الائتلاف الحكومي بسبب معارضته التوقيع على»الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية» تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة الذي تم توقيعه في مدينة مراكش المغربية. و أمر الملك رئيس الوزراء بمواصلة تصريف أعمال بلجيكا حتى موعد الانتخابات السابقة لأوانها.
و كان الحزب الفلمندي قد هدد شارل ميشال في عديد المناسبات قبل التصويت على النص النهائي للاتفاق العالمي و أعلن انسحابه من الحكومة يوم 9 ديسمبر وشارك سوم الأحد 16 ديسمبر في مظاهرة بالعاصمة بروكسل ضد الإتفاق ضمت 5000 متظاهر من بينهم عناصر من حزب «فلامس» المتطرف. و يعتبر الحزب الفلمندي أن الإتفاق العالمي يمس من سيادة البلاد و أنه «يعطي أولوية للمحافظة على ثقافة المهاجرين و يمنح حقوقا اجتماعية للمهاجرين غير النظاميين».
أما حزب «فلامس» المتطرف، فقد أطلق عريضة على الانترنت طالب فيها بتوقيع 100 ألف شخص ضد الاتفاق العالمي للهجرة و حصل على 150 ألف توقيع. وهو ما جعل الحزب الفلمندي يبادر بالخروج من الحكومة خشية أن يستقطب حزب «فلامس» المتطرف آراء الغاضبين و القوميين في انتظار الانتخابات المحلية و الفدرالية المبرمجة لشهر ماي 2019.
هشاشة الوضع السياسي البلجيكي
و لم يتمكن شارل ميشال من الصمود أمم معارضة حزب الفلمنديين الجدد الذي يعتبر أول تشكيلة في البرلمان (31 نائبا) وهو يرأس حكومة أقلية تخضع لرغبات و أهواء الوزراء الفلمنديين و تضعف مردود رئاسة الوزراء منذ مدة. و إثر انسحابهم لم يتبق للوزير الأول إلا مساندة 52 نائبا على 150. و تجدر الإشارة هنا أن بلجيكا أصبحت مشهورة بعدم استقرار حكومتها. في آخر أزمة حكومية ، بين 2010 و 2011، بقيت البلاد بدون حكومة مدة 541 يوما على التوالي.
وبذلت حكومة شارل ميشال جهودا خلال المفاوضات حول الاتفاق العالمي للهجرة تمكن فيها من مطابقة النص للقوانين البلجيكية خاصة فيما يتعلق بالإبقاء على تجريم الهجرة غير النظامية و العمل باعتقال الأطفال و الحد من لم شمل الأسر. و لم يمكن ذلك شارل ميشال من الحفاظ على التوازن الحكومي الهش بعد أن تعددت التهديدات و حتى «الإهانات» من قبل بعض الوزراء الفلمنديين الذي خططوا للانسحاب من الحكومة من أجل المحافظة على مبادرتهم أمام زحف حزب «فلامس» المتطرف.
و برر حزب الفلمنديين موقفه بالمعارضة الشرسة التي يلقاها الاتفاق العالمي للهجرة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا و سويسرا و استونيا و ليتوانيا و سلوفاكيا و النمسا وبولندا و المجر و كرواتيا و بلغاريا و رومانيا و جمهورية التشيك. وهو وضع جديد يشكل رهانا أمام وحدة و تضامن الإتحاد الأوروبي بسبب تعدد التصريحات المتأتية من أحزاب المعارضة في فرنسا وألمانيا و بريطانيا و حتى في صلب الحكومة الإيطالية. و سوف يواصل شارل ميشال تصريف الأعمال على رأس الحكومة البلجيكية إلى موعد الانتخابات التي سوف تنظم قبل شهر ماي 2019.