الكاتب العراقي المختص في الشؤون الأمريكية جاسم البديوي لـ«المغرب»: «لدى إيران نفوذ عسكري وسياسي في العراق قد يفوق ما لدى الأمريكان»

• «الجديد في الشرق الأوسط وربما في أوروبا اليوم هو تعاظم الدور الروسي وازدياد تأثيره»

قال الكاتب العراقي المختص في الشؤون الأمريكية جاسم البديوي لـ«المغرب» أن الرئيس الامريكي ترامب يريد التغطية عن خطإ سحب قواته من سوريا عبر الإعلان عن مراقبة ايران من خلال الأراضي العراقية . وأضاف ان ايران لن تدخل في صدام مع الأمريكيين لان ذلك قد يؤثر في موازين قواها في الساحة العراقية، ومن المتوقع ان تبدأ بتحريك اوراقها السياسية عبر حلفائها من قادة الكتل السياسية، الشيعية والسنية على حد سواء.

• لو تقدمون لنا قراءتكم لتصريحات الرئيس الامريكي الاخيرة حول مطالبته العراق بمراقبة إيران ؟
هذه ليست المرة الاولى التي يدلي بها الرئيس الامريكي دونالد ترامب بتصريحات محرجة تارة مع حلفائه وتارة مع أصدقائه وحتى مع إدارته نفسها، الم يحرج السعوديين في قضية (الدفع من اجل الحماية) التي يرددها دائما، فضلا عن الازمة التي تعيشها الولايات المتحدة بسبب ما صرح به سابقا عن موضوع الجدار الذي سيدفع ثمنه المكسيكيون . ان من السهل جدا للمتابع والمراقب ان يتوقع تصريحات وربما افعالا، وهو ما يحدث دائماً مع ذلك الرئيس، في مناسبة وفي غير مناسبة. ان شخصية ترامب المغرورة والمتنمرة لا تحترم اتفاقيات ولا مواثيق، وتجعل من الصعب التعامل معها،كما ان مثل تلك الشخصية لن يكون لها مستقبل في سدة الحكم. وما شاهدناه من انسحابات كامل فريق إدارته السابق مثال حي عما أتكلم عنه.
ولعلّ من اليسير أنّ هناك فوضى وتخبّط في إدارة ترامب للملف الخارجي، اذ ليس هناك سياسة خارجية واضحة عدا (الانسحابات والتراجعات)، آخرها الانسحاب الفوضوي من سوريا وترك الساحة لتقوية الروس والإيرانيين اللذين اصبحا اصحاب الكلمة الفصل هناك.

• برأيكم هل تحاول أمريكا فعلا ضرب ايران عبر جبهة العراق ؟
لقد جرت في عام 2011 اتفاقية تدعى باتفاقية الإطار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية، نظّمت العلاقة بين الدولتين ورتبت الأولويات ووضعت النقاط على الحروف فيما يتعلق بعنوان التواجد الامريكي الذي غالبا ما يكون (دورا لوجستيا استشاريا) داعما للقوات الأمنية العراقية في تحدّياتها الأمنيّة، ولا يبدو ان تلك الاتفاقية تروق لترامب كثيرا لأسباب عديدة أهمها انها (جرت في عهد اوباما)، ما أدى الى إطلاق تصريحاته المحرجة للبنتاغون. ويبدو لي انه يريد التغطية عن (خطأ سحب قواته في سوريا) عبر الإعلان عن (مراقبة) ايران من خلال الأراضي العراقية مع فرق ان الولايات المتحدة لا تمتلك ما كانت تمتلكه في حالة ما قبل 2011 اعني التواجد العسكري الكبير والغطاء الدولي القانوني، بالمقابل لدى ايران أوراق مهمة عن طريق نفوذ عسكري وسياسي قد يفوق ما لدى الأمريكان في العراق اليوم، لدى الإيرانيين (فصائل مقاومة) وميليشيات مسلحة متسترة بإشراف حكومي ضمن هيئة الحشد الشعبي، ولديها الخبرة التي حصلت عليها بعد هزيمة تنظيم داعش في العراق.

• بعد الانسحاب الامريكي من سوريا ماهي بدائل واشنطن لمحاربة طهران ؟
لكن ايران كما يبدو لا تريد استخدام تلك الأوراق الان ويبدو انها تتجنب الاحتكاك المباشر مع الأمريكان في العراق لانها تدرك ان الصدام مع الأمريكيين قد يؤثر في موازين قواها في الساحة العراقية، ومن المتوقع ان تبدأ بتحريك اوراقها السياسية عبر حلفائها من قادة الكتل السياسية، الشيعية والسنية على حد سواء، لوضع الأمريكان في اجواء غير مريحة وهو ما ساعدت تصريحات ترامب الاخيرة على توفيره.
لقد مهد الأمريكيون للسعوديين فضاء إيجابيا لدور سعودي دبلوماسي يرتكز على الدعم الاقتصادي اللوجستي لمساعدة الأمريكين في جهودهم لدعم الحكومة العراقية من جهة ولترشيح معادل موضوعي للنفوذ الإيراني، لاسيما بعد ان كان دور الخليج (سلبيا) ازاء الملف العراقي، والأمريكان يمتلكون استراتيجية لمواجهة ايران في العراق تستند إلى أهمية (تقوية) الحكومة العراقية سياسيا عن طريق تحسين العلاقات بين العراق ومحيطه العربي (المنافس لإيران)، وأمنياً لوجستياً عن طريق تدريب ودعم القوات العراقية. وارى من المستبعد ان تكون هناك مواجهة مباشرة للأسباب التي أوضحتها مع اضافة ان ايران اليوم منهكة من العقوبات الاقتصادية الأمريكية وقد لا تتحمل مزيدا من التصعيد.

• كيف كانت تداعيات تصريحات ترامب على الداخل العراقي ؟
هناك رفض سياسي لتصريحات ترامب جاء عن طريق الحكومة العراقية أوضحت فيه طبيعة العلاقة بين الدولتين، كما ان السياسة الخارجية العراقية قائمة على مبدأ (الابتعاد عن المحاور). بالمقابل تحاول القوى السياسية الحليفة مع ايران محاصرة الوجود الامريكي (تشريعيا) عن طريق مجلس النواب وهو ما يشكل ايضا ضغطا على الحكومة العراقية التي هي الأخرى تحتاج الى الجهود الامريكية في اعادة بناء اجهزتها ومرافقها وترسيخ بناها التحتية، والا ستبقى ضعيفة وعرضة للانهيار في أية لحظة مثل ما حدث سنة 2014 عندما اجتاح تنظيم داعش مساحات شاسعة من العراق. واعتقد ان الحكومة العراقية ستحول دون تشريع ما يتعارض مع اتفاقية الإطار الاستراتيجي، ومن مهازل القدر ان نوري المالكي نفسه هو من يدعو اليوم الى تلك التشريعات، بعد ان كان هو نفسه من وقع على اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة ايّام ما كان رئيسا للوزراء آنذاك، وكان يعتبر هذه الاتفاقية انجازا شخصيا ونصرا كبيرا

• هل ترون منطقة الشرق الاوسط اليوم امام مرحلة اعادة التشكل ؟
الجديد في الشرق الأوسط وربما في أوروبا اليوم هو تعاظم الدور الروسي وازدياد تأثيره وأحكامه على اللعب. لقد انجلت غبرة المعارك في سوريا بتربع الدب الروسي عرش الانتصار، واليوم اصبح الحديث عن عودة سوريا الى (الحضن) العربي وافتتاح السفارات امرا مألوفا. الروس في وضع أقوى من الأمريكان في المنطقة وبعد ان تنتهي الحملة السعودية في اليمن قريبا سيكون أقوى بكل تأكيد. ومع تصاعد هذه القوة سينتج توزيع لموازين القوى، مع التأكيد ان المفاجآت قد تحدث في اَي وقت وقد تؤثر جوهريا بطبيعة اللعبة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115