أكثر من 200 قتيل ومئات الجرحى ، في أعنف مواجهات ميدانيّة تشهدها العاصمة طرابلس على امتداد الـ15 يوما الأخيرة . ورغم الجهود الاقليميّة والدولية لتقريب وجهات النظر بين أطراف حرب طرابلس،يتمسك طرفا الاقتتال بالتصعيد العسكري. اذ يعتبر قائد الجيش الليبي خليفة حفتر أن قواته تسعى لدحر الميليشيات المسلحة المسيطرة على العاصمة في حين يرى رئيس حكومة الوفاق فايز السراج أن الخطوة التي أقدم عليها السراج تعتبر تعدّيا صارخا على صلاحيات حكومته وتحمل في طيّاتها مطامع أخرى.
وأماطت المواجهات الأخيرة في طرابلس اللثام عن حجم المواجهة المباشرة بين قائد عام الجيش الليبي خليفة حفتر ورئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج ، مع العلم أنّ العلاقة بين الطرفين لم تكن متقاربة إلاّ أن الاجتماعات المتتالية بين الطرفين سواء في فرنسا او ابو ظبي حملت امالا بحصول تقارب في وجهات النظر بين الطرفين. كما تظهر مذكرة التوقيف التي أصدرها المدعي العام العسكري في حكومة الوفاق الوطني ضد المشير خليفة حفتر،تظهر عمق الخلاف بين طرفي النزاع في ليبيا.وينص أمر المدعي العام العسكري على القبض على حفتر وستة من ضباطه بتهمة شن غارات جوية على منشآت وأحياء مدنية.يأتي هذا القرار ردا على مذكرة توقيف أصدرها «الجيش الوطني الليبي» التابع لحفتر في 11 افريل الجاري ضد رئيس حكومة الوفاق فايز السراج ومسؤولين حكوميين آخرين في حكومته.
ويرى متابعون للشأن الليبي أن الحرب التي تعيش على وقعها العاصمة الليبية طرابلس ساهمت في وأد أفق الحلول السياسية المؤجلة منذ مايفوق الـ8 سنوات.وساهمت المواجهات العسكرية في طرابلس في تأجيل الملتقى الوطني الجامع بغدامس الذي كان من المزمع انعقاده في الشهر الجاري
ويعد ملتقى غدامس المحطة النهائية في الخريطة الأممية، التي أعلن عنها سلامة في سبتمبر 2017، كونها المحطة الهامة نحو إنهاء المرحلة الانتقالية ونقطة نهاية الخلافات والانقسام بين الفرقاء الليبيين ، إلاّ ان اندلاع حرب طرابلس كان سببا في الغاء الملتقى والعودة الى نقطة الصفر بعد أن أربك التطوّر العسكري الميداني كل الحسابات والاستراتيجيات لفتح آفاق كبرى للحل عبر انتخابات تنهي أزمة السلطة التي تعانيها البلاد منذ سنوات.
فشل الوساطة الدولية
وفشل مجلس الأمن الدولي في وضع استراتيجية تطالب الأطراف المتقاتلة بوقف اطلاق النار والجلوس الى طاولة التفاوض من جديد ، وفق مشروع قرار قدمته بريطانيا يدعو لتبني الية مشتركة لوقف الاقتتال المستمر منذ مايقارب الـ3 أسابيع في ليبيا . وتؤكد تقارير اعلامية أن فشل مجلس الأمن في تبني مشروع القرار البريطاني مرده رفض كل من الولايات المتحدة الامريكية وروسيا. ولم تذكر الولايات المتحدة سببا لموقفها من مسودة القرار، التي تدعو أيضا الدول صاحبة النفوذ على الأطراف المتحاربة إلى ضمان الالتزام بالهدنة كما تدعو إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل غير مشروط في ليبيا.
وتؤكد تقارير في الغرض إنّ حفتر يحظى بدعم مصر والسعودية والإمارات وروسيا، فيما السراج مدعوم من قطر وتركيا، وهو ماجعل طرابلس ارضية للتجاذبات الدولية بين مختلف الاطراف الداعمة لحفتر والسراج هذا ويشار إلى أنّ المبعوث الأممي الخاص في ليبيا غسان سلامة حذّر في احاطته الأخيرة أمام الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن من خطورة الأوضاع الميدانية في ليبيا خصوصا في العاصمة طرابلس علاوة على تأثيرات المواجهة العسكرية على المدنيين وما يُمكن ان ينجرّ عن اقتراب المعارك من المناطق التي تتسم بكثافة سكانية كبيرة.
وطالب غسان سلامة المجلس بأن يتخذ موقفا قويا حيال الانتهاكات على حظر الأسلحة في الميدان الليبي، وفق مصادر عدة ويأمل بعض أعضاء مجلس الأمن في أن يتبنى المجلس القرار البريطاني الأسبوع المقبل، بينما يرفض شق اخر هذه الفكرة. وتنقسم المواقف الدولية بين داعم للتحرك العسكري الذي يقوده قائد الجيش الليبي خليفة حفتر نحو العاصمة طرابلس معتبرين أنه ‘’رجل المرحلة’’ وأن ‘’الحل العسكري بات ضروريا لإيضاح الصورة في ليبيا’’ في حين ترى دول اخرى أن شن حفتر لمثل هذه العملية العسكرية هو ضرب لشرعية حكومة الوفاق التي تحظى بدعم دولي.