اندلاع الفضائح الجنسية المتعلقة بعدد هام من رجال الدين الكاثوليك في العالم و توجيه تهم قضائية بالاغتصاب ضد عدد منهم في أمريكا و أستراليا و فرنسا.
و كان البابا فرنسيس قد اعترف في شهر فيفري الماضي في طريقه إلى روما بعد زيارته لدولة الإمارات العربية المتحدة بأن عددا من «القساوسة و الأساقفة قاموا باغتصاب راهبات» في الكنيسة بعد أن نددت عدة راهبات باغتصابهن من قبل مسؤولين روحيين. وهو ما فتح الباب أمام الاعتراف باغتصاب الأطفال من قبل رجال الدين. وكانت أولى الفضائح قد اندلعت في الولايات المتحدة الأمريكية في تسعينيات القرن الماضي وخلفت موجة من الاحتجاجات وقامت بعض أستوديوهات هوليود بإخراج أفلام حول الموضوع دون أن يحرك الفاتيكان ساكنا. بل اقتصر في زمن البابا بندكتوس 16 على فتح دراسة في الموضوع من قبل هيئة المحافظة على العقيدة لم تفض إلى أي قرار.
اليوم البابا فرنسيس، و أمام تفاقم الأزمة، قرر الدخول في مرحلة حاسمة بالنسبة للكنيسة تتمثل أولا في الاعتراف بالانتهاكات الموجهة لبعض رجال الدين و ثانيا محاولة الخروج من الأزمة بدون المساس من وحدتها و وجودها. لكنه أكد في خطابه لرجال الكنيسة، استنادا لإحصائيات حقيقية، أن مثل تلك الانتهاكات تحصل إجمالا داخل الفضاء العائلي بنسبة 80 %. ثم عزا الاعتداءات الجنسية إلى «الشيطان» و «الشر» الذي ينفذ في الأشخاص. لكنه لم «يعترف» حقيقة بمسؤولية الكنيسة. وهو ما أغضب ممثلي الجمعيات المدافعة عن ضحايا الاعتداءات الجنسية من قبل رجال الدين.
«عملية تطهير»
طالب البابا فرنسيس بدخول الكنيسة في «عملية تطهير» تساهم في تنقية الأوضاع و حماية رجال الدين الذين لم يشاركوا في الاعتداءات الجنسية. و درس اجتماع روما السبل الكفيلة، بالنسبة للكنيسة، لمواجهة الوضع على المستويين الأخلاقي والقانوني. إذ ليس للفاتيكان قانون داخلي يتعلق بهذه الانتهاكات يمكنها من معاقبة المخطئين في حق الأطفال و الراهبات. من ناحية أخرى، وللمحافظة على الرهبنة (أي عدم زواج رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية) وجب على الفاتيكان اتخاذ إجراءات إضافية من أجل إعطاء» توجيهات موحدة للكنيسة» في هذا الموضوع خاصة أن البابا اعترف أن هذه القضية «خطرة و تشكل فضيحة داخل الكنيسة لأنها تخالف سلطتها المعنوية و مصداقيتها الأخلاقية».
و تم الإعلان عن توزيع تعليمات داخلية تأخذ بعين الاعتبار توجيهات منظمة الصحة العالمية و نشر قرار بابوي بعد شهرين يتعلق بحماية الأطفال و الأشخاص الضعاف داخل الفاتيكان الذي ليس له قانون في الغرض. و سوف تطلق هيئة المحافظة على العقيدة نصا توجيهيا للأساقفة يذكرهم بالتزاماتهم. وينوي البابا فرنسيس تشكيل وحدات متنقلة من الخبراء من أجل إعانة بعض الكنائس و التجمعات الدينية التي ليس لها إمكانيات مواجهة هذه الظاهرة.
المذنبون أمام العدالة
في انتظار أن تجهز الكنيسة قوانين جديدة تمكن من ردع المخالفين داخليا، قبل البابا بإحالة المذنبين بالاعتداءات الجنسية من رجال الدين أمام العدالة المدنية في مختلف بلدان العالم. وهي خطوة تعتبر ثورية بالنسبة للكم الهائل من الانتهاكات المسجلة. لكن الخطر الأعظم بالنسبة للكنيسة هو تحرر الراهبات اللاتي تم اغتصابهن من قبل بعض الأساقفة داخل الكنيسة. فلقد سجلت وسائل الإعلام في فرنسا و سويسرا والولايات المتحدة شهادات من قبل راهبات تم اغتصابهن داخل الكنائس. و بثت هذا الأسبوع قناة «آرتي» الفرنسية الألمانية شريطا وثائقيا تحت عنوان «الراهبات المغتصبات، الفضيحة الأخرى للكنيسة» أعطى الكلمة إلى راهبة فرنسية قبلت بالإدلاء بشهادتها ضد أسقف اغتصبها وأقام معها علاقات جنسية مدة سنوات تحت غطاء ديني قبل أن تستفيق وتعي بما يحصل من انتهاك في حقها.
هذا الوجه الآخر للكنيسة الكاثوليكية تتشارك فيه، في الحقيقة، مع ديانات أخرى تعتمد على تشكيل التجمعات للدراسة و التدين مثل ما يحصل في البلدان الإسلامية من اغتصاب في المدارس القرآنية والتجمعات الجهادية التي تعطي طابعا دينيا (مثل جهاد النكاح ) لممارسات غير أخلاقية.