ضد اليمن وبمنح المملكة العربية السعودية و دولة الإمارات العربية المتحدة أسلحة استخدمت ضد المدنيين و خلفت عددا من القتلى من بينهم أطفال و نساء. وردت وزيرة الدفاع الفرنسي فلورونس بارلي يوم الخميس 18 أفريل على تلك الاتهامات معتبرة أنه «ليس لها أدلة تثبت» استعمال الأسلحة الفرنسية ضد المدنيين في اليمن.
وكانت منظمة «دسكلوجر» ،التي تضم مجموعات من الصحفيين المستقلين تعمل على نشر تحقيقات استقصائية دقيقة، قد نشرت تقريرا رسميا مسربا لشهر أكتوبر 2018 تابع لإدارة المخابرات العسكرية الفرنسية يحمل علامة «سري - دفاع» تبين مدى «تعامل» السلطات الفرنسية مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مدها بأنواع مختلفة من الأسلحة والعتاد الحربي استخدمت في الهجوم على مواقع داخل اليمن، منها 48 مدفعا من طراز «قيصر» بمدى 42 كم محمولة على شاحنات حربية والتي تتمركز أساسا على الحدود السعودية اليمنية. و تعتقد المنظمة، بعد مقارنة معلوماتها مع منظمة «أكلد» الأمريكية و تقارير صحفية ميدانية مستقلة، أنها استخدمت ضد مدنيين و خلفت 35 قتيلا في ثلاثة مواقع يمنية.
للتذكير، اندلعت الحرب ضد اليمن بعد أن أعلنها ولي العهد السعودي يوم 26 مارس 2015 بجانب الإمارات المتحدة وثماني دول إسلامية أخرى. وقامت قوات التحالف بعدد كبير من الهجمات الجوية والبحرية ضد اليمن من أجل مقاومة المد الحوثي. حصيلة سنوات من الهجمات الدامية خلفت، حسب تقارير منظمة الأمم المتحدة، 68 ألف قتيل أغلبيتهم من المدنيين. ولا يزال 28 مليون يمني يعيشون تحت قنابل التحالف في «أكبر أزمة إنسانية في العالم» حسب المنتظم الأممي.
تقرير مفصل عن المساهمة الفرنسية في الحرب
تزويد دول التحالف بالعتاد العسكري من قبل فرنسا ليس بالجديد. الرئيس فرنسوا هولاند ثم الرئيس إيمانويل ماكرون بعده واصلا في تنفيذ عقود شراء الأسلحة الممضاة مع دول الخليج ، مع التحري واليقظة حسب الحكومة الفرنسية التي تعتبر السعودية والإمارات «شركاء استراتيجيين» في الحرب على الإرهاب. تقرير المخابرات العسكرية، الذي تم تسريبه لمنظمة «دسكلوجر» الفرنسية ، تم تقديمه لمجلس وزاري مصغر برئاسة الرئيس ماكرون يوم 3 أكتوبر 2018 ، في ظروف الهجوم على ميناء الحديدة الفاشل. وأشار إلى أن «عدد السكان الذين يشملهم القصف المحتمل» من قبل المدفعية ، التي يستخدم ضمنها العتاد الفرنسي،يصل إلى 437 ألف، وتوجد بالخصوص على الحدود اليمنية مدافع «قيصر» فرنسية الصنع تستخدم حاليا في عملية تسرب الجيش السعودي نحو مدينة صعدة اليمنية.
وذكر التقرير أن الطلعات الجوية منذ 2015 «قامت بقصف مكثف ومتواصل على المواقع الحوثية» بمعدل 120 طلعة يوميا انطلاقا من القواعد السعودية و شاركت فيها طائرات أمريكية وأوروبية واستخدمت فيها معدات فرنسية من نوع «ديموكلاس» لتوجيه القنابل. وتقدر إدارة المخابرات العسكرية الفرنسية عدد الطلعات منذ 2015 بـ 150 ألف طلعة من بينها 24 ألف عملية قصف للمواقع الحوثية (6000 عملية قصف لعام 2018).
أما دولة الإمارات فيشير التقرير العسكري إلى استخدام طائرات فرنسية من نوع ميراج 2000 مع معدات قيادة القنابل «ديموكلاس» و طائرات مزودة من نوع أيرباص 330. كما تشارك زوارق حربية فرنسية في الحصار المفروض على مواني اليمن بالإضافة إلى مروحيات من نوع «بانثر» و «دلفين» كلها استعملت من قبل القوات الإماراتية والبحرينية لمنع تزويد اليمن بالمواد الغذائية مما أدى إلى استفحال المجاعة في مناطق واسعة من البلاد وهدد صحة المدنيين. وأقرت باريس أن دبابات «لوكلار» تم نشرها عل بعد 115 كم من ميناء الحديدة دون أن تشير إلى استعمالها. ولاحظ التقرير «استخدام دبابات «لوكلار» يوم 25 سبتمبر 2018 لأغراض دفاعية». وذكر التقرير أن 70 دبابة من نفس النوع تم نشرها على الأراضي اليمنية من قبل دولة الإمارات المتحدة.
«كذب دولة»
وتتهم منظمة «دسكلوزر» باريس بمواصلة «كذب الدولة» بالرغم من المعلومات الرسمية التي نشرتها ضمن 15 صفحة سربت من قبل المخابرات العسكرية. وتدل المعلومات أن عددا من الشخصيات الفرنسية هي على علم بما يحصل منها وزيرة الدفاع فلورنس بارلي و وزير الخارجية جون إيفل ودريان و الوزير الأول إدوار فيليب إضافة إلى الشركات المصنعة للأسلحة الفرنسية التي تم بيعها لبلدان الخليج و التي لا تزال تزودها بها في إطار العقود الممضاة .
وصرحت وزيرة الدفاع الفرنسي لراديو كلاسيك :«على علمي، هذه الأسلحة لم تستعمل في عمليات هجومية في تلك الحرب في اليمن، ولا يمكن الجزم بطريقة ميكانيكية وليس لي أدلة تمكنني من القول أن الأسلحة الفرنسية وراء قتل المدنيين في اليمن.» و اعتبرت أن «هذه الحرب قذرة» و أن «كل جهودنا موجهة مع المجتمع الدولي نحو إيقاف النزاع والتوصل إلى حل سياسي».
وكانت مصالح الوزارة الأولى قد نشرت بلاغا أشار إلى أن باريس تعمل «بصورة مسؤولة «مع شركائها الذين تربطهم بها مصالح في الأمن المشترك وهي مقاومة الإرهاب وحماية أمن منطقة الشرق الأوسط». أضاف البيان أن «مجمل الأسلحة الفرنسية موضوعة في إطار دفاعي» وكررت الوزارة الأولى أنها ليست لها معلومات تدل «أن المدنيين في ساحة القتال اليمنية هم ضحايا الأسلحة الفرنسية».