المطبق الذي لزمه منذ عودته من الأرجنتين وأحداث ثاني سبت أسود عاشته فرنسا بسبب حركة السترات الصفراء ظاهرة غير مسبوقة تنم عن مأزق سياسي خطير تعيشه ولاية الرئيس أيمانويل ماكرون. فبعد صور المواجهات بين قوى الأمن التي بينت بحسب تعبير البعض في الصحافة الفرنسية والدولية مظاهر تمرد وانتفاضة، طرحت على ايمانول ماكرون تحديات قوية للخروج من الأزمة وإطفاء لهيب الاحتجاجات.
أما التحدي الثاني فيطال المعالجة السياسية. فمنذ أن اندلعت هذه الازمة رفض ايمانول ماكرون ورئيس حكومته أي تراجع عن مقاربتهم الضريبية وأصروا في خرجاتهم الاعلامية ان يتبنوا لغة الحزم وعدم التراجع والإبقاء على هذه السياسة الضريبية. وجاءت أحداث السبت الماضي والضغط الذي مارسه أقطاب المشهد السياسي الفرنسي على ايمانويل ماكرون فتمخض هذا الوضع عن تراجع ملحوظ حيث تم الإعلان عن تعليق زيادة الضرائب عن الوقود في خطوة أريد منها ان تكون مؤشر تهدئة وعربون تنازل وتغيير في السياسات المتهمة بإثقال كاهل الطبقات الفقيرة والمتوسطة بعبء الضرائب.
والتساؤل الذي يلهب الاوســاط السيـــاسية الفرنسية هل هذه الخطوات التي اتخذتها حكومة ادوار فليب قادرة على نزع فتيل الازمة وإقناع حركة السترات الصفراء بالبقاء في منازلهم وعدم النزول إلى الشارع السبت المقبل؟ يواجه هذا التساؤل شكوكا كبيرة انطلاقا من ظاهرة مقلقة للرأي العام الفرنسي تبين أن حركة السترات الصفراء منقسمة على حالها بين مكون معتدل يريد التفاوض مع الحكومة والتوصل إلى حل يرضي الجميع وبين مكون راديكالي يطالب باستقالة الرئيس ايمانول ماكرون و خروجه من المشهد السياسي كشرط أساسي قبل التخلي عن منطق هذا الاحتجاجات. ولعل هذا الفصيل المنتظر هو الذي كان وراء إلغاء اللقاء بين رئيس الحكومة ولجنة ممثلة لحركة السترات الصفراء.
فرنسا تشد انفاسها في انتظار السبت المقبل وتتمنى أن يكون اقل عنفا وهيجاناً وخرابا من السبت الماضي. مع شعور حاد بان ايمانول ماكرون يعيش أحرج فتراته السياسية منذ بداية الولاية.