إذ أكّد مكتب رئاسة الوزراء في العراق،أمس الثلاثاء رئيس الوزراء عادل عبد المهدي،يسعى لتقديم تعديلات وزارية .ورغم أنّ المظاهرات التي تعمّ أغلب المدن العراقية انطلقت عبر مطالب شعبية على علاقة بالبطالة والمستوى المعيشي المتردّي لترتفع وتيرتها وتصل حد مطالبة آلاف المتظاهرين باستقالة الحكومة ومسؤوليها . وكان تعامل الحكومة مع المظاهرات محل انتقادات داخلية وأخرى إقليمية وأيضا دولية نظرا لاستعمال العنف والرصاص الحي لردع المتظاهرين مما خلف مئات القتلى والجرحى .
وارتفع عدد قتلى الاحتجاجات، التي تجتاح مدن جنوب ووسط العراق، بالإضافة إلى العاصمة، إلى 315 شخصا على الأقل منذ بدء الاحتجاجات التي تفجرت بسبب غضب المواطنين من النخبة الحاكمة التي يعتبرونها فاسدة.
ويأتي إعلان حكومة عبد المهدي عن وجود مشاورات لإجراء تعديل وزاري في سياق التحركات الرسمية التي تقوم بها الحكومة لإخماد نار المظاهرات المشتعلة في أغلب المدن ، ففي البداية أعلنت حكومة عبد المهدي بدء حملة ضد الفساد عبر حملة اعتقالات استهدفت مسؤولين ووزراء وأمنيين أيضا إلا أنّ ذلك زاد من تأجيج الاحتجاجات المطالبة بإقالة حكومته. وطالب العراقيون المرابطون في الشوارع بالقطع مع منظومة الفساد والمحسوبية والمُحاصصة وتحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية الهشة . وخرج الآلاف للتظاهر تعبيرا عن غضبهم من ارتفاع معدلات البطالة ونقص الخدمات وانتشار الفساد. ويرى مُتابعون للشأن العراقي أنّ المظاهرات دخلت منعرجا آخر بعد أن بدأت المواقف السياسية في الظهور ،وماتبع ذلك من دعوة دعا الزعيم الشيعي مقتدى الصدر إلى استقالة الحكومة وهو ما رفضه عبد المهدي.
وذكر المتحدث الرسمي باسم مكتب رئيس الوزراء العراقي، سعد الحديثي، أن عبد المهدي سيتوجه عما قريب إلى مجلس النواب حتى يطرح رغبته في تعديل وزاري.وأوضح الحديثي، أنّ عبد المهدي سيقدم قائمة بعدد من الوزراء حتى يشغلوا حقائب مرتبطة بالخدمات والاقتصاد، بما يستجيب لمطالب المتظاهرين.
وزاد توتر الشارع العراقي من تعقيدات المشهد السياسي في العراق فرغم أنّ الاحتجاجات بدأت بصفة سلمية وعفوية إلاّ أنّ أغلب الكتل السياسية والأطراف الفاعلة في المشهد العراقي خيّرت الاصطفاف إمّا إلى جانب الحكومة -وهي قليلة- أو خيرت الانضمام إلى صفّ المتظاهرين ،وقرّرت كتل سياسية عراقية منح حكومة عبد المهدي مُهلة 45 يوما فقط لتنفيذ الإصلاحات التي وعدت بها أو التوجّه إلى البرلمان العراقي بهدف سحب الثقة من الحكومة أو إجراء انتخابات مبكرة. ومن أبرز هذه الكتل «تحالف الفتح»، والكتل الكردستانيّة بالإضافة إلى 10 كتل أخرى .
أطراف داخلية وأخرى خارجيّة
وتزايدت وتيرة الاحتجاجات التي بدأت في العاصمة بغداد قبل أسابيع لتطال في ما بعد مدنا أخرى وصولا إلى المنطقة الخضراء وهي منطقة ذات أهميّة بالغة باعتبار أنّها تضم منشآت حساسة وسفارات اغلب الدول العربية والأجنبية ، وخلفت المواجهات عشرات القتلى ومئات الجرحى . وتعالت أصوات المنظمات والدول المنادية بالتهدئة بضرورة احترام الحق في التظاهر السلمي وسط مخاوف من توسّع رقعة الاحتجاجات وتأثيراتها على أمن العراق وأمن المنطقة .
ويرى مراقبون أنّ التطورات الأخيرة التي هزّت العراق كانت سببا استغلته الأطراف الدولية وأوّلها الولايات المتحدة الأمريكية لضرب النفوذ الإيراني في العراق وذلك في إطار الحرب الدولية ضدّ طهران، فعلاوة على الدعوات الدوليّة الى ضبط النفس وعدم استعمال القوّة المفرطة بدأ المُجتمع الدولي إلى دعوة إيران إلى عدم التدخل في الشأن الداخلي الإيراني.وجاء في مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، قال فيه أنّ «إدارة بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه الفساد الذي يجلب المعاناة للعراقيين».