق سنة 2017 ، ولم تتصدر اخبار «داعش» عواجل الأنباء منذ فترة ليست بالقصيرة، كما أن البغدادي الذي حصر عملياته في الشرق الأوسط لم يهدد أمريكا ويصيبها في مقتل كما فعل أسامة بن لادن الزعيم السابق لتنظيم القاعدة في 11 سبتمبر المشهورة، لذلك لا ينظر الأمريكان إلى تنظيم «داعش» على انه الخطر الأكبر اللهم إلا هؤلاء الذين يرون في مقتل البغدادي كسبًا انتخابيًا يمهد طريق الولاية الثانية لترامب الذي يحاول اليوم خصومه تنحيته من السباق الرئاسي قبل أن يبدأ.

وأشار البديوي إلى أنّ الأمريكان لم يقدموا تفاصيل كثيرة عن العملية التي يحيطها الغموض وأثارت الصحف هناك تساؤلات حول ما الذي يفعله البغدادي في مناطق أعدائه وعلى مرمى حجر من تركيا التي قد لا يسعفها الحرج في شرح موقفها من العملية كلها. مشيرا إلى أن الأمريكان لم يأبهوا حول خليفة البغدادي الذي قدمه التنظيم باسم (ابو ابراهيم الهاشمي) ولا شكل التنظيم وفاعليته بقدر ما اهتموا بموضوع (بيع الأكراد) وليس لديهم أفكار حول شكل الأدوار الدولية والمحلية في المنطقة التي تركتها إدارة ترامب للفوضى من خلال فكرة (ليتقاتلوا ولنتحدث مع الرابح).

واضاف ‘’كما لا ينتظر دورا قويا للتنظيم المدحور بعد خسارة مؤسسه الشرس، ورغم أنّ هذه الجماعات لا تفتقر إلى القيادات إلاّ أنّها معروفة بتراجع خطرها بعد تصفية زعمائها (الكاريزما) فالظواهري ليس كبن لادن، وأبو أيوب المصري ليس كالزرقاوي. ويبدو جليًا أنّ من الصعب أن يستجمع تنظيم «داعش» الإرهابي قواه أو أن يستعيد مكانته كما كان من قبل لاسيما بعد شحن المنطقة بالجيوش والمليشيات والفصائل التي قد تفوق التنظيم بالعدد والعدة. وهذا يعني عودة التنظيم إلى حالة ما قبل 2014 والبقاء في الظل على طريقة الخلايا النائمة والهجمات المتفرقة».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115