دخلت أسبوعها الثالث عشر بزخم مستمر لا ينبئ بنهاية قريبة. فكرة الاستفتاء كانت من بين المطالب آلتي عبرت عنها حركة السترات الصفراء منددة بغياب مشاركة فعالة في الحقل السياسي الفرنسي. هذا المطلب كان يحمل عنوان الاستفتاء بمبادرة شعبية تكون الغاية منه إعطاء الكلمة وأخد رأي الفرنسيين في قضايا مصيرية تهمهم سواء كانت لها ابعاد محلية أو وطنية.
وخلال أسابيع طويلة رفضت الحكومة الاستجابة لهذا المطلب كونه يهدد بأن يدخل فرنسا في مرحلة اللا استقرار لان التجربة والواقع السياسي الفرنسي يختلف تماما عن التجربة السويسرية على سبيل المثال لا الحصر آلتي تتناغم مع مثل هذا التنوع من الاستشارات الشعبية الدورية. لكن هذا التخوف لم يمنع ايمانويل ماكرون من التفكير في اللجوء إلى تنظيم استفتاء. المعلومات المتوفرة إعلاميا حاليا حول هذا الخيار تقول بإنه سينظم في السادس والعشرين من شهر ماي المقبل في نفس اليوم الذي ستعقد فيه الانتخابات الاوروبية. و أن الأسئلة التي ستطرح في هذا الاستفتاء ستطال في غالبيتها كيفية تحديث المؤسسات السياسية الفرنسية كسقف أساسي لهذا لاختبار.
الاوساط المقربة من ايمانويل ماكرون التي تروج لهذه الخطوة تصر على التذكير بأن رئيس الجمهورية يرفض رفضا تاما أن نوضع للنقاش الشعبي خياراته الاقتصادية. لذلك لا أحد يتوقع ان يطرح خلال هذا الاستفتاء سؤال حول ضرورة إعادة فرض الضريبة على الثروة التي كان ماكرون قد سحبها واعتبرها البعض هدية ثمينة للطبقات الميسورة على حساب الطبقات المتوسطة والفقيرة.
المعارضة السياسية لامانويل ماكرون التي سبق وأن وصفت الحوار الوطني الذي يجري حاليا في فرنسا بمثابة خدعة سياسية يراد من ورائها ذر الرماد في العيون تنظر بنوع من الريبة والحذر إلى هذا الاستفتاء و ترى فيه مغامرة خطيرة لإيمانويل ماكرون قد ينقلب من خلالها السحر على الساحر كما حصل مع الجنرال شارل ديغول عندما دعا إلى استفتاء أو الرئيس جاك شيراك عندما قامر بحل البرلمان وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة. بالإضافة الى هذه الرهانات برز الى الوجود جدل حول تنظيم هذا الاستفتاء بموازاة الانتخابات الأوروبية وإمكانية أن يلقي بظلاله الداخلية على نتائج هذا الاقتراع الأوروبي. وهناك اختلاف حول هذه الخيارات بين من يعتقد ان التاريخ الذي اختير صائب سياسيا وبين من يعتقد أن ذلك من شأنه ان يخلط الأوراق و يعقد الامور و يمنع من رؤيا واضحة للخروج من ازمة السترات الصفراء. وما يزيد هذا الوضع تعقيدا الاتهام الموجه من طرف المعارضة من ان الأسئلة التي ستطرح خلال هذا الاستفتاء ليست وليدة الحوار الوطني بل تمت صياغتها لتتطابق مع الاجندة الاصلاحية للرئيس ماكرون.