المرة الى وقف صادرات النفط الايرانية ، وذلك في أكثر خطوة أمريكية خطورة على المشهد الاقليمي والدولي منذ انسحاب الولايات المتحدة الامريكية من الاتفاق النووي الغربي مع طهران.
يشار الى أن الولايات المتحدة الامريكية اعلنت على لسان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أن بلاده لن تمنح إعفاء من العقوبات لدول «الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وتركيا»، والتي تستورد النفط من إيران، بعد الثاني من ماي المقبل.وقال بومبيو في مؤتمر صحفي، إن 40% من دخل النظام الإيراني متأت من مبيعات النفط، مضيفًا أنه قبل أن تدخل العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ كانت إيران تحصل على 50 مليار دولار من عائدات النفط.
وفي ذات السياق، كتب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر، أن الولايات المتحدة والسعودية والإمارات، ستقومان بتعويض النقص العالمي في النفط، بعد تشديد العقوبات على طهران.وأضاف ترامب: «المملكة العربية السعودية ودول «أوبك»، قادرتان على توفير إمدادات النفط الخام للأسواق العالمية، بعد انتهاء إعفاءات إيران».
وتتزايد مخاوف المجتمع الدولي من التأثيرات المحتملة خلال الايام القليلة المقبلة لتداعيات هذا القرار الامريكي على الأسواق العالمية وأسعار النفط على الصعيد الدولي ، رغم أن ادارة البيت الأبيض اكدت ان الاسواق العالمية لن تتأثر بعد حصولها على ضمانات اماراتية سعودية .
في المقابل حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني السعودية والإمارات من أن إيقاف صادرات النفط الإيراني أمر غير ممكن، متعهدا بالرد على ما أسماه العداء لإيران ، ومحذرا من عدم السكوت على إيقاف الصادرات النفطية.
ويرى مراقبون ان تقليص تصدير النفط الإيراني هو الحل الانجع لفرملة النفوذ الايراني في المنطقة ، الا أن شقا آخر يرى ان هذا القرار سيزيد من قوة ايران وسيدفع المنطقة الى حرب غير محمودة العواقب خاصة وأن ايران تمتلك بدائل اخرى باعتبار ان طهران تصدر النفط إلى 15 دولة جارة لها برّا وبحرا .
وتدخل العقوبات الأمريكية منعرجا جديدا هذه المرة لتصل الى محاولة «تصفير’’ صادرات النفط الإيراني في خطوة للضغط على دورها ونفوذها في ملفات المنطقة سواء سوريا العراق اليمن او لبنان. وتستهدف العقوبات الامريكية الجديدة حرمان السلطات الايرانية من 40 بالمائة من عائداتها المتأتية من النفط. ورغم أن هذه الخطوة يعتبرها مراقبون صعبة الاّ أن متابعين يحذرون من عواقب هذا التصعيد بين الطرفين.
أبعاد القرار
من جهته قال الكاتب العراقي نصيف الخصاف لـ«المغرب» ان العقوبات الأمريكية على إيران كانت متوقعة منذ مدة وأعلنت الولايات المتحدة اكثر من مرة انها لن تجدد الاستثناءات او الاعفاءات مرة أخرى ، وتابع « بعض البلدان كيفت نفسها خلال المدة السابقة للتعاطي مع هذه الحقيقة بما في ذلك إيران نفسها بإستثناء العراق - المسترخي اعتمادها على عكاز ان وضعه لا يحتمل ان تضعه الولايات المتحدة على قدم المساواة مع الآخرين- وكأن على حكومة الولايات المتحدة التفكير والتصرف وفقا لماهو مناسب أو غير مناسب للعراق، ونحن ندفع ثمن هذا العقم الفكري والسلوك السياسي غير الحكيم واللامبالاة والفوضى الإدارية الفاضحة».
وأضاف الكاتب «ان اغلب دول العالم كيفت نفسها مع حتمية حصول هذا الأمر بما في ذلك إيران نفسها ، فثمة اتفاق على تعويض النقص في أسواق النفط الناشئ من توقف النفط الإيراني من السعودية والإمارات وغيرهما، الأمر الاخر ان لإيران حدودا برية مع دول عديدة بعضها ليست نفطية وسوف تكون ممرات لتصدير النفط الإيراني إلى مناطق أبعد ، علما ان الصادرات النفطية لا تشكل اكثر من 35 ٪ من الموازنة الإيرانية بينما كانت الصادرات النفطية تشكل 95 ٪ من موازنة العراق قبل الحصار الاقتصادي على العراق بعد احتلال الكويت والذي كان بقرار اممي وشمل كل شيء›› وفق تعبيره.
تداعيات متوقعة
وبخصوص تداعيات هذا القرار أجاب محدثنا أنه ستكون للقرار تبعات بالتأكيد على الاقتصاد الإيراني لكن ليس بالمستوى الذي يهدد استقرار النظام السياسي فيها او يهدد بثورات شعبية ضده وفق تعبيره ، وتابع «لكن سيستخدم القرار ضد الدول الأخرى لحلبها وخاصة دول الخليج والعراق ، وسوف تطلب الولايات المتحدة من بعض الدول زيادة إنتاج النفط «للتعويض عن النفط الإيراني» بينما في الحقيقة هو مبرر لزيادة الإنتاج بغية خفض الاسعار ، وستطلب الولايات المتحدة من العراق وقف استيراد الغاز الإيراني لمحطات توليد الطاقة وسيستخدم هذا الملف مبررا للتهديد بفرض عقوبات على العراق خاصة اذا ما ظهر تنامي نفوذ أصدقاء إيران في حكومة عادل عبد المهدي›› على حد تعبيره.
وأضاف الكاتب العراقي أن «الأمر لن يتفاقم إلى مواجهة عسكرية رغم التلويح بها من الجانبين فكلاهما ليس مستعدا لتحمل عواقبها على المنطقة والعالم ، متابعا أن الأكثر احتمالا للحدوث هو مواجهة ضد أصدقاء إيران في المنطقة حزب الله في لبنان وبعض الفصائل المسلحة في العراق، وسوف تكون إسرائيل وليس الولايات المتحدة هي الطرف المنفذ لتلك الضربات ان حدثت ، وهناك احتمال ضعيف باستهداف بعض ناقلات النفط الإيرانية في الخليج».
وتابع نصيف الخصاف القول أن الاحتمال الأخير ضعيف جدا لانه احتمال غير مضمون النتائج باحتمال تصاعده إلى مواجهة عسكرية شاملة في المنطقة الأمر الذي لا تحبذه الولايات المتحدة ولا تسعى إليه.
بدائل ايرانية
وسبق أن أعلنت إيران عن آلية أوروبية جديدة لتسهيل التجارة غير الدولارية مع طهران ،كضربة مُوجعة للولايات المتحدة الأمريكية التي تفرض حزمة من العقوبات الاقتصادية المشدّدة على ايران . وتسعى طهران من جهة والدول الاوروبية من جهة اخرى إلى الالتزام بتعهداتها المضمنة في الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين بموجب الاتفاق النووي الذي انسحبت منه أمريكا في وقت سابق.ويرى مراقبون أن تعامل ايران مع سياسة أمريكا لتصفير النفط سيكون الرد عليه على غرار الالية الايرانية الاوربية للتجارة .
وتعد الخطوة التي كانت مفاجئة للجانب الامريكي تحديا أوروبيا للعقوبات القاسية التي فرضتها واشنطن انذاك على الجانب الايراني وقالت ايران أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا يعدون لإنشاء قناة مالية للتعامل مع إيران، ومقرها باريس، للالتفاف على عقوبات واشنطن ضد طهران المتعلقة بالبرنامج النووي الايراني.