كوزير للخارجية، مع الزيارة المفاجئة التي أداها الرئيس السوري بشار الأسد إلى ايران مساء أمس الأول الاثنين. وربط متابعون الاستقالة بالزيارة المثيرة للجدل التي اداها الأسد ولقاءه بحليفه الرئيسي حسن روحاني.
وأرجعت بعض القراءات هذه الاستقالة المفاجئة لظريف – الذي تمّ تعيينه وزيرا للخارجية منذ مارس 2013 – إلى تراجع دوره وغيابه عن واجهة الأحداث داخليا وخارجيا على غير المعتاد وهو الذي تقلّد وزارة الخارجية لسنوات متتالية ونجح في منصبه، ولعلّ اخر مظاهر التراجع تمثل في عدم إشراكه او اعلامه باللقاء الذي جمع الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الايراني حسن روحاني وفق ماتداولته وسائل إعلام إيرانية . وكان لافتاً غياب ظريف عن استقبال الأسد في طهران، أمس الاول الاثنين، من جانب المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس حسن روحاني، في وقت حضر فيه جميع المسؤولين بمن فيهم قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» بالحرس الثوري. ورغم استقالة ظريف علنا تتداول وسائل اعلام فرضيات عدة منها عدم قبول روحاني للاستقالة وبالتالي رجوع ظريف الى منصبه وهو احتمال ليس بمستبعد باعتبار التجربة السياسية الكبرى التي يتمتع بها محمد جواد ظريف.
ويعدّ توقيت الاستقالة في حد ذاته مثيرا للجدل باعتبار أنه جاء بعد ايام قليلة على الاجتماع الدولي في «وارسو» الذي ضمّ اكثر من 60 دولة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وتم خلاله الدعوة الى محاربة ايران عبر زيادة الضغط والتضييق عليها سياسيا واقتصاديا.
في أبعاد زيارة الأسد
وبخصوص وجود علاقة بين استقالة وزير الخارجية محمد جواد ظريف وزيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى ايران قال الكاتب والمحلل السياسي السوري صلاح النشواتي أن «الخليج دخل البوابة الأوروبية من أوسعها عن طريق (البابا) أي من البوابة المسيحية، لقطع الطريق على أخوان تركيا وقطر في مد نفوذهم إلى أوروبا وحتى الشرقية منها.... مضيفا أن الذي حصل أن أوروبا بممثليها اجتمعوا مع العرب في مصر، وصاغوا بعض المواضيع المشتركة والخطيرة».
وبخصوص توقيت الإعلان عن زيارة الرئيس السوري إلى طهران وتزامنه مع انعقاد القمة الأوروبية-العربية قال الكاتب السوري أنّ هذه القمة أشبه بإعلان تطويق لمحور المقاومة وللإخوان المسلمين في تركيا وقطر في نفس الوقت، بعد أن كان العرب يُنشدون ودّ الحكومة السورية .
وأضاف «ردّ الرّئيس السوري على هذه القمّة تمثل بخلق اصطفافات حادّة في المحور إلى درجة لا تسمح بالتأويل ولا تدع دوراً للدبلوماسية، على مبدأ (إذا كنتم تنوون أسرنا، فسنفجر أنفسنا بكم)، يعني هو اصطفاف حرب ومحاولة لضرب الشبكة الغربية ضد المحور بالسيف بدلاً من تفكيك خيوطها» وفق تعبيره.
ماعلاقة استقالة ظريف بالأسد ؟
وبخصوص استقالة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف قال صلاح النشواتي أن «استقالة ظريف ومشاكله مع باقي المؤسسات بدأت منذ رفض المحور لمبادرة البشير التي كانت تنص على انسحاب أمريكي وإنهاء الأزمة وعودة العلاقات العربية وايضا توفير 100 مليار كدفعة أولى إعمار وإخراج تركيا بتوافق أمريكي-روسي من كل سوريا، مقابل التفاوض على خروج القوات الإيرانية أو تحديدها، ومقابل الالتزام بالقرار الأممي 1701 في لبنان، إلا أن المحور رفض حتى فكرة التفاوض رغم غلبة موقفه التفاوضي، علماً أنه بالإمكان إعاة إيران بسهولة، لكن الإعمار، وطرد تركيا، ومنع الحصار، والانسحاب الكامل للقوات الأمريكية بدون تفخيخ المنطقة لا يمكن تحقيقه متى نشاء» على حد تعبيره.
وتابع الكاتب السوري أن «استقالة جواد ظريف ليست ضد الرئيس السوري بشكل شخصي وهو ليس خائناً ولا عميلا»، وتابع أنه «خادم للقضية السورية ويهمه مصلحة دول المحور كأي رجل أساسي في هذا المحور إلا أن وجهة النظر والأدوات تختلف، وهو يرى أننا ندخل في مواجهة خطيرة واصطفافات حرب شاملة لا طائل منها، في حين تم قتل الدبلوماسية كسلاح والذي كان للمحور الغلبة في هذا السلاح بالتحديد بلحظة من اللحظات» وفق قوله .
ردود فعل متباينة
وتباينت ردود الفعل بين مندد ومرحب بالاستقالة، وكان اول المهللين لاستقالة ظريف كيان الاحتلال الاسرائيلي اذ «عبّر رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتانياهو عن ارتياحه ».وقال نتانياهو «لقد رحل ظريف، هذا مصدر ارتياح» في إشارة إلى مهندس الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الكبرى عام 2015 الذي تعارضه «إسرائيل» بشدة، وانسحب منه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
من جهته أكد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، امس الثلاثاء، أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي قدم استقالته هو مجرد «وجه للمافيا الدينية».وأضاف الوزير: «على أي حال، هو (ظريف)، و(الرئيس الإيراني) حسن روحاني، مجرد وجوه مزيفة للمافيا الدينية الفاسدة. نحن نعلم أن جميع القرارات النهائية يتم اتخاذها من قبل المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي».
وتواجه ايران منذ تولي الرئيس الامريكي دونالد ترامب الحكم حربا سياسية واقتصادية بالتعاون مع حلفائها في منطقة الشرق الاوسط اسرائيل والدول الخليجية لمواجهة ما تسميه «النفوذ الايراني المتنامي في المنطقة « وبالارتكاز على تهم اخرى ايضا تتعلّق بـ«تمويل الارهاب» في مناطق الصراع. وتلعب ايران منذ عقود دورا محوريا في المنطقة كما تسجل حضورها في اغلب ملفات المنطقة واولها سوريا باعتبارها حليفا رئيسيا لنظام بشار الأسد وأيضا تلعب دورا محوريا في الملف العراقي واليمني على حد سواء.