تضارب في المواقف الدولية تجاه محاولات الانقلاب التي تهدف للإطاحة بحكم الرئيس الحالي نيكولاس مادورو. وتمت اخر محاولة انقلابية يوم أمس الأول بقيادة السياسي المعارض خوان غوايدو بدعم امريكي ورفض روسي .
وخلق هذا التضارب في مواقف البيت الابيض الذي دعم منذ بداية الاحتجاجات في فنزويلا بالإضافة الى دول غربية اخرى تولي المعارض خوان غوايدو رئاسة البلاد ، في حين اعلنت روسيا وعدد من العواصم الاوربية رفضها تنحية مادورو الذي يحكم البلاد منذ 14 أفريل 2013، وكان قبلها شغل منصب وزير خارجية فينزويلا بين 2006 – 2013. وأصبح نائبا للرئيس هوغو تشافيز من سنة 2012 إلى 2013 .
ويرى مراقبون أنّ فنزويلا باتت اليوم رسميا الساحة التي تحتضن الصدام الروسي الأمريكي ، إذ تلوّح الولايات المتحدة الأمريكية بالتدخّل عسكريا وهو ماتحذّر منه روسيا التي منعت قبل يومين محاولة انقلابية جادة للإطاحة بمادورو. إذ أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أنّ «الرّئيس دونالد ترامب كان مستعدا إذا اقتضى الأمر للتدخل عسكريا في فنزويلا»، حيث وقعت صدامات جديدة بعد الانقلاب الذي نفذته قبل يومين مجموعة من الجنود انضموا إلى المعارض خوان غوايدو الذي حظي بدعم واعتراف حوالي خمسين دولة كرئيس انتقالي من بينها الولايات المتحدة. لكن وزير الخارجية الروسي أجاب منددا بـ«النفوذ المُدمّر» للولايات المتحدة في فنزويلا و«تدخل واشنطن في شؤون فنزويلا» كما قالت موسكو.
ضغوطات خارجية
ويرى متابعون أن واشنطن تشن منذ اشهر حملة ضغوطات شرسة بهدف اجبار مادورو على التنحي بوسائل سياسية ، إلاّ أنّ تمسكه كان سببا في مرور امريكا الى مرحلة اخرى تقوم على دعم انشقاقات مسؤولين في منظومة الحكم بكاراكاس وتوجيه تحذيرات وتهديدات لمؤيدي الرئيس الفنزويلي. وبالإضافة الى الضغوطات السياسية تمارس ادارة ترامب ضغوطات اقتصادية ومالية حادة ضد حكومة نيكولاس مادورو تمثلت بالأساس في فرض حظر على النفط الفنزويلي الذي تستورده أساسا الولايات المتحدة.
يشار الى أن المعارض خوان غوايدو كان قد اعلن نفسه رئيساً بالوكالة وسط احتجاجات شعبية صاخبة خلفت عددا من القتلى والجرحى قتيلا ، وطالب شق من المتظاهرين برحيل الرئيس نيكولاس مادورو المُنتخب فيما أعلن البعض الاخر دعمه له مطالبين باحترام نتائج الانتخابات التي نصّبته رئيسا للبلاد.
وداخليا أعلن وزير الدفاع الفنزويلي رفض الجيش إعلان غوايدو نفسه «رئيسا بالوكالة»، الاّ ان محاولة الانقلاب الاخيرة كان فيها عدد من قادة الجيش الذين اعلنوا دعمهم لغوايدو ، ورغم ان محاولتهم ايضا باءت بالفشل يؤكد متابعون ان هذه الخطوة تأتي بالأساس بدعم امريكي واضح.
مواقف متضاربة
وتم تنصيب مادورو لولاية جديدة في العاشر من جانفي 2019 بعد انتخابات ندّدت المعارضة بنتائجها متهمين مادورو بالتزوير، وتنضاف أزمة الحكم هذه الى الوضع الهش الذي تعيشه البلاد وسط أعنف أزمة اقتصادية مرت على فنزويلا منذ عقود طويلة ، حيث من المتوقع أن يبلغ مستوى التضخم عشرة ملايين في المائة هذا العام علاوة على انتقادات داخلية ودولية لتراجع منسوب الديمقراطية في هذا البلد .
وتعيش فنزويلا منذ تنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها العام الماضي من قبل نظام نيكولا مادورو الاشتراكي، والذي فاز فيه الاخير بولاية ثانية تبقيه رئيسا لفنزويلا لمدة ست سنوات قادمة ، منعرجا اقتصاديا وسياسيا خطيرا بعد أن اعتبرت المعارضة هذا الإجراء «انقلابا على الديمقراطية».وطالبت المعارضة، أمام السياسة التي اعتبرتها استبدادية ورامية إلى إرساء نظام دكتاتوري، باستقالة الرئيس مادورو ونظمت استفتاء شارك فيه أكثر من 7 ملايين ناخب للمطالبة بتنحي الرئيس الذي يحكم البلاد منذ عام 2013 .
هذه التطورات المتسارعة في فنزويلا قابلتها ردود فعل دولية متضاربة للغاية بين مرحب وداعم للخطوة التي اقدم عليها خوان غوايدو وبين رافض لها وداعم للرئيس نيكولاس مادورو . وتجمع عشرات الآلاف من المؤيدين في العاصمة «كراكاس» احتجاجا على سياسات مادورو التي اتسمت بالضبابية منذ توليه الحكم، ويرى مراقبون أن الاوضاع الاقتصادية في هذا البلد الذي شهد في السابق نجاحات ملحوظة ، بات اليوم يسير نحو الهاوية سواء على الصعيد الاقتصادي الاجتماعي وحتى السياسي نتيجة سياسات حكومية خاطئة .
وانقسم المشهد الدولي في الآونة الأخيرة الى مُعارض وداعم لإعلان غوايدو نفسه رئيسا انتقالية ، إلا أن شقا اخر تتصدره روسيا وعدد من الدول الاخرى على غرار تركيا وكوبا وغيرها ابدت تمسكها بالرئيس الشرعي للبلاد. واتسمت علاقة فنزويلا بدول جوارها في الاونة الأخيرة بالتضارب والانتقادات والهجمات الكلامية المتبادلة خاصة بين مادورو وترامب فيما يتعلق بقضايا داخلية وأيضا بقضايا اخرى عالقة بين البلدين . كما ان علاقة التحالف بين مادورو وروسيا لطالما أرّقت الولايات المتحدة الامريكية خاصة وان موسكو كانت الدولة الوحيدة التي أقرضت حكومة فنزويلا لمساعدتها على انتشال اقتصادها المنهار . وقوبل هذا الدعم الروسي لفنزويلا بمعارضة امريكية حادة خاصة بعد ارسال موسكو قاذقتي قنابل استراتيجيتين روسيتين قادرتين على حمل أسلحة نووية الى السلطات الفنزويلية ما اثار غضب ادارة البيت الابيض. هذا واعتبرت موسكو التحركات الساعية للإطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو غير قانونية.