قال الكاتب والمُحلّل السياسي السوري سومر سلطان لـ«المغرب» أن جدية الإدارة الأمريكية في الانسحاب من عدمه لم تتضح بعد، مضيفا أنها «ليست أول مرة يعلن فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن انسحاب قوّات بلاده من سوريا. قد يكون هناك الآن مفاوضات وابتزاز لقوى معينة عربية وإقليمية كي تقدم المزيد من التنازلات للأمريكيين مقابل إبقاء قواتهم في سوريا».
وتابع الكاتب السوري أن انسحاب أمريكا المفاجئ يعني ميدانياً انتصاراً كاسحاً لدمشق وحلفائها في مدة قصيرة وبخسائر ضئيلة جداً، باعتبار أن هناك على سبيل المثال تفصيل ليس ضئيل الأهمية يتعلق بالتقارير الإعلامية، التي قالت قبل فترة غير طويلة، إن الولايات المتحدة أقامت منظومة دفاع جوي متكاملة في شرق الفرات وفق تعبيره.
اشار محدثنا الى انّ السؤال المطروح الان هو ما مصير هذه المنظومة، ولماذا أقامتها إن لم يكن في نيتها البقاء لمدة طويلة؟ هناك سؤال آخر عن مصير أكثر من 20 ألف شحنة من السلاح والعتاد دخلت الأراضي السورية وقدمتها إلى التنظيمات المتحالفة معها، وعلى رأسها قسد. واضاف أن هذه الأسئلة وأمثلتها تجعلنا نتوقع وضع الكثير من العصي في دواليب الانسحاب.
حصيلة عام في سوريا
وبخصوص اهم التطورات التي شهدها الميدان السوري خلال العام 2018 قال الكاتب والمحلل السياسي السوري سومر سلطان أنّ دمشق وحلفاءها حققت إنجازات هامة في العام 2018، من اهمها استكمال تحرير الجزء الأكبر من محافظة حلب، بكل ما في ذلك من أهمية اقتصادية واستراتيجية ميدانية، إضافة إلى تحرير غوطة دمشق، وتأمين طوق العاصمة بالكامل. بالمعنى العسكري باتت الكفة راجحة لصالح الدولة، ولكن هذا لا يعني انخفاض المخاطر، بل بات هناك تحدي المواجهة الجوية مع صواريخ وطيران العدو الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائهما على حد قوله.
واضاف «ولكن في هذا الملف كذلك حصلت دمشق - وكأنما كمكافأة على صبرها - على هدية متأخرة متمثلة بمنظومة اس 300 للدفاع الجوي الصاروخي، قلبت التوازن في المنطقة، وعدلت قواعد الصراع مع العدو الصهيوني، وباتت نقطة فارقة في مسار الصراع العام بين العرب والصهاينة. عندما نضع هذا في سياق سياسي دولي، نرى أن الإنجازات العسكرية انعكست تسهيلاً من كل الأطراف لعمليات مثل آستانا وسوشي. طبعاً نرى أن ما تحقق ميدانياً من إنجازات ما زال أكبر مما قبلت الدول المعادية لدمشق التنازل عنه في السياسة. هذا يعني أن التحدي الحالي أمام المفاوض السوري لا يزال قوياً، إذ سيتوجب عليه إقناع المجتمع الدولي - طوعاً أو كرهاً - بأن للانتصارات العسكرية ثمناً لن تتنازل عنه الدولة أبدا’’.
على صعيد متصل، قال سومر سلطان انّ هناك تحدّيا كبيرا في العام الجديد يتمثل بالدولة التركية، التي لا يبدو أنها ستنسحب بسهولة من المناطق التي تسيطر عليها. ولهذا أمام الدولة السورية خياران؛ أولهما الضغط السياسي الذي ستتشارك فيه موسكو وطهران، وثانيهما الضغط العسكري. والخيار الأخير يتفرع بدوره إلى فرعين؛ أولهما الحرب النظامية، وثانيهما الحرب الشعبية عبر الموالين لدمشق في داخل مناطق سيطرة الجيش التركي.
واضاف محدّثنا’’ أريد أن أؤكد هنا، وأنا أعتبر نفسي مراقباً عن كثب للجيش التركي، أن القوات التركية ليست في افضل حالاتها، وأنها تعاني تقليدياً من ضعف كبير في عقيدتها القتالية واستعداداتها الميدانية، فهي عجزت عن القضاء على التمرد الكردي رغم مرور قرابة 35 عاماً على انفجاره، علماً أن عدد المقاتلين الأكراد لا يتجاوز بضعة آلاف، وليس تسليحهم ثقيلاً. أعني أن مواجهة سورية تركية ستكون لصالح دمشق إن لم يتدخل حلف الناتو و«إسرائيل» التي تربطها بتركيا معاهدة دفاع مشترك موقعة خصيصاً لمواجهة الخطر السوري على كليهما’’.