بخمسة عشر نقطة وبعيدا عن حزب الحرية المتطرف ( 16 % ) الذي كان شريكه في الحكومة المتخلية. و شهد المشهد السياسي صعود حزب الخضر لأول مرة بنسبة 14 % من الأصوات.
انتخابات يوم الأحد 29 سبتمبر أسفرت على نجاح باهر و شخصي لسباستيان كورتز (33 سنة) الذي يجد نفس بدون حليف. و من المنتظر أن يعينه مجددا رئيس الدولة مستشارا لتشكيل الحكومة الجديدة. و إن تحسنت نسبة النجاح مقارنة بانتخابات 2017 ب ست نقاط فإن عدد المقاعد المسجلة لفائدة حزبه في المجلس الوطني ( 73 مقعدا على 183) لا تكفي لتشكيل أغلبية. ويبقى كورتز وحيدا في الساحة بسبب السياسات المتطرفة التي اتبعها مع حزب الحرية مدة 18 شهرا.
معاقبة اليمين المتطرف
نجاح كورتز تزامن مع معاقبة الناخب النمساوي لحزب الحرية المتطرف جراء الفضائح التي اندلعت في شهر ماي و هزت الاستقرار الحكومي مما أجبر المستشار الى اللجوء إلى انتخابات سابقة لأوانها. و كان رئيس حزب الحرية السابق هاينز كريستيان شتراخيه قد ضلع في فضيحة ما يعرف ب «إيبيزا غايت» المتعلقة بمعاملات مالية غير قانونية مع مستثمرين من روسيا الاتحادية. و اندلعت إثر ذلك فضيحة مالية أخرى داخل الحزب أجبرته على الاستقالة.
خسارة حزب الحرية المتطرف الذي جعل من ملف معاداة الهجرة الركن الأساس في السياسة النمساوية تأتي بعد خروج حزب الرابطة في إيطاليا بقيادة ماتيو سالفيني من الحكومة و تكرس تراجع تشكيلات اليمين المتطرف في أوروبا مع تغيير اهتمام الرأي العام بقضايا حساسة مثل البيئة والاحتباس الحراري.
صعود مذهل للخضر
لأول مرة في تاريخ النمسا يصعد حزب الخضر إلى نسبة 14 % التي تمكنه من الدخول الى الحكومة. مشاركة المحافظين في الحكم تبقى أمرا غير سهل بسبب الاختلافات العميقة بين الحزبين. لكن زعيم الخضر فيرنار كوغلار اعتبر أن دخوله في ائتلاف حكومي مع حزب الشعب المحافظ لن يحصل إلا في صورة «تغيير سياسي جذري» من قبل سباستيان كورتز لا يتعلق فقط بسن سياسات تتماشى و حماية المحيط بل تذهب إلى ما هو أبعد أي، حسب عباراته «مقاومة الفساد و الفقر» . وهي من معالم التوجه الشعبي البعيد عن عقيدة المحافظين.
النتائج المسجلة تعطي مبدئيا أغلبية مطلقة في المجلس الوطني النمساوي لحزبي الشعب و الخضر. و في صورة عدم تمكن كورتز من إقناع الخضر لا يبقى أمامه سوى الدخول في مفاوضات – تبدو شبه مستحيلة – مع خصمه التاريخي الحزب الاشتراكي الديمقراطي من أجل حكومة ائتلافية واسعة بين اليمين و اليسار على غرار ما يجري في الجارة الشقيقة ألمانيا. وحسب ما ورد في الصحافة النمساوية فإن إعلان زعيم حزب الحرية الجديد عدم الرغبة في المشاركة في الحكومة فإن إمكانية أن يجد حزب الخضر حلا وسطا مع سباستيان كورتز أصبح واردا خاصة أنه سوف يحظى بمساندة واضحة من رئيس الدولة الكسندر فان در بيلن الذي ينتمي إلى نفس العائلة الإيكولوجية.