الثلاثاء ارتفاع حصيلة ضحايا المواجهات بين قوات الأمن والمعتصمين إلى 7 قتلى وعشرات الجرحى.وتتضارب الأنباء حول الحصيلة النهائية للقتلى اذ أعلن رئيس حزب الأمة المعارض الصادق المهدي أنّ الاحتجاجات خلّفت مقتل نحو 20 متظاهرا وجرح العشرات.
وطالب الصادق المهدي بتسليم السلطة في السودان لقيادة عسكرية في خطوة قد تزيد من توتر الشارع ، ومع تصاعد وتيرة الاحتجاجات ، قال رئيس حزب الأمة، في مؤتمر صحفي، إن «مسلحين ملثمين يقومون فجر كل يوم بغارة على المعتصمين» ما أدى حتى الآن لمقتل «نحو 20 وجرح العشرات، والاعتداء على آخرين».
وعن الاعتصام المستمر، علق بالقول إنه بمثابة «استفتاء مليوني يؤكد حرص الشعب السوداني على تنحية هذا النظام وإقامة نظام جديد»، مشيرا إلى أن «الحل الأمثل هو الاستجابة لمطالب الشعب بتنحي النظام ورئيسه وتحقيق المطالب التي نادت بها قوى الحرية والتغيير». ويتظاهر محتجون منذ أكثر من اسبوع أمام مقر القيادة العامة للجيش السوداني داعين لإسقاط نظام عمر حسن البشير المستمر في الحكم لـ30 عاما متواصلة.
وقالت لجنة الأطباء ، في بيان لها امس، إنّ 5 سودانيين (ثلاثة من أفراد الجيش السوداني وطاقم طبي ) توفوا صباحا برصاص القوة التي حاولت فض الاعتصام واشتبكت مع قوّة من الجيش السوداني.واندلعت اشتباكات بين الجيش وأفراد من أجهزة أمنية حاولت تفريق المعتصمين بالقوّة، ونجح الجيش في السيطرة على الوضع وطرد القوة المهاجمة.
واتّخذت احتجاجات الأسبوع الأخير نسقا تصاعديا خاصة أن الشرارة الأولى الاولى للاحتجاجات انطلقت قبل 3 أشهر بمطالب أخرى على علاقة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي وغلاء المعيشة إلاّ أن سقف المطالب سرعان ما وصل حدّ المطالبة بإطاحة نظام عمر البشير.
ففي 19 ديسمبر 2018، خرج مئات السودانيين في عدد من المدن السودانية ضدّ قرار من الحكومة يقضي بالترفيع في أسعار الخبز ثلاثة أضعاف، واتسعت رقعة الاحتجاجات أمس لتعم كل الولايات السودانية ما جعل الحكومة تدق ناقوس الخطر وتحاول بكل جهدها الاعلان عن اصلاحات حكومية . ورغم أن البشير تعهّد في خطاب شعبي بالإصلاح الاقتصادي والاجتماعي معلنا تمسّكه بالحكم ، إلاّ أن ذلك لم يردع المحتجين بل زادت حدة الاحتجاجات ليصل عدد القتلى وفق منظمات حقوقية محلية ودولية الى مايقارب الـ37 قتيلا .
مواقف دولية
كما تتالت الدعوات الدولية أمس لضبط النفس وتجنب استعمال الرصاص الحي ضدّ المتظاهرين . وابرز الدول التي نددت باستعمال الامن السوداني العنف ضد المحتجين أمس هي الولايات المتحدة الامريكية كندا فرنسا المانيا وغيرها من دول الاتحاد الاوروبي.كما دعا أعضاء في مجلس الأمن الدولي الخرطوم إلى احترام الحق في التظاهر، بينما أدان الاتحاد الاوروبي القمع.
وفي ظل هذا التصعيد الداخلي والضغط الدولي أعلنت الحكومة السودانية في منتصف شهر فيفري حالة الطوارئ في البلاد واقالة الحكومة ليتم بعد أيام قليلة تشكيل حكومة ثانية في خطوة لم تلجم صوت المحتجين ولا كانت سببا في تراجعهم.
وعادت الاحتجاجات بنسق أكبر نهاية الاسبوع المنقضي في خطوة اعتبرها مراقبون جاءت نتيجة التطورات السياسية الاخيرة التي عاشت على وقعها الجزائر وماتبع ذلك من تغييرات في هرم السلطة ، ويرى متابعون أن التنازلات التي نجح الشعب الجزائري في فرضها كانت حافزا للسودانيين الحالمين بالتغيير.
وتبرز في الواجهة سيناريوهات عدة لما يمكن أن تؤول إليه الأمور في السّودان خلال الأيام القليلة المُقبلة ، لعلّ أولها يعدّ صعب التحقق إلاّ أنه مطروح وهو تنحي البشير وسط تصاعد مطالب المحتجين بعزله وتشكيل حكومة انتقالية .
ويحكم عمر البشير منذ ثلاثين عاما حيث وصل بانقلاب عسكري على الحكومة الديمقراطية المنتخبة آنذاك برئاسة رئيس الوزراء الصادق المهدي ..وتثير سياسات النظام جدلا واسعا سواء لجهة قمع المعارضين لحكمه او ادخال البلاد في اتون حروب عبثية سواء في دارفور او في جنوب السودان ..كما تحمّل اطياف عديدة النظام مسؤولية انفصال السودان بسبب المجازر التي ارتكبها بحق ابناء الجنوب . ويلاحق البشير دوليا لارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في دارفور..
وتجدر الاشارة الى انها ليست المرة الاولى التي يواجه فيها البشير الغضب الشعبي فقد اندلعت مظاهرات عديدة معارضة لسياساته آخرها في سبتمبر من العام 2013 احتجاجا على ارتفاع نسب البطالة والفقر وانخفاض مستوى معيشة الفرد وقد سقط خلالها 200 متظاهر .