عبد العزيز بوتفليقة، قرارات وصفت بالجريئة وأهمّها عدم ترشحه لولاية رئاسية خامسة وتأجيل الانتخابات التي كانت مقررة الشهر المقبل وتكوين حكومة كفاءات وطنية للإشراف على الانتخابات الرئاسية.ورغم ذلك اصطدمت الحكومة بتنامي حدّة الاحتجاجات الشعبية التي ما انفكت مستمرة في الشوارع للمطالبة بالرحيل «الفوري» للرئيس عبد العزيز بوتفليقة .
ويرى مراقبون ان التصريحات الجديدة لنائب رئيس الوزراء الجزائري رمطان لعمامرة أمس الثلاثاء حول موافقة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على تسليم السلطة إلى رئيس منتخب وإنه سيكون مسموحا للمعارضة المشاركة في الحكومة التي ستشرف على الانتخابات ، أن هذه التصريحات هي إحدى الخطوات الجديدة التي حاولت من خلالها الحكومة امتصاص غضب المحتجين المتزايد وإرساء الية حوار بين الحكومة والمحتجين.
وقال لعمامرة، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو، إن الحكومة الجزائرية استجابت للمطالب المشروعة للشعب الجزائري.ومن جهته قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن بلاده تدعم الخطة التي اعلنتها الحكومة الجزائرية بشأن الحوار الوطني، وعبر لافروف امس في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة في موسكو عن قلق بلاده إزاء الاحتجاجات الأخيرة في الجزائر .
على الصعيد الداخلي وبالتزامن مع استمرار الاحتجاجات دعت كتلة جزائرية جديدة تدعى «التنسيقية الوطنية من أجل التغيير»، يترأسها قادة سياسيون وشخصيات معارضة وناشطون، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى التنحي في نهاية ولايته في 28 أفريل وحثت «الجيش الجزائري على عدم التدخل في السياسة.»
ووجهت التنسيقية في بيان أصدرته بعنوان «أرضية التغيير» دعوة إلى الحكومة من أجل الاستقالة بعد مظاهرات حاشدة على مدى أكثر من ثلاثة أسابيع ضد حكم عبد العزيز بوتفليقة المستمر منذ 20 عاما.ومن بين الشخصيات البارزة التي تتكون منها هذه التنسيقية، المحامي والناشط المدافع عن حقوق الإنسان مصطفى بوشاشي، والقيادي المعارض كريم طابو، ووزير الخزانة السابق علي بن واري، والإسلاميان المعروفان في الجزائر مراد دهينة وكمال قمازي.
خيارات بديلة
ولئن اعتبر مراقبون ان تراجع بوتفليقة عن الترشح لولاية رئاسية خامسة نظرا لحالته الصحية وعدم قدرته على ادارة شؤون البلاد ، خطوة من شأنها انقاذ البلاد من خطر الانزلاق الى حالة من الفوضى، إلا ان عدم نجاح هذه الخطوة في امتصاص غضب الشارع جعل من الضروري النظر الى خيارات جديدة أكثر فاعلية للتعامل مع المظاهرات الشعبية قبل مزيد تطورها، وذلك بعد ان فتحت تعهدات الحكومة جدلا قانونيا كبيرا حول مدى قانونية تمديد الولاية الحالية لبوتفليقة دون الاستناد الى مادة دستورية .ورغم التطمينات والتعهدات التي مافتئ يقدمها رئيس الحكومة الجديد نور الدين البدوي ونائبه رمطان العمامرة ، لم يكن ذلك مُقنعا للمحتجين الذين استمروا في التظاهر والحشد لمظاهرات جديدة وسط اتهامات من المحتجين للسلطات بمحاولة الالتفاف على مطالبهم خاصة وانه لم يتم التنصيص على تاريخ محدّد لتنحي بوتفليقة .
ودعت فرنسا في تصريحات لرئيسها ايمانويل ماكرون الى «ضرورة التقيد بجدول زمني معين لتنفيذ الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة الجزائرية»» ، إذ مثل عدم اعلان بوتفليقة في رسالته للشعب الجزائري عن تاريخ محدد للانتقال السياسي في البلاد ، مثل سببا من أسباب استمرار التظاهرات في الشوارع وتنامي حدتها داخليا وخارجيا.
وتظهر في الواجهة تساؤلات عدّة تؤرّق الشارع الجزائري الذي دعا في تظاهراته الى مزيد الوضوح في التعهّدات التي اقترحتها وأهمّها رهانات المرحلة الانتقالية وشكل الحكومة القادمة التي ستتشكل وهل ستستجيب لتطلعات المتظاهرين في خضم صعوبات الوضع الراهن.