أردوغان في ثاني زيارة يؤديها الى تركيا خلال 3 أشهر .وتاتي الزيارة التي اكد بيان رسمي انها ستتناول الملفات الاقليمية والعلاقات الثنائية في وقت تشهد فيه المنطقة العربية متغيرات جادة اقتصاديا وسياسيا لعل اهمها قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول . ويعتبر متابعون للشأن التركي أنّ هذه القمة المصغرة بين الرئيسين التركي والقطري تتنزل في اطار محاولات الجانبين الاستفادة من ثمار قضية خاشقجي بالضغط على الجانب السعودي والحصول على تنازلات .
وتعيش الدوحة منذ 5 جوان 2017 عزلة اقتصادية وسياسية حادة فرضتها دول الخليج عليها بعد ان اقدمت دول خليجية هي السعودية والبحرين والإمارات واليمن بالإضافة الى مصر وليبيا الى قطع علاقاتها مع قطر. صدمة مدوية في الشرق الأوسط، انعكست بشكل لافت على حالة الاسواق المالية الخليجية التي شهدت توترا وانهيارا في اسعار البورصة ..وبحسب البيانات الرسمية انذاك فان قطع العلاقات جاء بسبب تدخل قطر في الشؤون الداخلية ودعم الارهاب ..وجاء هذا الإعلان أسبوعا بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الى المنطقة وما أعقبها من أزمة كلامية بين الدوحة وجيرانها الخليجيين بسبب تصريحات نسبت الى أميرها تميم بن حمد آل ثاني الشهر الماضي قال فيها إنه «من غير الحكمة معاداة إيران ورفض تصعيد الخلاف معها».وقالت تلك الدول انذاك أن الدوحة باتت تمثل ‘’تهديدا للأمن القومي’’ متهمة اياها بدعم الجماعات المتطرفة ، والتدخل في الشأن الداخلي للدول ما دفعها الى قطع العلاقات الاقتصادية والسياسية معها .
وفي خضم هذه الازمة كانت تركيا من الدول التي دعمت قطر سياسيا واقتصاديا باعتبار العلاقات الثنائية المتماسكة بين البلدين منذ سنوات ، كما ان الدوحة كانت من اكثر الدول التي ساندت انقرة في ازمتها الاقتصادية الاخيرة والتي تسببت في انهيار غير مسبوق لليرة التركية . ويرى متابعون ان الجانبين التركي القطري يحاولان استغلال قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في تركيا للضغط وكسب نقاط قوة تُخرج الدوحة من الحصار الخليجي المفروض عليها منذ أكثر من سنة ، مقابل الصمت التركي فيما يتعلق بخبايا قضية مقتل خاشقجي.
العلاقات التركية القطرية
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي السوري د. سومر صالح في تصريح لـ’’المغرب’’ أن ‘’العلاقات القطرية التركية هي علاقات استراتيجية وهامة فعندما كانت قطر في أزمة الحصار الخليجي عليها تدخلت آنذاك تركيا وبنت تركيا قواعد عسكرية في قطر ابان التهديد العسكري الخليجي ضد الدوحة كما أجرت عدة مناورات عسكرية مشتركة بين الطرفين ‘’.
وأضاف انه عندما وقعت أنقرة في أزمة اقتصادية وسياسية تدخلت قطر وضخت على الأقل 15 مليار دولار لدعم اقتصاد تركيا المنهار وإنقاذ حليفها اردوغان من السقوط الاقتصادي بالإضافة الى أنهما طرفان أساسيان في الحرب على سوريا على اعتبار انهما يدعمان جماعة الاخوان المسلمين الجماعة الارهابية ، كما انهما حليفان يتصارعان ضدّ السعودية،كما تتميز العلاقة بينهما بانهما حليفان لأمريكا.
وتابع محدثنا ‘’إذن هذه طبيعة العلاقة القطرية التركية بعد العام 2015، بالتالي عندما يكون هناك زيارات متبادلة بين الطرفين فان ذلك لن يخرج عن هذه الأطر الأربعة للعلاقة بين الطرفين ، وزيارة أمير قطر بعد حوالي 3 اشهر من أخر زيارة ل تميم الى تركيا يعني ان هناك مستجدات قد طرأت، واللافت والأكثر طرحا في وسائل الاعلام الان هي قضية الصحفي جمال خاشقجي، فعلى مايبدو هناك تسوية تركية سعودية وأيضا تسويات سعودية امريكية لإخراج قطر من دائرة الحصار الاقتصادي والتهديد العسكري الذي تفرضه عليها دول الخليج ومجلس التعاون الخليجي كورقة يمكن التفاوض عليها أو كورقة يمكن ان تدفعها الرياض اليوم مقابل السكوت التركي عن خبايا قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي ‘’ وفق تعبيره .
وأضاف محدثنا ‘’حيث يبدو واضحا ان تركيا تتستر على قتلة خاشقجي وان الولايات المتحدة الأمريكية ايضا تماطل وتتستر على من يقفون خلف قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي ، فهنالك العديد من الامور التي يتم التفاوض عليها بين تركيا والسعودية من جهة وبين الولايات المتحدة الامريكية والسعودية من جهة أخرى،كل منهما يحاول تحصيل أكبر قدر ممكن من الاثمان الاقتصادية والسياسية والإستراتيجية في المنطقة للسكوت على قتلة خاشقجي ، وعلى مايبدو ان تركيا تريد الزعامة الاسلامية في هذا التوقيت وتريد فك الحصار عن قطر ثانيا وتريد ايضا احتكار تشكيل وفد المعارضات السورية في ما يسمى مسار الحل السياسي في سوريا’’ ..
فرضيات مطروحة
وتابع الكاتب السوري «لذلك: نستطيع وضع اسباب زيارة امير قطر الى تركيا في هذا التوقيت ضمن الأطر الخاصة بالأزمتين القطرية والتركية بالإضافة الى مستجدات العملية السياسية في سوريا، فعلى مايبدو كما قلنا هناك محاولات لاحتكار تشكيل الوفد المعارض لما يسمى اللجنة الدستورية -لجنة مناقشة الدستور- وهناك أيضا متعلّقات بالموقف المٌشترك من العقوبات الأمريكية المفروضة على ايران فعلى مايبدو هناك مناقشات ايرانية قطرية في هذا الموضوع لان ايران كان مساعدة لقطر في ازمتها وتركيا أعلنت صراحة أنها لن تقطع علاقاتها بطهران بالتالي سيتم بحث هذه القضية خلال هذه القمة الثنائية».
وختم محدثنا بالقول ان هذه قمة ثنائية عادية رغم أن هنالك فرضية يجب عدم إغفالها ، مشيرا الى انه في حال تفاقمت الأزمة السعودية فان ذلك سيجعل الرياض تضغط بورقة التدخل العسكري ضد الدوحة، فإذا بقي الابتزاز التركي ضد الحكم في السعودية في اعلى مستوياته قد يجعل السعودية تتجه نحو عمل عسكري ضد الدوحة للضغط على تركيا وإيجاد تسويات بخصوص الملفات الشائكة بين الطرفين على حد قوله .