الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وتولي رئيس مجلس الامة رئاسة البلاد في المرحلة الانتقالية قبيل اجراء انتخابات مبكرة بعد 90 يوما وفق ماينصّ عليه الدستور الجزائري . وينادي المحتجون المرابطون في الشوارع -رغم الاستجابة لأهم مطلب لهم وهو تغيير هرم السلطة - بمحاكمة كامل رموز النظام السابق .
ويرى مراقبون ان الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة التي عاشت وتعيش الجزائر على وقعها كانت سببا في تفكك نخبة النظام الحاكم المستمرة منذ 20 عاما على رأس السلطة وفي دهاليز الحكم بشكل مباشر وآخر خفي. وتضم هذه النخبة وفق وسائل الاعلام الجزائرية قدماء المشاركين في الحرب ضد الاستعمار الفرنسي والحزب الحاكم وعدد كبير من مواليه من رجال اعمال وقادة جيش وضباط ومثقفين وغيرها من المجالات بالإضافة الى النقابات العمالية ذات الزخم الشعبي الكبير.
ولذلك يطالب المحتجون الجزائريون بضرورة ان يطال التغيير الجذري هذه الفئات المشاركة في حكم الجزائر على امتداد 20 عاما بشكل مباشر أو بتأثيرات خفية، ويتهم المحتجون النخبة الحاكمة في الجزائر والتي تستمر في مواقعها بكافة دواليب الدولة بالفساد. فبعد ساعات على إعلان البرلمان الجزائري تعيين رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح رئيسا مؤقتا للبلاد لمدة 90 يوما، زادت وتيرة الاحتجاجات المُطالبة بإقالته باعتباره جزءا من منظومة الحكم السابقة واختيار خليفة له من غير المشاركين في الحكومات السابقة خلال فترة حكم بوتفليقة .
في الاثناء أكد قائد الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، امس الأربعاء، أن المؤسسة العسكرية ستضمن مطالب الشعب الذي طالبه بـ«الصبر» في المرحلة المقبلة، مضيفا أنه سيتم محاكمة العصابة التي تورطت في عدد من قضايا الفساد».واتهم صالح أطرافا أجنبية، لم يسمها، بمحاولة زرع الفتنة وزعزعة الاستقرار في الجزائر، مؤكدا دعم الجيش للفترة الانتقالية.
وأشار رئيس الأركان الجزائري إلى أن «المرحلة الحاسمة تقتضي من الشعب التحلي بالوعي والصبر لتحقيق المطالب الشعبية».وأضاف «المتابعات القضائية ستمتد إلى ملفات فساد سابقة والعدالة استرجعت كل صلاحيتها».وشدد قايد صالح على أن «العصابة التي تورطت في قضايا فساد ونهب المال محل متابعة من العدالة».
تحديات المرحلة الانتقالية
ويرى متابعون أنّ قايد صالح في حد ذاته يواجه انتقادات ومطالب بالعزل باعتباره من بين النخبة السياسية التي احكمت قبضتها على مقاليد السلطة منذ استقلال الجزائر عام 1962 . ويرى مراقبون أن كلمة صالح الاخيرة التي توجّه بها للشعب متعهدا بمحاسبة عصابة الفاسدين هي محاولة منه لكسب رضا الشارع. ويحيل هذا الخطاب الأخير على الدور الذي يلعبه الجيش في المشهد الراهن خاصة وأنّ تصريحات قايد صالح تدلّ على تمسكه بمنصبه وعدم نيته التخلي عنه وهو الذي فاجئ الجميع بدعوته لاعتماد الفصل 102 الذي يتيح اقالة بوتفليقة رغم علاقة التحالف التاريخية بينهما.
ورغم استقالة بوتفليقة كان موقف قوى المعارضة الجزائرية مفاجئا وذلك بعد ان اعتبرت -بعد اجتماع في مقر جبهة العدالة والتنمية- هذه الخطوات بمثابة «تعنت السلطة وإصرارها على البقاء في الحكم، رغم أن الشعب قال كلمته».
وتحدثت وسائل اعلام جزائرية عن إمكانية «إيجاد شخصية توافقية لها مواصفات رجل دولة لقيادة مرحلة انتقالية قصيرة» بدلا من عبد القادر بن صالح المرفوض من قبل الشارع. ويتساءل الجزائريون كما المراقبون عن الدور الذي يمكن أن يلعبه الجيش في مرحلة ما بعد بوتفليقة، خاصة أن أهم شعار في مظاهرات كل يوم جمعة هو أن يرحل «النظام» بكل مكوناته، ومنهم رئيس الأركان الذي يشغل هذا المنصب منذ 15 سنة.