ثم تمّ التوقيع على اتفاق سياسي بالصخيرات المغربية بين فرقاء الازمة السياسية في ليبيا تبناه مجلس الامن الدولي . كل ذلك من اجل حل الازمة الليبية . ورغم ذلك فشلت الامم المتحدة في اقناع الليبيين بتنفيذ ذلك الاتفاق السياسي، وفي سبتمبر 2017 عرض المبعوث الاممي الحالي غسان سلامة خارطة طريق لإنقاذ الاتفاق السياسي من الانهيار، وبعد تعثر تنفيذ الخارطة المقترحة اضطر سلامة لتعديل اولوياتها . ليطرح السؤال عن اسباب ودوافع هذا التعديل والسيناريوهات اللاحقة ؟
عبر سلسلة من الحوارات واللقاءات حاول سلامة تنفيذ مراحل خارطة الطريق اي انجاز الملتقى الوطني الجامع – الاستفتاء على الدستور – الانتخابات العامة – تشكيل الحكومة و قبلها توحيد المؤسسات السيادية . هذا المسعى اصطدم بعناد الأطراف المحلية وعرقلة غريبة لكل انفراج للازمة . وأصبح سلامة على ثقة تامة بان الاستفتاء على الدستور أصبح بعيد المنال بسبب رفض واسع للمسودة المعروضة و تزايد الاصوات المطالبة بالعودة لدستور المملكة .
في غضون ذلك واصل المبعوث الاممي انتقاد الاجسام الحالية سواء التشريعية او الاستشارية او حتى التنفيذية . حيث ذكر في زيارته الاخيرة الى سبها بان تلك الاجسام عقيمة . الشيء الذي يوحي بأنه يعمل على تجاوز تلك الاجسام من خلال عقد الملتقى الجامع، وتكون مخرجاته ملزمة للجميع بعد تبنيها من مجلس الامن الدولي وفرضها على المعرقلين. وكي يمهد غسان سلامة لانعقاد الملتقى ومرحلة فرض مخرجاته عهد سلامة لتعديل خارطة الطريق بالتخلي عن الاستفتاء على الدستور و المرور مباشرة نحو انتخابات برلمانية.
اللافت بان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج اكد قبل تعديل البعثة الاممية لخارطة الطريق على ان الانتخابات لابد لها من سند تشريعي – دستوري اي ضمنيا رفض خطوة البعثة المعلنة مؤخرا.
اصطفاف الأجسام الحالية
للتذكير فان تقاربا حصل خلال الفترة الماضية بين مجلس النواب و مجلس الدولة والتحق بهما المجلس الرئاسي . ولا يستبعد المراقبون اية خطوة من الاجسام الثلاثة لقطع الطريق أمام سلامة كأن يتوافق البرلمان ومجلس الدولة على طرح حكومة جديدة يكون السراج على رأسها وإقرار انتخابات رئاسية غير مباشرة . وأردف المراقبون بان فترة ما بعد تعديلات خارطة الطريق، وما قبل الملتقى الجامع سوف تتميز بأسلوب المناورة بين الاجسام الحالية و البعثة الاممية .
اضافة الى ذلك يرى المتابعون بان المبعوث الاممي يقف مرة اخرى امام اختبار حقيقي لقدرته على تخطّي العقبات وتعنت الأطراف المعرقلة للحل. ونقطة الفصل بين نجاحه او فشله هي مدى دعم الأطراف الدولية الفاعلة للتعديلات التي قام بها.
علما بأن فكرة تأجيل الاستفتاء على الدستور تنسجم مع رؤية فرنسا وبعض الأطراف المحلية والإقليمية، وأضحى دعاة التسريع بالانتخابات دون انجاز الاستفتاء على الدستور على قناعة بأنّ الوضع الراهن بلغ خطورة لا تسمح بتاتا بالمزيد من الخلافات وإطالة الصراع بين الفرقاء وأنّ عدم تحقيق منجز على الارض ينذر بوقوع الاسوإ لا محالة . سيما بعد تعثر توحيد الجيش ووجود صعوبات أمام الترتيبات الامنية والاصلاح الاقتصادي .
بمعنى آخر خطوة سلامة بتعديل اولويات خارطة الطريق توحي بان البعثة تراهن فقط على مخرجات الملتقى الجامع، وقررت سحب البساط نهائيا من تحت اقدام مجلس النواب ومجلس الدولة والرئاسي ولربما اعتمدت البعثة الاممية على اطراف قوية على الارض في سياق تفاهمات معنية لتنفيذ خطتها لحل الازمة . ففي الشرق الليبي سبق للقائد العام للجيش حفتر ان طالب بالتخلي عن الاستفتاء على الدستور ،وفي باقي مناطق البلاد توجد قيادات عسكرية تشارك حفتر هذا التوجه اضافة الى ذلك نجد مكونات الامازيغ – التبو لا يمكن لها إلاّ ان ترحب بتعديل خارطة الطريق الاممية .