قبيل قمة يوم غد للمصادقة النهائية على اتفاق «البريكست»: مستقبل العلاقة بين الاتّحاد الأوروبي والمملكة البريطانية المتحدة بعد الانفصال

يستمرّ الجدل في بريطانيا حول اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي قبل يوم واحد من قمّة مرتقبة يوم غد الأحد للمصادقة على اتفاق انفصال

المملكة المتحدة بصفة رسمية عن القلعة الأوروبية، وأيضا إعلان الخطوط العريضة وتفاصيل مرحلة مابعد «البريكست» خاصة فيما يتعلق بعلاقة بريطانيا بدول الاتحاد الاوروبي.

صادقت الحكومة البريطانية على مشروع الاتفاق حول البريكست المبرم بين طرفي التفاوض على أن يتم تحويله للبرلمان للمصادقة النهائية، ظهرت الى السطح موجة معارضة ورفض شديدين على المستوى الداخلي لفحوى الاتفاق .وأعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك عن انعقاد مجلس أوروبي خارق للعادة يوم غد الأحد 25 نوفمبر للمصادقة الجماعية على النص النهائي.

بالإضافة الى الانتقادات الداخلية الحادة وموجة الاستقالات التي هزّت حكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي قبل حوالي أربعة أشهر من خروج بريطانيا المقرر في 29 مارس 2019 ، لاقت مسودة الاتفاق ايضا رفضا خارجيا خاصة من جهة الحكومة الاسبانية بخصوص مصير جيب جبل طارق في إسبانيا وحقوق صيد السمك للأوروبيين في المياه البريطانية.

 

وأكدت تيريزا ماي في تصريحات لها أنّها «سنحمي السيادة البريطانيّة على جبل طارق» بعد بريكست. وهو ما أثار غضب السّلطات الاسبانية الّتي هدّدت بمعارضة اي اتفاق حول ‘’البريكست’’ إذا لم يمنحها بشكل صريح حق الفيتو في المفاوضات المستقبلية حول مصير الجيب الواقع في جنوب إسبانيا.
وقال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك خلال قمة في بروكسل إن النص «تم الاتفاق عليه على مستوى المفاوضين والقبول المبدئي به على المستوى السياسي بشرط موافقة القادة» عليه خلال قمة خاصة تعقد يوم غد الأحد في بروكسل.

ووزع مشروع «إعلان سياسي» من 26 صفحة أعده فريقا التفاوض على العواصم الأوروبية امس الاول الخميس، غداة زيارة خاطفة لماي إلى بروكسل.وسيتم ضمّ الوثيقة إلى «اتفاق وانسحاب المملكة المتحدة الواقع في نحو 600 صفحة والقاضي بفك الروابط التي بنيت خلال أربعين عاما منذ انضمام بريطانيا إلى الاتحاد.

ويطالب شق داخل المملكة المتّحدة بتنظيم استفتاء ثان للعودة الى الاتحاد الاوروبي مشككين في الاتفاق الذي تعمل حكومة تيريزا ماي على صياغته منذ سنتين ،ومارافقه من حملة ضغط على الحكومة ورفض داخلي كبير لأغلبية بنود الاتفاق الذي تحاول ماي جاهدة تمريره للبدء في مرحلة مابعد البريكست ووضع الخطوط العريضة التي ستلي مرحلة الانفصال البريطاني عن القلعة الاوربية وايضا دراسة التأثيرات القريبة والبعيدة لهذه الخطوة.

اذ لاشكّ في أنّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد فوز معسكر «الخروج» على معسكر «البقاء» ، غيّر وسيغير خطوط المشهد السياسي البريطاني في مرحلة أولى والعالمي في مرحلة ثانية كما كان له تداعيات سياسية واقتصادية عدة باعتبار المملكة إحدى قاطرات التكتل الأوروبي والفاعل الاستراتيجي على المستوى الأوروبي، والنموذج على المستوى الديمقراطي ، في وقت تتنامى فيه حدّة النزعة الانفصالية عن القارة العجوز ووضعها أمام تحدّي الحفاظ على الوحدة وحرب النأي بالوحدة الأوروبية عن التجاذبات الإقليمية والدولية.

المشهد السياسي البريطاني عاش على وقع اضطرابات مستمرة منذ الإعلان عن خروج المملكة من الاتحاد الاوروبي ، ممّا أحدث شرخا عميقا وانقساما جغرافيا حادّا في البلاد بين مؤيدي البقاء ورافضيه.

ويرى مراقبون أنّ الانقسام الذي أحدثه الاستفتاء غذى الصراع السياسي داخليا ، و فتح الباب أمام تصدع الاتحاد الأوروبي بعد خمسين عاما على البناء الشاق، حيث طالبت اسكتلندا بالانفصال عن بريطانيا، وتأييد البقاء داخل الاتحاد الأوروبي .

تنامي النزعة الانفصالية بات يمثل تهديدا حقيقيا للقارة الأوروبية بعد خروج المملكة المتحدة ، خصوصا مع وجود أطراف داعمة ومحرّكة لذلك، ونعني بذلك اليمين المتطرّف الذي سطع نجمه في انتخابات عدة دول غربية في الآونة الأخيرة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115